وقف العدوان: خروقات ميدانية ومشاريع سياسية لفرض الوصاية الدولية على غزة
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
6 نوفمبر 2025مـ 15 جماد الاول 1447هـ
لم يُطفئ اتفاق وقف العدوان في قطاع غزة نيران العدوان الدي دام عامين، إذ ما تزال آثار العدوان الصهيوني تتجدد في الميدان والسياسة والإنسان، ففي الوقت الذي تتحدث فيه واشنطن عن “هيئة حكم انتقالية وقوة استقرار دولية”، يعيش أهالي القطاع تحت القصف المتقطع وحرمان المساعدات، في مشهد يُعيد إنتاج الحصار بأدوات جديدة.
خروقات ميدانية واستهدافات متكررة
ورغم مرور أسابيع على اتفاق وقف العدوان الذي أوقف حرب الإبادة الصهيونية ضد غزة، لم تتوقف آلة الاحتلال عن خرق الاتفاق عبر قصف منازل في المناطق الشرقية للقطاع، خصوصاً في حي الشجاعية وبيت حانون.
وشهدت الساعات الأخيرة تدمير ما لا يقل عن 17 منزلاً بفعل القصف المدفعي والطيران المسيّر، ما أسفر عن استشهاد 9 مدنيين وإصابة العشرات، وفق وزارة الصحة في غزة.
وتأتي هذه الخروقات في وقت تحاول فيه المقاومة الفلسطينية الحفاظ على التزامها ببنود الهدنة، معتبرة – وفق بيان لكتائب المجاهدين القسام – أن الاحتلال “يسعى إلى جرّ المنطقة لجولة جديدة من العدوان عبر استهداف المدنيين والبنية التحتية”، مؤكدةً أن المقاومة “لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام استمرار الجرائم بعد اتفاق وقف العدوان”.مشروع أمريكي لإدارة غزة
في موازاة ذلك، تواصل الولايات المتحدة تحريك مشاريع سياسية تهدف إلى فرض وصاية دولية على القطاع، بذريعة “تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار”.
ووفق ما نقلته وكالة رويترز، أعدت واشنطن مسودة قرار لمجلس الأمن تقترح إنشاء “هيئة حكم انتقالي” تدير غزة لمدة عامين بإشراف قوة دولية، وهي خطوة تُنظر إليها فلسطينياً على أنها محاولة لشرعنة الاحتلال بشكل جديد وتقويض سيادة المقاومة.
المسودة – التي ما تزال قيد المراجعة ولم تُعمم رسمياً بعد – تتضمن كذلك بنوداً تتعلق بتسليم سلاح المقاومة، وتحديد مهام “المرحلة الانتقالية” بما يشمل ضبط الأمن والمعابر، الأمر الذي ترفضه المقاومة الفلسطينية رفضاً قاطعاً.
وقال مسؤول في حماس إن “الحديث عن إدارة دولية للقطاع هو تجاوز لكل التضحيات الفلسطينية، ومخطط لتصفية القضية تحت عنوان الإعمار”، بينما وصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المقترح بأنه “عودة للاحتلال عبر البوابة الدبلوماسية”.
عرقلة المساعدات والجهود الإنسانية
في الوقت الذي تتحدث فيه الأمم المتحدة عن “هدنة إنسانية”، تواصل سلطات الاحتلال خنق القطاع عبر تشديد قيود دخول المساعدات. وكشفت صحيفة هآرتس العبرية أن العدو الإسرائيلي فرض إجراءات جديدة أجبرت عشرات المنظمات الإنسانية على وقف نشاطها في غزة والضفة الغربية، رغم حصولها سابقاً على الموافقات الرسمية.
ووفق التقرير، تلزم سلطات الاحتلال تلك المنظمات بتقديم تفاصيل دقيقة عن موظفيها وعائلاتهم، ما أدى إلى تجميد دخول آلاف الأطنان من المواد الغذائية ومعدات الإغاثة، لتبقى متكدسة عند معبر كرم أبو سالم. ويؤكد مراقبون أن هذا الإجراء يعكس سياسة صهيوينة ممنهجة لمعاقبة السكان بعد الحرب وابتزاز المجتمع الدولي سياسياً.
وحذرت منظمات الإغاثة الدولية من أن الوضع الإنساني في القطاع “يسير نحو مجاعة بطيئة”، بحسب تقرير لبرنامج الأغذية العالمي الذي أكد أن أكثر من مليون فلسطيني تلقوا مساعدات غذائية منذ بدء الهدنة، لكن الكميات لا تتجاوز نصف ما تحتاجه غزة لتغطية احتياجاتها الأساسية.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن نحو 1.9 مليون فلسطيني ما زالوا نازحين داخلياً، فيما دُمّر أكثر من 58% من المساكن كلياً أو جزئياً. ومع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد المخاوف من تفشي الأمراض في مخيمات الإيواء التي تفتقر إلى مياه نظيفة وصرف صحي.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، لين هاستينغز، إن “القيود الصهيونية الجديدة تهدد بتعطيل العمليات الإنسانية بالكامل، ما يفاقم المعاناة التي خلفها العدوان”.
