الخبر وما وراء الخبر

بوتين يُصدر تعليمات للتحضير لتجارب نووية.. تصعيد نوعي ورسائل ردع متبادل

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

6 نوفمبر 2025مـ 15 جماد الاول 1447هـ

في تصعيدٍ نوعي يضع التوازن النووي العالمي على المحك؛ أعلنت وكالة الأنباء الروسية “تاس”، اليوم الأربعاء، أنّ الرئيس فلاديمير بوتين أصدر تعليمات للجهات الحكومية والأمنية بإعداد مقترحات للتحضير لاستئناف التجارب النووية.

إعلانٌ جاء خلال اجتماع استثنائي وغير دوري لمجلس الأمن الروسي، ويأتي كـ “ردع تنفيذي” على ما وصفته القيادة الروسية بنوايا الولايات المتحدة للعودة إلى التجارب النووية؛ وبينما يؤكّد بوتين التزام بلاده بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية؛ فإنّ أوامره المباشرة بدراسة استئناف التجارب تُنقل الملف من إطار الخطاب الردعي إلى المجال التنفيذي والتحضيري.

وبحسب الوكالة الروسية؛ فالرئيس بوتين أصدر خلال الاجتماع “الاستثنائي والطارئ” لمجلس الأمن الروسي، توجيهات مزدوجة تحمل رسائل متضادة ومقصودة في آنٍ واحد، الالتزام المعلن، روسيا لا تزال ملتزمة التزامًا تامًا بـ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ولا تعتزم الانسحاب منها.

وفي الوقت نفسه، أصدر توجيهًا لـ وزارة الخارجية، وزارة الدفاع، أجهزة الاستخبارات، والهيئات المدنية بتقديم مقترحات تتعلق بـ “إمكانية العودة لإجراء التجارب النووية”، ويهدف هذا التوجيه إلى الانتقال بالملف النووي من إطار “الردع الخطابي” إلى مجال “الردع التنفيذي” وتقديم توصيات فعلية للبدء في التجارب لاحقًا، وفقًا لمراقبين.

التوجيهات الروسية جاءت كرد فعلٍ مباشر ومقصود على الخطوات والتصريحات الأمريكية الأخيرة، والمتمثلة بنيّة واشنطن للعودة، حيث أشار وزير الدفاع الروسي إلى نية الولايات المتحدة العودة للتجارب النووية، خصوصًا وأنّ واشنطن لم تصادق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، ودعا الوزير إلى البدء الفوري في الإعداد لعودة التجارب في ميدان “نوفايا زيمليا” المعروف.

ويرى الكرملين الروسي أنّ إعلان البنتاغون الأمريكي عن ضرورة إجراء تجربة لصاروخ “مينتمان 3” العابر للقارات، والذي يحمل رأسًا نوويًا، هو بداية لانتهاك معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية؛ إذ يرى “صقور الداخل الروسي” أنّ العودة للتجارب النووية “بدلاً من استخدام السلاح النووي التكتيكي”، هي طريقة لإرسال رسالة ردع قوية إلى الدول الغربية، وتحديدًا “الناتو”؛ بسبب تدخلهم في حرب أوكرانيا.

وتختلف هذه الخطوة عن التراشق التقليدي بالتصريحات، حيث تحمل رسائل مقصودة على المستويين الداخلي والخارجي؛ فعُقد الاجتماع بشكّلٍ عاجل في الكرملين، وقرار بوتين أنّ يكون الإعلام الروسي حاضرًا لتغطية الاجتماع والأوامر المباشرة؛ فإنّ هذا خروج عن المألوف، حيث نادرًا ما يتم الإعلان عن اجتماعات الملف النووي والشؤون الأمنية الحساسة على الملأ.

ويرى مراقبون أنّ الخطوة تمثل تتويجًا لإجراءات قد تكون تجري في الخفاء، وتضع الولايات المتحدة في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، حيث تلومها موسكو على انتهاك مبدأ الالتزام المتبادل.

غير أنَّ الاجتماع جاء أيضًا بعد احتفال روسيا بعيد الوحدة الشعبية، وقبيل أسابيع قليلة من إدخال صاروخ “سارمات” العابر للقارات إلى الخدمة القتالية، والإعلان عن بدء الإنتاج المتسلسل لصاروخ “أوريشنك” الفرط صوتي، وهذه رسائل مجمعة تؤكّد على التضامن الوطني ورفع القدرات العسكرية الرادعة.

وعلى الرغم من هذا التصعيد، إلا أنّ تقارير الخبراء تشير إلى أنّ لا روسيا ولا الولايات المتحدة مستعدتان حاليًا لإجراء هذه التجارب، وأنّ البلدين يحتاجان إلى فترة تزيد عن العام الواحد على الأقل؛ مما يؤكّد أنّ الخطوة الحالية هي في سياق الردع المتقابل الخطابي والتحضيري.