الخبر وما وراء الخبر

(مع الشعار منذ الصرخة الأولى) (الحلقة الثانية)..

23

بقلم// فاضل الشرقي

عندها طُبع الشعار وانتشر بشكل غير مسبوق, وتهافت عليه الناس يلصقون ه في براقع جنابيهم وعلى أسلحتهم وسياراتهم, وجدران منازلهم ومساجدهم ومقتنياتهم الشخصية حيث حذر السيد من وضع هذه الملصقات على حق الغير والأماكن الخاصة إحتراما للنهج السلمي وحرية التعبير عن الرأي واحترام الآخرين، وتنوعت الوسائل والأساليب وفق نمط محدد وموحد, وطبع الشعار على الفنائل الجسمية الداخلية والولاعات, والأقلام والميداليات, وجداول حصص مدرسية ودفاتر, كانت تطبعها مكتبة الوحدة في حينه وتبيعها لمن أحب اقتنائها فقط, دون أن يفرض على أحد, ثم تطور العمل وارتقى بأسلوب سريع وحكيم, ووجه السيد بكتابة عبارات الشعار الخمس على الجدران والخطوط والأحجار والجبال وفي كل مكان ما أمكن ذلك على أن يترافق معه توعية قرآنية ونشر الدروس والمحاضرات (الملازم) على كل الناس وكل فئات وطبقات المجتمع دون تمييز بين سنة وشيعة وموظفين ومسؤولين في كل قطاعات الدولة, وضباط ومثقفين وعلماء وسياسيين….الخ وأحرز نمواً مطرداً وتقدماً ملحوظاً, مع توسع ترديد الشعار في المساجد بعد صلاة الجمعة وفي الاجتماعات, عندها قررت السلطة الدخول في المواجهة المباشرة لتقيد حركة الشعار وتحد من نفوذه.

المواجهة المباشرة:

بعد أن عجزت السلطة, عبر أدواتها الإعلامية والدعائية, ونشاطها الإستخباراتي المكثف من زرع الفتنة والعداوة والقتال بين أبناء المجتمع الواحد والقبيلة الواحدة للصد عن سبيل الله وتحريضهم المتواصل ضد المكبرين, قررت التدخل المباشر, وكثفت عبر محافظها في صعدة يحيي على العمري, وجهاز الأمن السياسي من النشاط المعادي للشعار وأعلنت حالة الإستنفار, ووجهت حتى المكاتب المدنية والخدمية للتحرك ضد الشعار, وانتشرت فرق مكثفة في محافظة صعدة لطمس ومسح عبارات الشعار في كل شوارع المحافظة, وطلائها بالمعجون البلاستيكي والبوية بما فيها الله أكبر النصر للإسلام, جاء ذلك بعد زيارة قام بها السفير الأمريكي (آدمند هول) لمحافظة صعدة، وأبدى غضبه واستياءه من توسع حركة الشعار المناهض لسياسة بلده العدوانية، فحصل عكس النتيجة المرجوة حيث استاء الناس من هذا التصرف الأرعن, وكسب الشعار الكثير من المؤيدين والأنصار, وأعاد المجاهدون كتابة العبارات بشكل أوسع مما كان عليه, وظهر أعداء الشعار عاجزين في هذا الميدان، تمر هذه الأحداث جاء بالتزامن مع العدوان العسكري الأمريكي على الشعب العراقي في العام2003م, وخرجت المظاهرات والمسيرات الشعبية المنددة بالعدوان في كل المحافظات اليمنية, وقد ظهر الشعار يتقدم هذه الجموع ويرفرف فوق الساحات ويعلوا في كل المظاهرات في كل مدن اليمن, وكسب الشعار شرعية أقوى وبرز الموقف الوحيد والتحرك الأمثل في الإتجاه الصحيح, وفي المقابل توسع الشعار وتمدد إلى أغلب المساجد في محافظة صعدة, وكان جامع الإمام الهادي(ع) محط رحال المكبرين هذه المرة, إضافة إلى بعض المساجد داخل المدينة القديمة, وما أن يكمل الخطيب خطبتي الجمعة حتى تصدح الحناجر وتعلوا قبضات الأباة بالصرخة مرددين الشعار (الله أكبر, الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود, النصر للإسلام), وكانت هذه قفزة نوعية للشعار وشجاعة عالية في أداء الواجب الديني, حينها تلقت قيادة المحافظة التوجيهات العلياء بالحسم السريع, وإحكام القبضة الأمنية والعسكرية والبوليسية على جامع الإمام الهادي (ع) بالمحافظة, وصدرت التوجيهات بإعتقال كل من يردد الشعار أو يحمله ويناصره, وتوجهت قوة أمنية مدعومة بعناصر الأمن السياسي لتفتيش كل المصلين أثناء دخولهم الجامع واعتقال من يشتبه فيه ومن يردد الصرخة, وفعلا حصلت الإعتقالات إلى سجن الأمن السياسي في كل جمعة, إلا أن ذلك لم يكن خياراً مجدياً وناجحاً مع من يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله, ممن لا يخافون في الله لومة لآئم, واستمر المجاهدون في ترديد الشعار كل جمعة والتدفق إلى جامع الهادي من كل حدب وصوب فيما الإعتقالات مستمرة, حتى أكتظ سجن الأمن السياسي بجموع المكبرين, رغم الإعتداء الفظيع الذي كان يمارس بحقهم داخل الجامع في بيت الله وسط جموع المصلين, وداخل أقبية الأمن السياسي حتى أصيب بعضهم من شدة التعذيب بالمرض والشلل.

حينها ومع اقتراب موعد الحج, قرر الرئيس السابق (صالح) أن يحج إلى صعدة أولاً, ثم يتوجه بعدها إلى بيت الله العتيق عبر منفذ البقع الحدودي, مصطحبًا معه الشيخ عبدالله ابن حسين الأحمر, وعبدالكريم الإرياني, وعبد المجيد الزنداني, وتعمد النزول في يوم الجمعة وقرر الصلاة في جامع الإمام الهادي لفرض هيبته وجبروته لعل ذلك يحول بين المكبرين ورفع الشعار في حظرته, وفي تلك الأثناء ساد لغط واسع بين صفوف المواطنين متسائلين ماذا سيصنع المكبرون هذه المرة؟

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com