الحسني: افتراق أمريكي أوروبي يتبلور في قراءة سياسة ترامب وصعود التيار الانعزالي

15

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
24 ديسمبر 2025مـ – 4 رجب 1447هـ

رأى الكاتب والمحلل السياسي طالب الحسني أن المشهد الدولي يشهد افتراقًا متزايدًا بين الولايات المتحدة وأوروبا، بفعل السياسات التي انتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدًا أن ما يجري ليس تطورًا طارئًا، وإنما مسار بدأ يتشكل منذ سنوات طويلة، وتظهر ملامحه اليوم بشكل أوضح.

وأوضح الحسني في مداخلة على قناة المسيرة، أن ترامب لا يمثل مجرد شخصية سياسية عابرة، وإنما يعبر عن تيار أمريكي متكامل، تقوده مجموعة فكرية وسياسية محيطة به، وهو التيار نفسه الذي صاغ الاستراتيجية الأمريكية الجديدة للأمن القومي، مشيرًا إلى أن هذه الرؤية لا تخص فريق ترامب فقط، وإنما تعكس توجّهًا أوسع داخل المؤسسة الأمريكية.

وأشار إلى أن هذا التيار سبق أن حذرت منه مستشارة الأمن القومي الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، التي نبّهت إلى مخاطر صعود النزعة الانعزالية داخل الولايات المتحدة، موضحًا أن هذا التيار يتقاطع مع أوروبا في بعض الملفات، ويختلف معها في ملفات أخرى، ما عمّق فجوة الخلاف بين الجانبين.

وبيّن أن القارة الأوروبية لم تكن يومًا منسجمة بالكامل مع السياسة الأمريكية، إذ إن أحزاب اليسار والحكومات ذات التوجه اليساري في أوروبا غالبًا ما اختلفت مع واشنطن، سواء في السياسة الخارجية أو في قضايا دولية متعددة، في حين حافظت مجموعة محددة من الدول، عُرفت بـ”الثرويكا”، إلى جانب بريطانيا، على تحالف أوثق مع الولايات المتحدة، بدافع السعي للحفاظ على النفوذ والمكانة الدولية.

وأضاف أن ما يجري حاليًا يعكس تموضعًا أوروبيًا مختلفًا، قائمًا على إدراك متزايد بضرورة الخروج من حالة الاتكالية على الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل كانت قد دعت في وقت سابق إلى بناء جيش أوروبي مستقل، كما طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرؤية نفسها، في سياق تعزيز الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي.

وأكد أن أوروبا تتعرض اليوم لضغوط متعددة، تبدأ من السياسات الاقتصادية الأمريكية، بما فيها التعرفات الجمركية، ولا تنتهي عند دعم واشنطن لأحزاب اليمين المتطرف داخل الدول الأوروبية، وهي الأحزاب التي تشهد صعودًا لافتًا بعد سنوات من التراجع.

وأوضح أن هذا الصعود يرتبط بشكل مباشر بملف الهجرة، حيث تتلاقى مواقف ترامب مع أجندات اليمين المتطرف الأوروبي في مواجهة المهاجرين، ما أسهم في إعادة هذه الأحزاب إلى المشهد السياسي والبرلماني بقوة، في ظل تحولات داخلية عميقة تشهدها القارة الأوروبية.

وشدد على أن هذه التحولات ترسم ملامح مرحلة جديدة في العلاقات الأمريكية–الأوروبية، تتسم بتراجع الثقة، وتنامي النزعة الاستقلالية الأوروبية، في مقابل تصاعد التيار الانعزالي داخل الولايات المتحدة.