واشنطن” تكثف حرب النفط على “كاراكاس”: لماذا الحصار الأمريكي على فنزويلا؟

1

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
17 ديسمبر 2025مـ – 26 جماد الثاني 1447هـ

وصلت أزمة فنزويلا مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الذروة، مع إعلان الرئيس الأمريكي ترامب فرض حصار بحري خانق على كاراكاس، ومنع جميع ناقلات النفط من دخول أو مغادرة فنزويلا، في حصار كامل وشامل على كل ناقلات النفط التي تدخل فنزويلا أو تخرج منها.

واعتبرت فنزويلا هذا الحصار “غير عقلاني”، واصفة الخطوة الأمريكية بأنها “تهديد بشع”، مشيرة إلى أن ترامب يحاول فرض حصار عسكري مزعوم على فنزويلا بطريقة غير عقلانية، بهدف سرقة الثروات التي هي ملك لوطنهم.

ومنذ احتجاز الولايات المتحدة ناقلة نفط خاضعة للعقوبات قبالة فنزويلا قبل أيام، آثرت ناقلات أخرى محملة بالخام البقاء في المياه الفنزويلية بدلاً من المخاطرة، كما انخفضت صادرات النفط الخام الفنزويلية بشكل حاد منذ الواقعة، وتفاقم الوضع بسبب هجوم إلكتروني أدى إلى تعطيل الأنظمة الإدارية لشركة النفط الحكومية.

وعارضت الصين، اليوم الأربعاء، ما سمته أسلوب “الترهيب الأحادي” من خلال مكالمة هاتفية جرت بين وزير الخارجية الصيني ونظيره الفنزويلي، حيث أكدت المكالمة رفض بكين لأي سلوك أحادي متنمر، وتقصد بذلك سلوك الولايات المتحدة الأمريكية.

وسعت واشنطن جاهدة للإطاحة بالثورة البوليفارية منذ وصول هوغو تشافيز إلى السلطة عام 1988م، وقد جربت كل الوسائل الممكنة باستثناء الغزو العسكري الشامل، حيث دعمت الانقلاب العسكري، وانتخاب رئيس بديل، وفرضت عقوبات متعددة، ولجأت إلى تخريب شبكة الكهرباء، وإرسال مرتزقة، ومحاولة اغتيال قادة الثورة، كما جربت أمريكا كل الأساليب ضد فنزويلا للإطاحة بالحكومة.

ولجأت واشنطن إلى القوة الصلبة بعد فشل كل الأساليب السابقة، وخلال هذا العام أرسلت واشنطن سفنها الحربية لتسيير دوريات على سواحل فنزويلا، وبدأت بإغراق قوارب صغيرة وقتل كل من على متنها أثناء مغادرتها البر الرئيسي لأمريكا الجنوبية، واستولت على ناقلة نفط متجهة إلى كوبا، كما ازداد عدد الهجمات على فنزويلا، مما يشير إلى أن طبيعة التهديدات قد بلغت مستوى مختلفاً، ويبدو الأمر كما لو أن الولايات المتحدة تستعد لغزو شامل للبلاد، بحسب تقارير إعلامية فنزويلية.

ويتركز الاهتمام الأمريكي فيما يتعلق بفنزويلا على السيطرة والاستحواذ على الثروات النفطية، ولهذا نجد الحشد العسكري الأمريكي في منطقة الكاريبي من أجل نفط فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطيات معروفة في العالم. غير أن الأطماع الأمريكية لا تقتصر على النفط، وإنما تشمل السيطرة والاستحواذ على نصف الكرة الغربي، وهذا ما نلمسه في استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة لعام 2025م، التي تسعى كذلك إلى إضعاف كوبا وفنزويلا، وهما القطبان الرئيسيان لليسار في أمريكا اللاتينية.

ولا تملك الولايات المتحدة أي سلطة قانونية أو أخلاقية لإغلاق الأجواء فوق فنزويلا، لكنها إذا نجحت في منع السفر الجوي إلى فنزويلا، فإن هذا الإجراء سيضيف بعداً وحشياً آخر، إذ يتزامن مع عطلة الشتاء، حين يعود الفنزويليون المغتربون إلى ديارهم لزيارة عائلاتهم، والعديد من هؤلاء المهاجرين هم لاجئون اقتصاديون أُجبروا على مغادرة وطنهم نتيجة للإجراءات القسرية الأحادية التي تتخذها الولايات المتحدة بهدف خنق اقتصاد فنزويلا.

وقتل أكثر من 80 شخصاً منذ سبتمبر الماضي، معظمهم في مياه البحر الكاريبي على بعد أميال قليلة من الساحل الفنزويلي، وكذلك في شرق المحيط الهادئ، على يد القوات العسكرية الأمريكية. وتركت جثثهم لتغرق في قاع البحر أو لتجرفها الأمواج إلى شواطئ دول مجاورة، كما حدث بعد وقت قصير من هجوم الولايات المتحدة على السفينة الأولى، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً.

وأطلقت واشنطن على حملتها البحرية ضد فنزويلا اسم “عملية الرمح الجنوبي”، ومنذ منتصف أغسطس نشرت الولايات المتحدة آلاف الجنود وعشرات الطائرات التكتيكية وسفن المدمرات في منطقة البحر الكاريبي، تحت ذريعة مكافحة المخدرات. وتشمل هذه القوة المفرطة حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس جيرالد آر فورد”، أكبر حاملة طائرات في العالم، ومجموعتها الضاربة.

ويؤكد المسؤولون الفنزويليون أن الاستكبار الأمريكي عليهم يهدف إلى وقف تدفق النفط الفنزويلي إلى حلفاء لهم، مثل كوبا والصين، بموجب اتفاقيات سيادية، والهدف هو إعادة فنزويلا إلى زمن كانت فيه شركات النفط الأمريكية تستغل البلاد دون قيود، وكان الشعب الفنزويلي محرومًا من سيادته.

وفي عهد الرئيس الفنزويلي السابق تشافيز، أممت فنزويلا قطاع النفط والغاز عام 2007م، ما أدى إلى وضع أكبر احتياطيات نفطية في العالم ورابع أكبر احتياطيات غاز تحت سيطرتها المحلية، حيث تمول عائدات هذه الاحتياطيات الرعاية الصحية والتعليم المجانيين للشعب.