ترامب يكشف الشراكة “القديمة المتجددة” مع التنظيمات الإجرامية و”الجولاني” يتعهد بحماية الاحتلال الأمريكي.. انفضاح مستمر
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
15 ديسمبر 2025مـ –24 جماد الثاني 1447هـ
تكشف التطورات المتسارعة في المشهد السوري عن سقوط جديدٍ لسردية “مكافحة الإرهاب” التي رفعتها الولايات المتحدة لسنوات، بعدما خرجت الوقائع من دائرة التسريبات إلى مستوى الاعترافات العلنية والالتزامات المتبادلة، فضلاً عن المعطيات الميدانية في المنطقة التي أثبتت العلاقة الوطيدة بين واشنطن والتنظيمات الاجرامية.
وفي تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أقر فيها بأن “الحكومة السورية والرئيس الجديد قاتلوا إلى جانب القوات الأمريكية”، نافياً علاقة التنظيمات الاجرامية المنضوية ضمن سلطات الجولاني بالهجوم الذي استهدف الدورية الأمريكية أمس السبت في مدينة تدمر التاريخية بسوريا.
هذا التصريح يمثل إقرارًا مباشرًا بتحالف ميداني يجمع واشنطن وتنظيماتها الإجرامية، وقياداتها التي كانت مصنّفة على لوائح “الإرهاب الأمريكية” طيلة عقد كامل، بغرض ذر الرماد على العيون.
وعطفاً على كل المجريات السابقة التي أثبتت زيف العناوين الأمريكية الاستعمارية، فإن هذا الاعتراف يطيح عمليًا بكل الخطاب الأمريكي الذي سوّق للحرب في سوريا باعتبارها حربًا على التنظيمات المتطرفة، ويؤكد أن تلك الجماعات لم تكن هدفًا للضرب، وأنها أداة فاعلة في مشروع إعادة هندسة النفوذ في المنطقة لصالح الهيمنة الصهيوأمريكية.
وتكتمل صورة هذا الانكشاف مع ما أُعلنت عنه وكالة الأنباء السورية بشأن إرسال الجولاني برقية تعزية إلى ترامب في مقتل جنود أمريكيين في تدمر، متعهدًا بالحفاظ على أمن وسلامة القوات الأمريكية في سوريا.
دلالة هذا المشهد تتجاوز المجاملة السياسية إلى مستوى الشراكة الأمنية، إذ يظهر الجولاني نفسه ضامنًا لأمن قوات دولة كان يقول إنها تقاتله ويقاتلها.
هنا لا يعود الحديث عن تقاطع مصالح عابر، وإنما علاقة تنسيق عميقة خرجت إلى العلن بعد أن أُنجزت مهمتها الأساسية، والمتمثلة في إسقاط الدولة السورية وتمكين حلفاء واشنطن الجدد من الإمساك بالسلطة، لأهداف استراتيجية تتعلق بالمقاومة وخنقها من جهة، وفتح آفاق جديدة للمشروع الصهيوني من جهة أخرى.
وفي السياق ذاته، تكشف التطورات الميدانية عن تواطؤ سلطات الجولاني مع التوغلات الصهيونية في سوريا، التي وصلت إلى تخوم دمشق، بما يعكس الدور الذي تقدمه هذه الجماعات لخدمة المشروع الصهيوني التوسعي في المنطقة.
وقد سمحت هذه السياسات المكشوفة لسلطات الجولاني بتمكين الاحتلال الصهيوني من تعزيز نفوذه، وتسهيل الحضور العسكري والاستخباراتي في مناطق حساسة تتجاوز مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة غزة، ما يرسخ العلاقة بين ما يُسمّى بالقيادة الجديدة في سوريا والولايات المتحدة في إطار استراتيجية أوسع للهيمنة.
ومن الجدير بالذكر أن ترامب سبق وأن التقى بالجولاني في الرياض وفي واشنطن، حيث أشاد بقدراته ووصفه بأنه “طموح وناضج”، فيما بدا واضحًا أن هذه اللقاءات شكلت منصة لتعزيز التحالف وتأكيد الدعم الأمريكي لمشروع هذه الجماعات في سوريا، والتي قد يمتد دورها الوظيفي إلى الإقليم.
بهذين الموقفين المتلازمين، يتبدد “زيف” الحرب على الإرهاب، ويظهر الإرهاب بوصفه أداة وظيفية في الاستراتيجية الأمريكية، يُعاد تعريفه أو تلميعه أو توظيفه بحسب الحاجة السياسية، فالتعاون الذي أقر به ترامب، والضمانات الأمنية التي قدمها الجولاني، يؤكدان أن ما جرى في سوريا ليس صراعًا بين دولة وتنظيمات خارجة عن القانون، وإنما مسارًا مدروسًا لاستخدام هذه التنظيمات كقوة تغيير، قبل إعادة تدويرها في ثوب “حكم جديد” يخدم مشروعًا أوسع لإعادة تشكيل المنطقة.
