الخبر وما وراء الخبر

ما وراء الدخان: قراءة في أهداف ونتائج العملية العسكرية بالضفة

1

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
28 نوفمبر 2025مـ – 7 جماد الثاني 1447هـ

تتسم العملية العسكرية لجيش العدو الإسرائيلي في الضفة الغربية وإقرار الكنيست لقانون تمليك المستوطنين للأراضي الفلسطينية بـأبعاد استراتيجية وقانونية بالغة الأهمية، تهدف في جوهرها إلى تكريس السيطرة الإسرائيلية وتقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.

البعد الأمني والاستراتيجي: تكريس السيطرة وتفتيت الجغرافيا يُمثل العمل العسكري المتواصل في الضفة الغربية، والذي غالباً ما يترافق مع توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية الجديدة (كما يشير التقرير الأممي الذي ذكر خطط بناء لأكثر من 20,000 وحدة سكنية)، جزءاً من استراتيجية متكاملة لتحقيق سيطرة أمنية وجغرافية كاملة، ويبرز هذا البعد فيما يلي:

تضييق الخناق الأمني: تُستخدم العمليات العسكرية وحواجز التفتيش والقيود على الحركة (كما ورد في تقرير “بتسيلم”) كأدوات لـتفتيت التواصل الجغرافي بين التجمعات الفلسطينية، وتحويلها إلى “جيوب وجزر” معزولة، مما يعرقل أي محاولة لإنشاء كيان فلسطيني متواصل وقابل للحياة.

حماية التوسع الاستيطاني: تهدف العديد من الإجراءات الأمنية والقيود على حركة الفلسطينيين إلى حماية المستوطنات وخطوط سير المستوطنين، مما يمنح المستوطنين حرية الحركة والتوسع على حساب السكان الأصليين.

تقاسم الأدوار بين الجيش الصهيوني والمستوطنين: تشير التقارير إلى تقاسم الأدوار بين قوات العدو والمستوطنين، حيث يشن المستوطنون اعتداءات على الأراضي والمزارعين الفلسطينيين بطابع “أمني وعسكري”، وفي بعض الحالات يرتدي المستوطنون زي الجيش ويحملون بنادقه أثناء التحرش بالفلسطينيين. هذا يخلق بيئة من العنف المنظم تسرّع من تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، خاصةً في مناطق (C) التي تشكل 60% من مساحة الضفة.

البعد القانوني والسياسي: شرعنة الضم وتقويض القانون الدولي

إن إقرار قوانين من الكنيست تهدف إلى تمليك المستوطنين للأراضي الفلسطينية يمثل خطوة متقدمة نحو شرعنة الضم وتقويض القانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ويتضح هذا البعد من خلال:

الإدماج القانوني والمدني: يهدف نقل الصلاحيات الحكومية الإسرائيلية من الجيش إلى الحكومة (كما ورد في تقرير الأمم المتحدة) إلى الإدماج المطّرد للضفة الغربية المحتلة في الكيان الصهيوني من الناحية المدنية والقانونية. هذا يضفي طابعاً مؤسسياً على أنماط التمييز المنهجي الطويلة الأمد.

تغيير الوضع القانوني للأرض: يُمكّن قانون تمليك المستوطنين من الاستيلاء على الأراضي عبر آليات قانونية مثل إعلان الأرض “مغلقة لأغراض عسكرية” أو تصنيفها كـ”أراضي دولة” (خاصة الأراضي التي كانت تملكها الأسر عرفياً بدون وثائق رسمية). هذه القوانين تُستَخدَم لتسليم الأراضي لاحقاً إلى المستوطنين بدلاً من استعمالها العسكري الفعلي.

انتهاك القانون الدولي: تعتبر هذه السياسات الاستيطانية، والتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة، انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وفقاً لتأكيدات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية. تهدف هذه القوانين إلى إحباط إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة عبر تدمير التواصل الجغرافي والسيطرة على الموارد الحيوية، مما يشكل ضمّاً فعلياً للأرض.

العمليات العسكرية المستمرة (مثل العملية الأخيرة في طوباس والأغوار الشمالية بزعم إحباط الإرهاب) تُستخدم كغطاء وإجراء أمني يدعم ويُحصّن التوسع الاستيطاني، بينما تعمل التشريعات الإسرائيلية على إضفاء شرعية قانونية على هذا التوسع الاستيطاني والسيطرة الجغرافية، مما يجعل من الصعب جداً، إن لم يكن مستحيلاً، قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.