الخبر وما وراء الخبر

أطماع الاحتلال الاماراتي في شبوة.. أسرار السطو على منشأة بلحاف

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

24 نوفمبر 2025مـ –3 جماد الثاني 1447هـ

يواصل الاحتلال الاماراتي، السيطرة والاستحواذ والتمركُز في المواقع الاستراتيجية الهامة في بلادنا، متعمداً نهبَها وتعطيلَها، حتى لا تعودَ بالفائدة على الاقتصاد اليمني ويستفيد منها الشعب.

وتعتبر محافظة شبوة من أهم المحافظات النفطية في اليمن، وَتكتسبُ أهميّة استراتيجية، حَيثُ تمتاز بشريط ساحلي فيه أفضلُ الأماكن لصيد الأسماك، ومواقع تصلح لإنشاء ميناء بمواصفات عالمية، ولهذا فإن الاحتلال الاماراتي وأدواته، يسيطران على أكبر منشاة اقتصادية تتمثل بمشروع الغاز وميناء بلحاف النفطي، الذي يطل على بحر العرب، ويوجد في منطقة “العقلة”، ويقع بين مدينتَي عدن والمكلا.

وبدأ مشروعُ الغاز الطبيعي المسال في اليمن، كدراسات أولية ثم عمليات مسح لمواقع محتملة للإنشاء عام 1995 م كانت نتيجتها وقوع الاختيار على موقع بلحاف الواقع على بُعد 150 كم من مدينة عتق عاصمة شبوة وعلى بُعد 200 كم من المكلا عاصمة حضرموت؛ وذلك لتميزها بساحل هادئ الأمواج نسبيًّا وتتمتع بمعدل منخفض من المخاطر الطبيعية والجغرافية وبحماية طبيعية من الرياح الموسمية، الأمر الذي يغني عن الحاجة لإنشاء كاسر للأمواج والى توقف أعمال المحطة لأسباب طبيعية، إضافة إلى أن ميناء بلحاف يتميز بالعمق الطبيعي الذي يسمح باستقبال الناقلات العملاقة الخَاصَّة بنقل الغاز الطبيعي المسال بطاقة استيعابية تتراوح بين 70.000 متر مكعب و205.000 متر مكعب.

ومع العام 2004م، بدأت الخطوات العملية في المشروع الغازي بحفر ومد خط أنابيب رئيسي من القطاع 18 بمأرب، إلى منطقة بلحاف لمسافة طولها حوالي 320 كم وبقطر حوالي 1 متر (38 إنش)، وبهذا تقدر الطاقة الإنتاجية للمشروع 6.7 مليون طن، وبإيرادات تقارب أربعة مليارات دولار سنوياً.

وفي أغسطُس من العام 2005م، وقَّعت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال على عقود بيع طويلة الأجل (تمتد لعشرين سنة) مع ثلاثٍ من أكبر الشركات العالمية وهي شركة سويس للغاز الطبيعي المسال والشركة الكورية للغاز (كوغاز)، لشراء كمية ٢ مليون طن سنويًّا، وشركة توتال للغاز والطاقة المحدودة، لشراء كمية ٢ مليون طن سنويًّا، كما قامت باستئجار أربع ناقلات عملاقة لمدة عشرين عاماً لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وفقاً لعقود البيع الموقّعة مع شركة توتال الفرنسية.

وبدخول مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال حيِّزَ الوجود بطاقة إنتاجية للمشروع 6.7 مليون طن، وبإيرادات 4 مليارات دولار سنوياً، تصبح الشركة بذلك المشروع الاستثماري الصناعي الأكبر على الإطلاق في الجمهورية اليمنية.

مضاعفةُ الخسائر

ويقول الخبراءُ المختصون في الشأن الاقتصادي اليمني إن حكومة المرتزِقة سلّمت ميناء ومنشأة بلحاف، التي تغطي إيراداتها السنوية ميزانيةَ الدولة، لدويلة الاحتلال الإماراتي، في خطوة اعتبروها ضمن الحرب الاقتصادية التي ما زالت تمارَسُ ضد الشعب اليمني، مؤكّـدين أن منشأة بلحاف تعتبر رافداً اقتصادياً للشعب؛ ومن أجل ذلك تعمدت الإمارات إيقافها، وسيطرت على “بلحاف”؛ مِن أجلِ النفط والغاز، واستكمالاً لسيطرتها على جميع الموانئ البحرية، ومواردها الاقتصادية.

ولأَنَّ “بلحاف” يعد ميناءً لتصدير النفط والغاز الطبيعي والمسال، ومن ضمن الموارد الاقتصادية التي ما يزال يحتكرها العدوان الأمريكي السعودي، فقد أوقفت دويلة الاحتلال الإماراتي منشأة بلحاف الغازية منذ 2015م بداية العدوان،ومن ثَـــمَّ حوَّلتها إلى ثكنة عسكرية، وسجون سرية.

وعلاوةً على المخاطر الاقتصادية، وبعد سيطرة الإمارات على المنشأة أصبحت المنشآت والموانئ اليمنية ساحةً لنفوذ العدو الإسرائيلي، ووفقاً لمصادر سياسية فَـإنَّ الموارد الاقتصادية من أهم أهداف دولة الإمارات المحتلّة، حَيثُ ظهر طمعُها في السيطرة على الموانئ والجزر، وركزت منذ وصولها اليمن على المناطق الاقتصادية وسيطرت عليها، مثل جزيرة سقطرى ومنشأة بلحاف التي منعت تصديرَ الغاز منها.

ويقول وكيل وزارة المالية، الدكتور يحيى علي السقاف إن دويلة الاحتلال الإماراتي تسعى لتحقيق أهدافها الاقتصادية من خلال سيطرتها على ميناء ومنشأة بلحاف الغازية الذي يضم أكبر مرفق لتصدير الغاز المسال على ساحل بحر العرب في محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن، وهي في سبيل ذلك حولته إلى ثكنة عسكرية، ومركز تدريب لمجاميع مسلحة تتبع مرتزقة المجلس الانتقالي الجنوبي التابع لها، والذي تدعمه؛ بهَدفِ إبقاء الميناء تحت سيطرتها.

ويضيف الدكتور السقاف في تصريح سابق لـ “المسيرة”: “ومن تلك الأهداف التي تسعى لتحقيقها قيامُها منذ بداية العدوان بعمل إجراءات تعيق قدرة اليمن على استعادة اقتصاده عن طريق تعطيل وتدمير هذه المنشأة الاستراتيجية لمضاعفة خسارة اليمن من النفط والغاز المسال؛ حتى تخسر اليمن أسواقها الدولية التي كانت تستوعب الغاز؛ ولنهب أكبر قدر ممكن من عائدات النفط والغاز المسال في ميناء بلحاف، وكذلك لخلق أزمة احتياج لمادة الغاز في داخل اليمن”.

ويشير الدكتور السقاف، إلى أن دولة الاحتلال الإماراتي اختارت أهدافها في اليمن بعناية فائقة، حَيثُ أحكمت قبضتها على ميناء بلحاف أهم الموانئ النفطية والغازية، وركزت على بعض المواقع المهمة في الساحل الغربي التي تضم أهم الموانئ الاقتصادية والاستراتيجية، مبينًا أن اليمن خسر ما يقارب 15 مليار دولار، بحسب تقديرات رسمية، جراء توقف تصدير الغاز المسال خلال السنوات الأولى من بداية العدوان على اليمن.

وبحسب الأبحاث الاقتصادية، فَـإنَّ الاحتلال الإماراتي قد اختار هذه المنشأة كموقع لقواته منذ بدء العدوان مطلع 2015م، كونها تحوي خدماتٍ مهمةً وبُنيةً تحتيةً قويةً ومدرجَ مطارٍ وميناء، وكذلكعلى مخزون احتياطي كبير من النفط والغاز المسال الذي تم نهبه.

ويقول خبراء في شؤون النفط والغاز إن منشأة بلحاف هي أحد أهم المشاريع الاستراتيجية في اليمن، حَيثُ كلف إنشاؤها 4.5 مليار دولار، وهي مخصصة لتخزين وتصدير الغاز الطبيعي المسال القادم من مأرب، مؤكّـدين أن إيرادات المنشأة السنوية قبل تعطيلها، كانت 4 مليارات دولار، وكانت الحكومة السابقة تحصل على الربع، أي يحصل الخائن عفاش على مليار دولار سنوياً، وفي المقابل فَـإنَّ خسائر إيرادات المنشأة الغازية خلال 6 سنوات تصل إلى 24 مليار دولار.

وبحسب الأبحاث، فَـإنَّ الأهداف الاقتصادية لها بُعدٌ تاريخي يمتد حتى القرن الثامن عشر، من ضمنها حتى لا تكون اليمن دولة قوية اقتصاديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا، وفي جميع المجالات، بحكم موقعه الاستراتيجي العالمي، المتحكم في الاقتصاد الدولي والإقليمي.

صراع خفي

وبخصوص الصراع الخفي على ميناء بلحاف والمنشأة الغازية والذي شهدته محافظة شبوة خلال السنوات الماضية، يؤكّـد وكيل وزارة المالية الدكتور يحيى السقاف، أنه كان هناك صراعاً كبيراً وتسابقاً بينالاحتلال السعوديّ والإمارات، للسيطرة على ثروات ميناء بلحاف من النفط والغاز المسال، حيث كان يحتوي، هذا الميناء على مخزون احتياطي كبير من النفط والغاز المسال قبل أن يتم نهبه من قبل الاحتلال الاماراتي.

ويواصل الدكتور السقاف قائلاً: “تعود التوترات بين تحالف دول العدوان على الاستحواذ على الثروات اليمنية إلى سنوات عدة، حَيثُ كُـلّ دولة من تحالف العدوان كانت وما تزال تسعى إلى نهب أكبر قدر ممكن من ثروات اليمن من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال وتوريد عائداتها المالية إلى حساباتها في البنوك الخارجية”.

صراعُ مصالح

ومن خلال احتلال الإمارات للميناء النفطي والغازي الذي يحتل المرتبة الثانية في المنطقة، كميناء خاص بتصدير الغاز المسال بعد دولة قطر، يقول الخبير والمحلل الاقتصادي رشيد الحداد إن للاحتلال الإماراتي أجنداتٍ وأطماعاً استعمارية كبيرة في الممرات والموانئ اليمنية من باب المندب وحتى ميناء بلحاف وموانئ عدن والشحر، منوِّهًا إلى أن ميناء بلحاف واحدٌ من الموانئ الذي أُلحِقَ تبعيتُه لموانئ عدن، رغم أنه الأقربُ لمؤسّسة موانئ البحر العربي في المكلا.

ويؤكّـد الحداد في تصريح سابق “للمسيرة” أن الإماراتِ التي تستورد ٢٥ % من احتياجاتها من الغاز المسال من دولة قطر لديها أطماعٌ في نهب الغاز المسال اليمني في ظل صراعها مع الدوحة، لكنها اصطدمت بوجودِ منابع الغاز تحت سيطرة مرتزقة الإصلاح في القطاع ١٨ النفطي قطاع “جنّة” الواقع في إطار نطاق منطقة صافر، فحوّلت الميناءَ إلى قاعدة عسكرية، ومركز تدريب، وسجن سري وأنشأت غرفةَ عمليات مشتركة مع الجانب الأمريكي والصهيوني في الميناء.

وحول خسائر الدولة نتيجةَ توقف ميناء ومنشأة بلحاف، يؤكّـد الحداد أن تعطيلَ الميناء يكبد الدولة اليمنية ٣ مليارات دولار سنوياً، خُصُوصاً وأن البريد اليمني والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والمؤسّسة أَيْـضاً وجهات حكومية وبنوكاً مستثمرة في الشركة اليمنية للغاز المسال، ضمن الجهات المساهمة في المشروع، وفي حال تم تشغيل الميناء، وإعادة تصدير الغاز المسال فسوف تستعيد تلك المؤسّسات أرباحها السنوية المتوقفة منذ الأشهر الأولى للعدوان.

ومع أن الشركة اليمنية للغاز المسال على أتم الاستعداد منذ ٢٠١٧م وحتى اليوم لتشغيل بلحاف وإعادة تصدير الغاز المسال للأسواق الدولية، فَـإنَّ الجانب الإماراتي المحتلّ وكذلك احتلال مرتزقة الإصلاح يحول دون إعادة التصدير، وهناك إمْكَانية لإعادة التصدير “.