الخبر وما وراء الخبر

زيارات روضات الشهداء تؤكد الولاء والوفاء وتجذر ثقافة الجهاد والشهادة في المجتمع

3

ذمــار نـيـوز || أخبار محلية ||

5 نوفمبر 2025مـ 14 جماد الاول 1447هـ

في أجواءٍ مهيبة، تجمّع أبناء المجتمع، نساءً ورجالاً وأطفالاً، في رياض وروضات الشهداء، ليحيوا الذكرى السنوية لأرواحٍ فاضت بالوفاء والإيمان والشوق للجهاد في سبيل الله والتضحية في سبيله والذود عن المستضعفين، تحت شعار “شهداؤنا عظماؤنا.. عقود من الوفاء ومستقبل واعد بالتضحية والفداء”، نظّمت الهيئة النسائية بالتعاون مع فرق مجتمعية زيارات متعددة، حملت طابعاً روحانياً وثقافياً واجتماعياً، لتجسد الوفاء بالدم والرسالة، ولتعزز في النفوس الانتماء لقيم الصمود والشهادة.

مشاهد العطاء والإيمان

على أبواب الروضات، كانت الصورة أقوى من الكلمات؛ أمهات وزوجات وأخوات الشهداء، يختلط في وجوههن الفخر بالدموع، ويمتزج الصبر بالاعتزاز، فيما أطفالٌ يحملون صور آبائهم الشهداء، يسيرون بفخر، وهم يحاكون مسيرة من سبقهم في التضحية والعطاء، في تجارة رابحة مع الله، ثمنها العزة والكرامة في الدنيا والفوز بالجنة في الأخرة، حاملين راية الوفاء والعرفان لما قدمه هؤلاء العظماء.

وفي هذا المشهد، تنسج الذكرى رابطاً بين الماضي والحاضر، وتصبح روضة الشهيد مدرسةً حيةً لتعليم قيم الوفاء والصبر والإباء، والجهاد في سبيل الله على درب الأنبياء والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

في هذا الصدد أكدت المنسقة الثقافية في الهيئة النسائية الأستاذة سعاد الكحلاني، فنافذة العطاء المجتمعي، أن هذه الزيارات وطقسها الاحتفالية، جزء من مشروع ثقافي متكامل يرسخ ثقافة الشهادة والاستشهاد في نفوس المجتمع.

وقالت الكحلاني في حديثها لقناة المسيرة صباح اليوم: “الزيارة إلى روضات الشهداء فرصة لتعميق المعنى الروحي والإيماني والديني والوطني، ولزرع قيم الجهاد والعطاء والشجاعة منذ الصغر في نفوس الأطفال، ولتأكيد استمرارية الوفاء بالدماء الزكية التي أرست الحرية والكرامة لهذه الأمة ورسالتها السماوية”.

برامج متواصلة لتخليد الشهداء

ولم تقتصر الأنشطة على يوم الذكرى فقط، بل تشمل برامج ثقافية مستمرة على مدار العام، من بينها عرض أفلام وثائقية عن الشهداء، ودروس مستفادة من سيرهم العطرة، ومحاضرات تثقيفية في مدارس الكوثر والهيئة النسائية الثقافية، موضحةً أن الهدف من هذه البرامج هو أن يصبح الشهداء قدوة حية للأجيال القادمة، وأن يبقى أثر تضحياتهم مستمراً في كل بيت وفي كل مدرسة.

وحو أثر الزيارات على أسر الشهداء والمجتمع، لفتت إلى أن زيارة روضات الشهداء وأسرهم تحمل بعداً إنسانياً بالغ الأثر، فهي تمنح الأسر شعوراً بأنهم ليسوا وحدهم، وأن المجتمع كله يشاركهم الذكرى والحرية والمصير.

وأضافت: “الأسر حين تستقبل هذه الزيارات، تشعر بالاطمئنان والاعتزاز، ويزداد ولاؤها لمبادئ الشهداء، وتنتقل هذه الرسالة إلى أبنائهم الذين يرون أن التضحية والفداء هما الطريق للوطن والحق”.

وكان لمشاركة الأطفال أثرٌ خاص، إذ يحملون صور آبائهم، ويستشعرون من خلالها رسالة التضحية والكرامة، لتصبح ثقافة الشهادة جزءاً من تكوينهم منذ نعومة أظفارهم، وهنا توضح الكحلاني أن هذا النشاط يسهم في غرس الاعتزاز بقيم الشهداء، والفخر بالآباء الذين قضوا في سبيل الله والذود عن المستضعفين وحماية الشعب اليمني وقيمه ومبادئه الدينية والثقافية والقبلية الأصيلة، ويحفز الأجيال الجديدة على مواصلة الطريق نفسه.

وأشارت أنه لا يقتصر الأثر على الداخل فقط، بل يمتد إلى رسالة موجهة للعدو مفادها “أن الشعب اليمني مرتبط بثقافة الشهادة والاستشهاد، والجهاد في سبيل الله ، وأن دماء الشهداء لن تذهب هدراً، وأنه مهما حاول العدو إرهاب المجتمع وإضعاف الروح الدينية والوطنية، فإن هذه الزيارات والأنشطة تثبت أن الأمة صامدة، وأنها ترفض التراجع عن قيمها ومبادئها مهما كانت التحديات.

وعن أهمية الاستمرارية والوفاء المستدام، أكدت الكحلاني أن الهيئة النسائية ومؤسسات المجتمع المدني تستمر في تقديم البرامج التربوية والتثقيفية على مدار العام، لاكتساب المجتمع المزيد من القوة والمعرفة، ولضمان أن يبقى الشهداء قدوة للأجيال القادمة، وأن تتواصل رسالة الوفاء والتمسك بالحقوق.

في ذكرى الشهداء، تتحول الزيارات إلى مدرسة حيّة للأجيال، يعيد المجتمع فيها قراءة قيم الصبر والعطاء، ويستمد القوة من دماء الشهداء الزكية.

وتكون هذه الذكرى، برغم الألم والفقد، محطة تكرّس ثقافة العزة والكرامة والصمود، وتؤكد أن الطريق الذي سار عليه الشهداء لن ينقطع أبداً، وأن الأمة مستمرة في الوفاء، وتربية أبنائها على القيم العليا حتى تتحقق العدالة والحرية والنصر على اليهود والنصارى والمنافقين، ونشر دين الله والرسالة السماوية والمشروع القرآني المنقذ للمجتمع البشري.