الخبر وما وراء الخبر

الذين رحلوا.. وبقي الوطنُ بهم

3

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

30 أكتوبر 2025مـ 8 جماد الاول 1447هـ

بقلم// رويدا البعداني

​كل عام تُشرق علينا ذكرى شاهقة، قداسة تحلق فوق تربة هذا الوطن وذكرى تمتزج فيها عزة الإباء التي تعانق السحب، ووجع الفقد الذي يهد الأركان…. ترسي سفن العهد على شاطئ فداء أبدي، يعبق عطره ولا يضمحل عطاؤه…. ففي اللحظة التي انشق فيها أديم الليل، وتصدع ركن السلام، انبثق من رحم الأرض رجال، باعوا زهرة العمر لله، ونقشوا بدمائهم الزكية سفر مجد ضارب في القدم حماية للوطن.

​مناقبهم الماجدة، وبطولاتهم التي تزاحم الجبال هامة، أجل من أن تحاصرها حروف عابرة، وأعظم من أن يخطها التاريخ على صفحاته، فمن أتمّ المقايضة العظمى مع الخالق، وأوفى بالعهد الرهيب بصلابة اليقين، فقد ارتقى إلى درجة الكرامة الأسمى… نعم، بذل الروح غال؛ لكن هؤلاء الأصفياء حملوها بكل حب متيقنين أن ما عند الله هو خير المقام وأخلده.

​لقد أثبت شعبنا اليمني منذ فجر نشأته، بأسه الذي لا يبارى ومجده الذي لا يدانى، فما من غاز لهذه الأرض إلا وأخرج منها ذليلا مكسور الجناح والتاريخ شاهد ناطق؛ ذلك أن قيادتنا وشعبنا لا تتخاذل عن دفع صولة المحتل، بل تشارك في خوض لجج المعارك بضراوة وبسالة، في حين أن غالبية الشعوب تفتقر لعطاء كهذا لا يجف معينه، فالنماذج المشرفة لا تحصى، ورحيلها كان نيزكا اخترق الأفئدة، كفقد الغماري الذي أدمى أرواحنا…

إن جراحنا عميقة، ومآسينا تفوق الاحتمال؛ غير أن فخر الكرامة يطوق كل نزيف، ويزرع فينا شموخا راسخا يأبى الذبول، رغم مر الخريف ووداع الأحبة، لا يخلو بيت من زاوية فقد يملؤها أعز الأهل، ثقل الغياب جاثم، ولوعة الثكالى مستعرة، وجرح اليتيم غائر… الفقد يهد الأركان، والقلوب تتداعى بعد كل جنازة؛ لكن الإيمان المتأصل بهذا الشعب حصن لا يميل، فمن عرف قدر الشهادة، هانت عليه الدنيا.

السلام المطرز بالفخر الأليم لأرواحهم المُصطفاة