الخبر وما وراء الخبر

روسيا تعلن اختبار صاروخ “بوريفيستنيك” النووي الجديد بنجاح في رحلة قياسية

5

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

26 أكتوبر 2025مـ 4 جماد الاول 1447هـ

أعلن رئيس هيئة الأركان الروسية أن روسيا اختبرت بنجاح صاروخاً جديداً عابراً للقارات يعمل بالطاقة النووية وقادراً على حمل رؤوس نووية.

وكشف رئيس الأركان أن الصاروخ، الذي يحمل اسم “بوريفيستنيك” (Burevestnik)، قد قطع مسافة بلغت 14 ألف كيلومتر تقريباً خلال رحلة الاختبار، وظل في الجو لمدة وصلت إلى 15 ساعة تقريباً.

ويُعدّ صاروخ “بوريفيستنيك”، الذي يطلق عليه حلف الناتو اسم “SSC-X-9 Skyfall”، أحد الأسلحة الاستراتيجية الستة التي كشف عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سابقاً، ويتميز بمدى “غير محدود تقريباً” بفضل محركه النووي، ما يجعله قادراً على المناورة وتجنب أنظمة الدفاع الصاروخي.

كما يُعد هذا الصاروخ واحداً من الأسلحة الاستراتيجية من الجيل الجديد التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2018، وقد أطلقت عليه دوائر رسمية أميركية لقب “تشيرنوبل الطائر” بسبب مخاطره الإشعاعية المحتملة.

وبحسب تقييمات الاستخبارات الأميركية حتى أكتوبر 2023، فقد أجرت روسيا 13 اختبار طيران لصاروخ “بوريفيستنيك”، دون أن يحقق أي منها نجاحاً تقنياً مستداماً، وتشير التقارير إلى أن أطول رحلة مسجّلة للصاروخ لم تتعدَّ دقيقتين، وبلغ مداها نحو 35 كيلومتراً فقط.

وفي عام 2019، أدى أحد الاختبارات إلى حادث مأساوي حين تحطم الصاروخ في بحر بارنتس. وخلال مهمة استرجاع الحطام، وقع انفجار أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم خبراء نوويون من مركز “ساروف” النووي. وانتشرت سحابة مشعة جراء الحادث فوق مدينة سيفيرودفينسك القريبة، وتم رصد آثارها لاحقاً في أجزاء من إسكندنافيا.

وفي عام 2020، دعا المبعوث الأميركي الخاص للحد من التسلّح آنذاك مارشال بيلينغسليا خلال جلسة في مجلس الشيوخ، روسيا إلى وقف تطوير هذا المشروع، مشيراً إلى المخاطر البيئية المرتبطة بنظام الدفع النووي للصاروخ، والذي قد يبعث مواد مشعة أثناء الطيران أو عند تحطمه.

من جهته، أعلن الرئيس بوتين في أكتوبر 2023 أن الاختبار الأخير للصاروخ كان “ناجحاً”، مضيفاً أن العمل على تطويره بات “قريباً من الاكتمال”.

ويُفترض أن يتميز صاروخ “بوريفيستنيك” بمدى غير محدود بفضل الدفع النووي، ما يمنحه قدرات استراتيجية عابرة للقارات إلى جانب رأس نووي، إلا أن تكرار الإخفاقات التجريبية والتحذيرات من مخاطره البيئية تثير تساؤلات دولية جدية حول جدوى المشروع وسلامته.

وفي وقت سابق، أغلقت روسيا المجال الجوي فوق ميدان اختبار كابوستين يار بين 5 و9 أغسطس، وأعلنت أنها لم تعد ملزمة بقيود معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى (INF)، في خطوة وصفها نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف بأنها ستتبعها “خطوات إضافية”.

بوريفيستنيك 9M370 Burevestnik

ما هو صاروخ “9M370 بوريفيستنيك”، السلاح النووي الروسي “الذي لا يُقهر” والقادر على ضرب الولايات المتحدة؟

الصاروخ الروسي 9M370 “بوريفيستنيك”، المعروف بلقبه المثير للجدل “تشيرنوبل الطائر”، هو صاروخ كروز يعمل بالدفع النووي ويُعتقد أنه يمتلك مدى غير محدود، ما يجعله تهديدًا كبيرًا للأمن العالمي. ورغم سلسلة من الإخفاقات خلال تجاربه التجريبية والمخاوف البيئية الجدية المرتبطة به، لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُصر على وصفه بأنه “لا يُقهر”.

وبحسب ما كشفه باحثان أمريكيان، فإنهما تمكنا من تحديد ما يُعتقد أنه موقع نشر هذا الصاروخ، وذلك باستخدام صور أقمار صناعية من شركة “بلانيت لابز”. ويقع الموقع قرب منشأة لتخزين الرؤوس النووية تُعرف باسم “فولوغدا-20” أو “تشيبسارا”، وتبعد نحو 475 كيلومترًا شمال موسكو.

وتُعد هذه المنشأة، التي ارتبطت سابقًا بتخزين رؤوس نووية لصواريخ برية، موقعًا محتملاً لاحتضان صاروخ بوريفيستنيك، مما قد يتيح قدرة على إطلاقه بشكل سريع في حال الحاجة.

ما الذي نعرفه عن صاروخ بوريفيستنيك 9M370؟

يُعرف هذا الصاروخ لدى حلف شمال الأطلسي باسمSSC-X-9 Skyfall، ويُعتبر من أكثر الأسلحة الروسية إثارة للجدل. كشف عنه بوتين لأول مرة في خطاب عام 2018، وهو مصمم لحمل رأس نووي ويعمل بمحرك نووي صغير يمنحه نظريًا مدى غير محدود.

ووفقًا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن الصاروخ قد يصل مداه إلى 20,000 كيلومتر، ما يمنحه القدرة على ضرب أي هدف في العالم تقريبًا انطلاقًا من داخل الأراضي الروسية.

لا تتوافر معلومات كثيرة عن التفاصيل التقنية الدقيقة للصاروخ، لكن يُعتقد أنه يُطلق أولًا بواسطة صاروخ صغير يعمل بالوقود الصلب، يدفعه للأمام ويُدخل الهواء إلى محرك يحتوي على مفاعل نووي صغير.

يقوم هذا المفاعل بتسخين الهواء إلى درجات حرارة عالية جدًا لإنتاج الدفع اللازم، ما يُمكّن الصاروخ من التحليق لأيام إذا لزم الأمر. وتشير التقديرات إلى أن طول الصاروخ يبلغ حوالي 12 مترًا عند الإطلاق، ويُصبح 9 أمتار أثناء الطيران، بينما يتخذ رأسه شكلًا بيضويًا (إهليلجيًا) بحجم تقريبي 1 × 1.5 متر.

ويُعتقد أن الصاروخ يُطلق من عربات نقل وإطلاق متحركة برية (TEL)، مثل الشاسيه الروسيMZKT-7930 ذي الدفع 8×8، نظرًا لوزنه الكبير الناتج عن منظومة الدفع النووي، ما يجعل من غير المرجح إطلاقه من قاذفات مثلTu-160 أوTu-95MS.

مدى عبار للقارات

سيمنح صاروخ بوريفيستنيك روسيا “سلاحًا فريدًا بمدى عابر للقارات”، وفق تقرير صدر عام 2020 عن “مركز الاستخبارات الجوية والفضائية الوطني” التابع للقوات الجوية الأمريكية (NASIC).

وتكمن خطورته في قدرته على الطيران على ارتفاعات منخفضة تتراوح بين 50 و100 متر، وتغييره لمساره بشكل غير متوقع، ما قد يمكنه من الإفلات من أنظمة الدفاع الجوي الحالية، ليشكل بذلك إضافة مرعبة للترسانة النووية الروسية.

ورغم ذلك، يبدي العديد من الخبراء الغربيين تشككهم إزاء القيمة الاستراتيجية للصاروخ، إذ يرون أنه لا يُضيف قدرات حاسمة تتجاوز ما تمتلكه روسيا بالفعل من ترسانة قادرة على اختراق الدفاعات الأمريكية.

البعض، مثل المسؤول الأمريكي السابق في وزارة الخارجية توماس كانتريمان، وصف الصاروخ بأنه “نظام سلاح غبي بشكل فريد”، بسبب ما يحمله من خطر وقوع حوادث كارثية، بالإضافة إلى التلوث الإشعاعي المحتمل الذي قد يخلّفه على طول مسار طيرانه.

ورغم هذه الانتقادات، فإن تطوير بوريفيستنيك ونشره المحتمل لا يخضعان لمعاهدة “ستارت الجديدة”، وهي آخر اتفاقية قائمة للحد من الأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة، والتي من المقرر أن تنتهي في عام 2026.

وقد أوقفت موسكو مشاركتها في مفاوضات تمديد المعاهدة، ما يثير مخاوف من سباق تسلح نووي خارج عن السيطرة. ويرجح بعض المحللين أن تستخدم روسيا صاروخ بوريفيستنيك كورقة ضغط في أي مفاوضات مستقبلية حول الحد من التسلح.

صاروخ يوم القيامة الروسي بوريفيستنيكBurevestnik

يُعد صاروخ بوريفيستنيك جزءًا من منظومة أوسع من الأسلحة الاستراتيجية المتقدمة التي تعمل روسيا على تطويرها، والتي تهدف إلى تعزيز قدراتها في مجال الردع النووي وتكريس حضورها العسكري العالمي. وتشمل هذه المنظومة صواريخ باليستية عابرة للقارات، ومركبات انزلاقية فرط صوتية، وأنظمة نووية تحت سطح البحر.

وتصف موسكو هذه الأسلحة بأنها “فائقة”، معتبرة أنها تمثل جيلًا جديدًا من القدرات الاستراتيجية المصممة للتفوق على الدفاعات الغربية، وخصوصًا الأمريكية منها.

ورغم أن الرئيس فلاديمير بوتين شدد على أن بوريفيستنيك “لا مثيل له في العالم”، فإن تطوير هذا الصاروخ لا يخلو من تعقيدات، سواء من الناحية التقنية أو السياسية. فقد واجه البرنامج سلسلة من الصعوبات، أبرزها تجارب فاشلة ومخاطر بيئية مرتبطة باستخدام الدفع النووي، ما أثار شكوكًا واسعة حول إمكانية دخوله الخدمة الفعلية.

ويُبدي خبراء غربيون منذ سنوات تشككًا في أن يُنشر هذا الصاروخ في المدى القريب، مشيرين إلى أن عملية نشره قد تستغرق عقدًا إضافيًا من الزمن قبل أن يبلغ الجاهزية العملياتية الكاملة.

وفي غضون ذلك، يواصل بوريفيستنيك تعقيد جهود ضبط التسلح الدولية. ومع اقتراب موعد انتهاء معاهدة “نيو ستارت”، تزداد أهمية إدراج أنظمة استراتيجية جديدة مثل بوريفيستنيك في أي مفاوضات مستقبلية للحد من التسلح، الأمر الذي يُنذر بتحديات كبيرة على صعيد الاستقرار النووي العالمي.