باحث فلسطيني: على كل البلدان الاستفادة من التجربة اليمنية للتغلّب على المؤامرات وبناء شعب لا يُهزم
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
22 أكتوبر 2025مـ 30 ربيع الثاني 1447هـ
اعتبر الأكاديمي الفلسطيني الدكتور عدنان الصباح، الخبير والباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، أن تجربة اليمن خلال العامين الماضيين تمثل درسًا عمليًا في الصمود والمقاومة، موضحاً أن مواقف الشعب والقادة لم تكن مجرد مشاركة عابرة، بل محطة تاريخية يُستفاد منها لكل من يظن أن بمقدوره اختبار إرادة أمة.
وفي مداخلة خاصة على قناة المسيرة، أكد الصباح أن استشهاد القادة الكبار، وعلى رأسهم الشهيد الفريق الركن محمد الغماري، ليس مناسبة للعزاء التقليدي فحسب، بل فرصة لاستنتاج دروس استراتيجية وعملية حول بناء القوة، وتعزيز الشرعية الشعبية، ومواجهة مشاريع الهيمنة.
وأشار إلى أن ثبات الشعب والمؤسسة العسكرية كان المحور الأساسي في التجربة اليمنية، مؤكدًا أن “اليد كانت على الزناد” حتى في أوقات الهدن، ما أجهض محاولات فرض تجربة عسكرية تقليدية عبر إرسال حاملات طائرات وفرق بحرية وقوى عسكرية متعددة. وأضاف أن فشل هذه التجربة دفع بالخصوم إلى تعديل أساليب المواجهة والانتقال إلى نمط جديد من الحرب.
وحذر الصباح من التحول العالمي في أساليب الصراع، معتمدًا على ما أطلق عليه “حروب عن بعد” و”إدارة الصراعات”، حيث تُدار العمليات وتُحاك الفتن وتُشغّل أدوات محلية لتشتيت المجتمعات وإضعافها من الداخل، مستشهدًا بما يحدث في لبنان. ولفت إلى أن الهدف لم يعد مجرد إخضاع دولة أو إسقاط نظام، بل السيطرة على الثروات والقيم والهوية، عبر صناعة الفتن وتحريك مجموعات محلية تمولها وتوجّهها جهات خارجية.
وبيّن أن هناك نمطًا من غرف التنسيق التي تعمل على إدارة الحروب البينية وافتعال الصراعات الداخلية، لتضعف المجتمعات وتفقدها القدرة على مواجهة مشاريع الهيمنة، مشيرًا إلى استخدام الإعلام والمال السياسي في زعزعة تماسك الشعوب.
وبيّن أن هذه المشاريع لا تقتصر على الاستنزاف العسكري، بل تشمل الموارد والثروات الوطنية، والاستيلاء على ما في جوف الأرض، واستغلال البنية الاجتماعية والاقتصادية لصالح أجنبي لا يكترث لمصلحة الشعوب.
وأكد الصباح أن الرهان على حماية خارجية أو اتفاقيات مع قوى هيمنية هو وهم خطير. وبيّن أن الحماية الحقيقية لأي قيادة أو مشروع سيادي تأتي من الشرعية الشعبية والحضور الجماهيري، مضيفًا: “من يظن أن اتفاقًا أو مظلة خارجية تستبدل حضن الشعب فهو مخطئ، لأن الحماية عبر الشعب تمنح صلابة لا تملكها أي صفقة أو مدرسة للسياسات الخارجية”.
وأشار إلى أن اليمن نموذج مكثف لتأثير الإرادة والابتكار، حيث حوّلت محدودية الموارد إلى أدوات تأثير، وأثبتت قدرة الشعب على الابتكار في ساحات المواجهة. ودعا الأمة العربية والإسلامية إلى التعلم من هذا النموذج بدل الاعتماد على رهانات خارجية تقود غالبًا إلى تآكل السيادة وتفكيك النسيج الاجتماعي.
وختم الصباح حديثه بمجموعة من الخلاصات العملية والسياسية: أولًا، الربط بين المقاومة والشرعية الشعبية ضرورة لاستدامة أي مشروع تحرري أو وطني؛ ثانيًا، مواجهة “حروب الإدارة عن بعد” تتطلب يقظة نخب ووعي شعبي وحماية للفضاءات الاجتماعية والثقافية؛ ثالثًا، أن اعتماد الحماية على الخارج ليس حلًا، والسبيل الأمثل هو تعزيز الحاضنة الشعبية ورفع قدرات الذات وعدم الانصياع إلى مشاريع تُفقد الأمة سيادتها وثرواتها.
واقترح الصباح صيغة نهائية للمواجهة، تعتمد على استراتيجيات ردع مبنية على التماس المباشر مع الناس، التعليم المدني، التعبئة المجتمعية، صقل القدرات المحلية، وتعزيز الصناعات الوطنية القادرة على تحويل الضغوط إلى فرص.