الخبر وما وراء الخبر

قوات الجولاني تشتبك مع “قسد” وسط تصاعد الانتهاكات الصهيونية.. المدنيون و”الأقليات” بين نارين

3

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

7 أكتوبر 2025مـ 15 ربيع الثاني 1447هـ

على تخوم دمشق وفي أواخر أراضي القنيطرة ودرعا، يتقدم العدو الصهيوني بخطوات واثقة، بينما يفرّ المواطنون والمزارعون السوريون من دخان القنابل واعتقالات الاحتلال وامتهاناته، وفي المقابل تُسلَّط بنادق سلطات الجولاني على الداخل السوري، تصدح في الاشتباكات وجرائم ضد الأقليات، وسط التوغلات الصهيونية المتصاعدة بلا رادع.

هذا التناقض الصارخ يرسم صورة سوريا اليوم: صمت أمام العدو واستنفار وإجرام ضد الداخل، فسلطات الجولاني، التي تحكم سوريا، تبدو منشغلة بمعاركها مع الأقليات والمكوّنات الوطنية، ولا تحرك يُذكر تجاه ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي.

الانتهاكات الصهيونية.. حضور دائم وغياب للرد:

وفي مشهد يتكرر كل يوم، جدد العدو الصهيوني توغلاته في ريف القنيطرة الشمالي، وعزز سطوته على قرية “عين البيضة” ونصب حاجزاً عند مدخلها لتفتيش المارة، في انتهاك جديد لسوريا والسوريين، بات جزءاً من الحياة اليومية لهم، وكأنّ الأرض باتت بلا حامٍ.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ سجّلت المصادر سقوط قذيفتين في السهول المحيطة بقرية “عابدين” في منطقة “حوض اليرموك” بريف درعا الغربي، مصدرهما الأراضي المحتلة، فيما أطلقت القوات الصهيونية قنابل دخانية لإبعاد مزارعين سوريين كانوا يجمعون الحطب في “حرش جباتا الخشب”.

وتأتي هذه التطورات في السادس من أكتوبر، الذي كان يُحتفى به رسمياً في سوريا تكريماً للضربات التاريخية التي وجهتها القوات السورية والمصرية للعدو الصهيوني عام 1973، قبل أن يُلغي هذا العيد بقرار رسمي صادر عن سلطات الجولاني، كما جاءت هذه المستجدات بعد سلسلة متواصلة من الانتهاكات الصهيونية خلال اليومين الماضيين، شملت اقتحام المنازل وتفتيشها واعتقال المواطنين وتجريدهم من ملابسهم، ما يعكس تصعيداً واضحاً في الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية

تكرار هذه الحوادث يكشف مشهداً مريباً من التجاهل والصمت، حيث تمرّ الاعتداءات دون ردّ أو حتى إدانة من سلطات الجولاني، التي يفترض بها أن تدافع عن الأرض والإنسان، لكنّ الميدان يقول العكس: تغاضٍ عن العدوان الأخطر، واستعراض قوة على المدنيين في الداخل.

الداخل السوري وجهة بنادق الجولاني وعناصره:

في المقابل، تتصاعد المواجهات داخل مناطق الشمال، إذ شهدت مدينة حلب اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة بين مسلحي الجولاني ومسلحي “قسد”، امتدت نيرانها إلى الأحياء القريبة من الأشرفية والشيخ مقصود، حيث أصيب عدد من المدنيين وسقطت القذائف وسط الأحياء السكنية.

هذه الاشتباكات ليست حدثاً معزولاً، بل امتداد لسلوكٍ ممنهجٍ يقوم على استهداف الأقليات والمكوّنات الوطنية، كما حدث في فترات سابقة في الساحل السوري ضد “العلويين” الذين تعرضوا لأبشع أنواع الجرائم والتنكيل، والحال مشابه في السويداء ضد أبناء الطائفة الدرزية.

مشهدٌ يعكس بوضوح كيف أن سلاح سلطات الجولاني مخصص لقتل الداخل، كهواية ممتدة منذ 15 عاماً.

وإزاء ذلك، يقول مراقبون إن هذا السلوك يكشف أولويات سلطات الجولاني، التي تضع تصفية الحسابات لتهيئة الساحة للأطماع الصهيونية، وإفراغ المشهد أمام العدو الذي يسرح ويمرح في الجنوب السوري، ما يثير تساؤلات عميقة حول من المستفيد من تفكيك الداخل وتغييب المواجهة مع الاحتلال.

ويؤكد المراقبون أن هذه الازدواجية في التعاطي مع الأحداث تكرّس واقعاً هشّاً يخدم بالدرجة الأولى مشاريع التقسيم والهيمنة الأجنبية، وفي مقدمتها الهيمنة والاستباحة الصهيونية.

ختاماً: سوريا التي كانت يوماً ما أهم حصون المقاومة والمواجهة ضد العدو الصهيوني، باتت اليوم بوابة لتوغل مشروعه الاستعماري الإجرامي، الأمر الذي يتطلب وقفة شعبية سورية تقي السوريين بنادق وسكاكين الجولاني، وقنابل وغارات واعتقالات وامتهانات الصهيوني.