الاختراق الأمريكي الصهيوني الكبير لليمن.. عفاش جسر العبور
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
6 أكتوبر 2025مـ 14 ربيع الثاني 1447هـ
تقرير || عباس القاعدي
منذ أن تولّى مسؤولية أمن تعز، كان الخائن علي صالح “عفاش” من أكثر الشخصيات نفوذاً في اليمن الشمالي، حَيثُ ارتبط بعلاقات قوية مع شيوخ القبائل أصحاب النفوذ القوي في الدولة، كالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي كان رئيس مجلس النواب اليمني آنذاك، والذي كان كذلك على علاقة قوية ومباشرة بالنظام السعودي، صاحب القرار السياسي.
وعلى الرغم من أنَّ بلادَنا كانت قبل عام 1990م مجزأة بين اليمن الشمالي وَجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبيّة، إلا أن أمريكا أقامت علاقات دبلوماسية مع اليمن الشمالي منذ عام 1946م، ومع جنوب اليمن منذ 1967م، ثم أصبحت لأمريكا سفارة في صنعاء بعد قيام الوحدة في الدولة الجديدة (نظام الخائن عفاش)، وعُيّن حينها تشارلز فرانكلين دنبار سفيراً لأمريكا بصنعاء.
وبحسب الوثائق الصادرة عن جهاز الأمن القومي بصنعاء، فَـإنَّ عفاش كان يطمح للوصول إلى الحكم منذ بداية السبعينيات، وكان يرى أن إقامة علاقة مع اليهود الذين يعتبرهم «أولاد العم» يعد بوابة الوصول إلى سدة الحكم، ولأن اليهود كان يعلمون بطموح عفاش في الحكم والنفوذ داخل اليمن وتولية منصب الرئاسة، فقد سعوا لتمكينه من ذلك عبر إقناع أمريكا وبريطانيا.
ومن خلال ذلك التقرب استطاعت أمريكا إقناع الشيخ الأحمر وزبانيته من المشايخ عن طريق النظام السعودي في الشمال في أن يكون عفاش رئيساً لليمن الشمالي، ومن أجل سيطرته على اليمن الجنوبي استطاعت بريطانيا عن طريق حلفائها من القيادات الجنوبية الموافقة على ذلك ولكن مقابل حرية الوجود “الإسرائيلي”.
وتوضح الوثائق أن عفاش استغل علاقته باليهود للحصول على دعم أمريكي لسيطرته على الجنوب مقابل التزامه بمنح كيان العدو الصهيوني حرية التواجد داخل الحدود البحرية اليمنية في البحر الأحمر وتأمين الحركة الملاحية لهم، وذلك بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في السيطرة على (مناطق النفط)، ويقابل ذلك تحقيق العدو الإسرائيلي هدفه الاستراتيجي عبر الصفقة بين عفاش والصهاينة للتواجد جنوب البحر الأحمر.
وبناءً على ذلك، استطاع العدو الإسرائيلي تحقيق هدفه الاستراتيجي عبر الصفقة السياسية بينه وبين الخائن عفاش الذي سلّم السيادة الوطنية له من خلال التواجد “الإسرائيلي” والأمريكي جنوب البحر الأحمر تحت مسمى “تأمين الحركة الملاحية الإسرائيلية”، الذي يعتبر واحدا من أهم الأهداف الاستراتيجية للعدو الإسرائيلي إضافة إلى الهدف الثاني والذي يعتبر أكثر أهميّة وهو السيطرة على المناطق النفطية وتجهيز دراسات الأبعاد الاستراتيجية لها، والتي تم تنفيذها منذ خمسة أعوام من قبل العدوان بحسب الخريطة التي رسمت على واقع المناطق النفطية التي سلمها الخائن عفاش بعد تولية الحكم؛ ولهذا كانت تلك الصفقة أول نواة للخائن عفاش في انتهاك السيادة اليمنية من قبل أمريكا وكيان العدو الإسرائيلي، بالإضافة إلى المشاركة السياسية والاقتصادية.
ويشير موقع “متراس” إلى أن ترسُّخ نظام الخائن عفاش في اليمن بعد 1994م أَدَّى في عقد التسعينيّات إلى تقدّم إسرائيلي أمريكي واضح في جنوب البحر الأحمر، والسيطرة عليه، وبهذا أثبت عفاش الخائن موالاته لأمريكا وكيان العدو الإسرائيلي من خلال ذلك التقدم والتوسع الذي يعتبر امتداداً للسياسة العملية له والتخلّي نظرياً وعمليًّا عن لعب دور في جنوب البحر الأحمر، والتسليم بتحوّل هذه المنطقة إلى حيّز نفوذ أمريكي – أُورُوبي – إسرائيلي.
ويؤكّـد الموقع أن الخائن عفاش صمت حيال قوات بحرية إسرائيليّة صغيرة، ومحطّات تنصّت في أرخبيل “دهلك” الإريتري، ومشاركة البحريّة والاستخبارات الإسرائيلية في السيطرة على جنوب البحر الأحمر بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكيّة، هذا بالإضافة إلى أن سياسة نظام عفاش اتّسقت بشأن التواجد الإسرائيلي والأمريكي في المياه اليمنية والتحكم في الملاحة البحرية والدولية واستضافة القواعد الأجنبيّة مع تسليم السيادة الوطنية اليمنية.
وتعتبر احتياطات النفط محور الأمر، فهي التي تحدّد الكثير من أمور السياسة العالمية، وتشير الكثير من الدراسات إلى أن اليمن يمتلك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز لم يتم استكشافها أَو تطويرها بالكامل، بالإضافة إلى أربعة مليارات برميل من الاحتياطيات المؤكّـدة، بالإضافة إلى أن احتياطي النفط ما يقارب 34%.
ويحدّد تقرير المسح الجيولوجي الأمريكي وجود كميات كبيرة من النفط والغاز في اليمن تحت مياهه الإقليمية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهذا ما أوضحته برقية وزارة الخارجية الأمريكية في ديسمبر 2008م، والتي تؤكّـد أن إدارةَ أوباما ووزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون كانتا على علم تام بالموارد الكبيرة لليمن، وبالتالي لم يكن الاستيلاء على جزيرة سمحةSamhah في خليج عدن من قبل البحرية الأمريكية وبناء أكبر قاعدة بحرية إقليمية لها في الجوار اختياراً عشوائياً، بل من خلال الدراسات الاستراتيجية التي عملتها أمريكا في التسعينيات وبحسب ترابط المعلومات في تقارير المسح الجيولوجي التي تتبناها الشركات الأمريكية صاحبة الامتيَازات النفطية والمسيطرة على النفط والغاز آنذاك.
وبعد أن اكتشفت شركة هنت أويل، التي وصفت ذات يوم بأنها “واحدة من أكبر المانحين في تكساس من وراء الإمبراطورية السياسية لعائلة بوش”، النفط في اليمن عام 1984م وفتحت مصفاة هناك افتتحها نائب الرئيس السابق والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جورج بوش، في أبريل 1986م، وقّعت السعودية وأمريكا اتّفاقية سرية في ذلك الوقت، بعد أن انخفضت أسعار النفط العالمية في أوائل الثمانينات، وذلك لمنع اليمن من تطوير احتياطيات النفط والغاز الخَاصَّة بها بشكل مستقل.
كان هذا الاتّفاق ولا يزال يهدف إلى تثبيت الأسعار والحفاظ على موارد اليمن وتسويقها تحت سيطرة الولايات المتحدة، من خلال شركة هنت أويل وشريكتها السعودية اللتين سلم لهما الخائن عفاش النفط وحرية التواجد والبحث والتنقيب والسيطرة والتحكم في السيادة الوطنية.
وبما أن الاحتياطيات المتراجعة أخذت تستنفد ما تبقى من رواسب النفط والغاز من شبه الجزيرة العربية وكذلك الفحم الصخري لأمريكا الشمالية ورواسب القار، باتت ترسبات النفط والغاز باهظة الثمن بحيث لا يمكن السيطرة عليها من دون السيطرة الأمريكية على الإنتاج العالمي والتسعير العالمي خُصُوصاً في الدول النفطية منها اليمن، وتقدر اليوم آخر أكبر مكاسب نفطية غير مستغلة في العالم وفقا لأحد المصادر، بأنها تشكل ربما ثلث الاحتياطيات العالمية الحالية.