الخبر وما وراء الخبر

ثورة 21 سبتمبر: صفعة استراتيجية للعدو الصهيوني وانتصار للسيادة الوطنية

7

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

24 سبتمبر 2025مـ 2 ربيع الثاني 1447هـ

تشكل ثورة 21 سبتمبر في اليمن محطة فارقة في التاريخ السياسي المعاصر للبلاد، حيث تضع حدًّا لعقود من الوصاية الخارجية والتدخلات الأجنبية.

وتمتاز الثورة بأنها أعادت القرار الوطني إلى أيدي الشعب، كما وقفت كسد منيع أمام مشاريع التطبيع والهيمنة الصهيونية، وتمنع إدراج اليمن ضمن الدول الخاضعة للمحور الأمريكي الصهيوني، وحولت البلد إلى قوة صلبة قادرة على الدفاع عن أرضها ومياهها، وعلى توجيه رسالة واضحة للعدو بأن الإرادة الوطنية أقوى من كل مخططات الهيمنة، وأن الحرية والكرامة اليمنية لا يمكن أن تُقهر.

سد منيع وإعادة للسيادة والحرية

ويؤكد السيد القائد عبد الملك الحوثي – يحفظه الله – في أكثر من خطاب، أن الثورة تمثل إنجازًا تحرريًا للشعب اليمني، إذ تسقط مشاريع واشنطن الرامية إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، ونشر الفساد، والسيطرة على القرار السياسي والاقتصادي.

ويشدد على أن أمريكا والكيان المؤقت هما الخاسر الأكبر من هذا التحول، بعدما كانا يراهنان على إبقاء اليمن تحت سيطرة مباشرة أو غير مباشرة، الأمر الذي دفع العدو الصهيوني إلى اعتبار الثورة تهديدًا أخطر من “النووي الإيراني”.

ويمضي السيد القائد عبد الملك الحوثي في توصيف العقيدة الصهيونية باعتبارها عقيدة عنصرية استعلائية ترى في الشعوب مجرد أدوات تُستخدم ثم تُلقى، مشددًا على أن الثورة تكسر هذا المنظور وتفتح مسار مواجهة مباشرة مع الكيان.

ومن هنا، يبرز دور القدرات العسكرية اليمنية – من القوة الصاروخية إلى الطيران المسيّر – باعتبارها أداة ردع جديدة تعيد صياغة المعادلات الإقليمية.

وفي السياق، ينطلق الرئيس مهدي المشاط في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الـ 11 لثورة 21 سبتمبر 2014م، مؤكدًا أن الثورة أعادت لليمن دوره التاريخي على المستوى العربي والإسلامي، ومنحته استقلالية القرار الوطني بعيدًا عن أي وصاية أجنبية، مشيرا إلى أن الثورة تقطع الطريق على أي محاولة لتطويع اليمن أو تحويله إلى بوابة مفتوحة أمام الأطماع الصهيونية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

ويوجه الرئيس المشاط رسالة إلى شعوب الأنظمة المطبعة مع الكيان المؤقت، داعيًا إياها إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن القضية ستظل حاضرة في وجدان الأمة مهما حاولت قوى العدوان تهميشها.

وعلى المسار ذاته، أوضح الرئيس الشهيد صالح الصماد أن ثورة 21 سبتمبر تُبنى على قاعدة شعبية صلبة، وأنها ثورة “شريفة” أنهت الوصاية الأمريكية الصهيونية، منوها إلى أن المارينز الأمريكي كانوا ينتشرون بالمئات في اليمن قبل الثورة، وأن السفراء الأجانب كانوا يتدخلون في كل تفاصيل الدولة.

وأشار إلى أن الحرب الاقتصادية التي استهدفت البنك المركزي والاقتصاد اليمني لم تكن سوى جزء من مشروع أمريكي – صهيوني يهدف إلى تمزيق المنطقة وإضعاف الشعوب.

وتتلاقى تصريحات القيادة الثورية والسياسية والعسكرية في نقطة محورية، وهي أن ثورة 21 سبتمبر تضع العدو الإسرائيلي في مأزق استراتيجي غير مسبوق، فالكيان المؤقت لم بعد يرى في اليمن ساحة رخوة، بل بات يواجه قوة كبيرة قادرة على مراقبة خطوط الملاحة في البحر الأحمر والتأثير في أمن الطاقة العالمي.

مخاوف صهيونية وأمريكية

ويعيش الكيان الصهيوني إلى جانب واشنطن هاجس الخسارة الاستراتيجية في اليمن، بعدما فقد نفوذه الذي كان يمارسه عبر أدوات إقليمية ومحلية، حيث حرم من التحكم في موقع بالغ الأهمية على البحر الأحمر، وإعادة اليمن سيادتها على باب المندب وحماية مشاريعها التي كانت تهدف إلى تحويل اليمن إلى ساحة رخوة مفتوحة للهيمنة الأجنبية.

وقد عبّر مسؤولون صهاينة بصراحة عن قلقهم من أن اليمن لم تعد تحت الوصاية الأمريكية، وهو ما يعني فشل أحد أهم المخططات التي ظلت تُدار من واشنطن على مدى عقود، وفق صحيفة هآرتس الصهيونية.

وتتجلى المخاوف الصهيونية والأمريكية بشكل أكبر فيما يتعلق بمضيق باب المندب وخطوط الملاحة الدولية، حيث تعترف مراكز أبحاث أمريكية بأن اليمن يغير معادلة القوة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ويشكل تحديًا مباشرًا لمخططات الكيان المؤقت في السيطرة على خطوط الملاحة العالمية والطاقة.

وتؤكد وسائل إعلام عبرية أن الكيان المؤقت فقد كل أوراق الضغط والتدخلات عبر الوكلاء، حيث إن المواجهة لم تعد غير مباشرة عبر أدوات إقليمية، بل صارت مواجهة مكشوفة مع الكيان نفسه، وهو ما يضع اليمن في موقع متقدم في معادلة الردع الإقليمي، موضحة أن اليمن بات قادرًا على فرض سيادته الكاملة على مياهه الإقليمية، في تحول استراتيجي أربك حسابات العدو الإسرائيلي وجعله أكثر هشاشة في مواجهة أي تطورات ميدانية.

وتقف القدرات العسكرية اليمنية في صميم القلق الصهيوني، إذ تشير تقارير عبرية إلى أن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة اليمنية “تضاعف التهديدات المحيطة بالكيان”، وتجعلها في حالة استنفار دائم، ولعل وصف بعض المحللين العسكريين والسياسيين الصهاينة، وفي مقدمتهم المجرم نتنياهو، للثورة بأنها “أخطر من النووي الإيراني” وفق وكالة مهر الإيرانية، يعكس مستوى الرعب الذي أحدثته الثورة، خصوصًا وأنها نابعة من إرادة شعبية مستقلة وليست رهينة لأي تدخل خارجي.

وفي محاولة للالتفاف على الحقائق، يشارك العدو الإسرائيلي بشكل مباشر وغير مباشر في العدوان والحصار على اليمن منذ عام 2015، مستعينًا بالدعم الأمريكي وتواطؤ بعض الأنظمة العربية، وصولًا إلى العدوان الصهيوني المباشر على اليمن بغارات جوية مكثفة، ويفرض حصارًا بريًا وبحريًا، ويستهدف البنية التحتية والمؤسسات الاقتصادية في محاولة لكسر إرادة الشعب اليمني وإعادة فرض الوصاية الأجنبية على القرار الوطني، جنبًا إلى جنب المنصات الإعلامية الصهيونية التي تسعى إلى شيطنة الثورة وربطها بإيران لتبرير تدخلاتها، لكنها تصطدم بالواقع الصلب على الأرض.

وتثبت الثورة اليمنية أنها عصية على الانكسار، وأنها تنهى زمن الوصاية الأجنبية، وتقطع الطريق أمام المشاريع الصهيونية والأجندات الأمريكية في المنطقة.

ويظهر فشل العدوان الصهيوني والأمريكي جليًا، إذ لم يتمكن أي من الطرفين من تحقيق أهدافه على الأرض، بينما يواصل اليمنيون صمودهم وحماية سيادتهم، مؤكدين أن القرار الوطني يظل بيد شعبهم وحده، بعيدًا عن أي إملاءات أو تدخلات خارجية.