الخبر وما وراء الخبر

خوارزميات التعرف الذكية.. بين الخدمة والمراقبة

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

23 سبتمبر 2025مـ 1 ربيع الثاني 1447هـ

تناولت النافذة التقنية “الأمن السيبراني” موضوع خوارزميات التعرف الذكية، وهي أنظمة قادرة على رؤية الوجوه وسماع الأصوات وتحديد هويات أصحابها في غضون ثوانٍ.

وأشارت فقرة “جدار ناري”، لبرنامج نوافذ على قناة “المسيرة”، إلى أنه بعد أن بدأت كتجارب محدودة، أصبحت هذه التقنيات اليوم جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث توجد في هواتفنا، المطارات، الشوارع، والمرافق المختلفة، ويتم تسويقها كأدوات لتعزيز الأمان.

ومع ذلك، تثير هذه الأنظمة مخاوف جدية بشأن فقدان الخصوصية وتحويل العالم إلى مساحة مراقبة مفتوحة.

تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه على تدريب مكثف عبر ملايين الصور والتسجيلات الصوتية؛ مما يمنحها القدرة على تمييز الوجوه والأصوات بدقة قد تفوق الدقة البشرية.

وقد مرَّ تطورها بثلاث مراحل رئيسية، في تسعينيات القرن الماضي ظهرت كبرمجيات بسيطة تفتقر إلى الدقة، وأمّا ما بعد عام 2010م؛ فشهدت قفزة نوعية مع صعود “الشبكات العصبية العميقة”؛ مما أدى إلى مستويات دقة غير مسبوقة.

منذ عام 2020م، ساهمت “الحوسبة السحابية” والانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي في جعلها متاحة تجاريًّا في كل مكان من هذا العالم.

وتتراوح استخدامات هذه التقنيات بين ما هو خدمي وما هو رقابي؛ فالاستخدامات الخدمية، تكون من خلال الهواتف الذكية، والتي تعتمد على فتح القفل عبر التعرف على الوجه أو البصمة الصوتية، وكذا في المطارات؛ بهدف تسريع إجراءات المرور الأمني.

أمّا الاستخدامات الرقابية والخاصة بالمدن الذكية، منها كاميرات المراقبة والتي لم تعد تكتفي بالتقاط الصور؛ بل تحللها فورًا وتطابقها مع قواعد بيانات ضخمة لتحديد الهوية، وتُستخدم في بعض الدول لتتبع المشتبه بهم ومراقبة التجمعات العامة.

وهناك قدرات متقدمة ومثيرة للجدل، منها تحليل النوايا، حيث وصلت الأبحاث إلى محاولة استنتاج الحالة النفسية أو النوايا عبر تحليل تعابير الوجه وحركات الجسد، وهو مجال يثير جدلاً واسعًا حول دقته وشرعيته.

كما تحولت بصمة الصوت، إلى بطاقة هوية فريدة، حيث يمكن للنظام التقاط “بصمة صوتية” من جملة قصيرة أو مكالمة هاتفية، للمساعدات الذكية مثل “أليكسا” و”سيري” والتي تسجل الأوامر الصوتية باستمرار لتدريب خوارزمياتها على التعرف على المستخدمين بدقة.

ومع انتشار “إنترنت الأشياء”، لم تعد المراقبة مقتصرة على الكاميرات والميكروفونات، فقد أصبحت مكبرات الصوت الذكية، الكاميرات المنزلية، الشاشات، وحتى الأجهزة الطبية جزءًا من شبكة مترابطة تجمع بيانات دقيقة عن عاداتنا اليومية وتخزنها في خوادم بعيدة؛ مما يحوّل الخيال العلمي إلى واقع ملموس.

وتؤكد التقارير الدولية والصحفية أنَّ هذه التقنيات قد تم استخدامها بالفعل من قبل “العدوّ الصهيوني القاتل” في استهداف صحفيين وقادة سياسيين من قوى المقاومة، وأصبحت أنظمة التعرف الصوتي والبصري أداة فعالة في، التجسس السياسي والابتزاز، وتجنيد العملاء، وتتبع المعارضين وتحديد مواقعهم عبر أجهزتهم الذكية في منازلهم.

ويطرح الخبراء سؤالاً جوهريًّا: إذا كان من الممكن استهداف شخصيات بارزة تتمتع ببروتوكولات حماية عالية بهذه السهولة؛ فما الذي يمنع استهداف أي فرد عادي؟

إنَّ الهدف من عرض هذه المعلومات ليس التهويل؛ بل التنبيه إلى الحقيقة والدعوة إلى الحذر؛ فالعدوّ، وإنَّ استخدم هذه التقنيات؛ فإن هدفه النهائي لا يقتصر على إخضاع أمة بعينها؛ بل البشرية بأكملها.