الخبر وما وراء الخبر

21 سبتمبر .. ثورة الكرامة والسيادة ضد الوصاية والهيمنة

8

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

19 سبتمبر 2025مـ 27 ربيع الأول 1447هـ

بقلم // فيصل أحمد الهطفي

في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، كتب الشعب اليمني صفحة مشرقة في تاريخه، ثورة شعبية عظيمة أنهت عقودًا من الوصاية الأجنبية والعمالة الداخلية، وفتحت عهدًا جديدًا عنوانه الكرامة والسيادة والتحرر.

لم يأت انفجار الغضب الشعبي من فراغ، بل كان نتيجة سنوات من التخريب المنظم والهيمنة الأجنبية، حيث وصل اليمن إلى ذروة التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني.

فرضت على الشعب سياسات كارثية رهنت البلاد بالقروض، وأرهقت المواطنين بالغلاء، وحطمت القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية والصحية، بينما استغلت القوى الأجنبية ثروات اليمن من نفط وغاز وغيرها من الموارد الطبيعية لتفريغ البلاد من خيراتها لصالح الغرب وعملائه.

شهدت العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اغتيالات ممنهجة للأكاديميين والكوادر الوطنية، واستهداف الضباط في أجواء العاصمة، وجريمة مستشفى العرضي ومجزرة ميدان السبعين أثناء العرض العسكري، كما تم استهداف طلاب كلية الشرطة والكثير من عمليات القتل والاغتيالات ضمن سلسلة جرائم منظمة بتوجيهات أمريكية عبر أذرعها التكفيرية والإرهابية للقضاء على المشروع الوطني الحر، ولإسكات كل صوت مناوئ للمشروع الصهيوأمريكي في يمن الإيمان.

وفي الوقت نفسه شُنّت الحرب على صعدة بأوامر أمريكية مباشرة، لإرهاب الشعب اليمني وإذلاله، ومحاولة لوأد المشروع القرآني التحرري النهضوي الذي رسمه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) بجسده ودمه، والذي قتلوه وأخفوا جثته لما يقارب تسع سنوات، إلى أن انتصرت ثورة الحرية والكرامة، ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.

تم تغيير المناهج التعليمية والتدخل في الخطاب الديني، وجرى زرع الجواسيس عبر المنظمات في مفاصل الدولة للعمل على نشر الفساد المالي والإداري والسيطرة على مؤسسات الدولة، وفتح الأجواء والمنافذ أمام الأجانب لتسهيل النفوذ والسيطرة.

كما تم تفكيك الجيش وتهشيم أسلحة الدفاع الجوي بأوامر أمريكية، ليصبح السفير الأمريكي أدمندهول الحاكم الفعلي لليمن، متدخلًا في شؤون الدولة عبر زيارات متكررة للمحافظات، وعقد لقاءات قبلية مع المشايخ والشخصيات الاجتماعية لتوجيه السياسات ودعم عملاء المشروع الصهيوأمريكي.

امتدت تحركات الاستهداف لتغذية الصراعات بين القبائل وإشعال فتيل الفتن، بدعم طرف على حساب الآخر، في محاولة لتفكيك النسيج الاجتماعي وإضعاف الوحدة الوطنية.

كل هذه المؤامرات كانت تهدف إلى القضاء على المشروع الوطني المقاوم، وتدمير كل معالم الهوية اليمنية والسيادة، وترك البلاد خاضعة للهيمنة الأجنبية بالكامل.

أمام هذا الواقع المأساوي، انفجر الشعب اليمني بكل فئاته، رافعًا صرخته في وجه الظلم والاستكبار، لتتفجر ثورة 21 سبتمبر المباركة.

لم تكن ثورة جياع أو غضب عابر، بل كانت ثورة وعي وبصيرة امتدادًا لمشروع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، مشروع أعاد للأمة هويتها وكرامتها وحررها من التبعية.

جاءت الثورة لتقول للعالم: لا وصاية بعد اليوم، لا هيمنة بعد اليوم، ولا مكان للعمالة والخيانة بيننا.

استعاد الشعب اليمني قراره الوطني وبدأ مسارًا جديدًا من الاستقلال والتحرر، وصار حاضرًا بقوة في معادلة الصراع مع قوى الاستكبار، وصوته مدويًا في وجه أمريكا وإسرائيل، وحاضرًا في ميادين نصرة فلسطين وغزة الصامدة.

إن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لم تكن خيارًا عابرًا، بل قدر إلهي لشعب أراد الحياة بكرامة.

أسقطت مشروع التبعية وأنقذت اليمن من الضياع، وأعادت للشعب هويته وعزته، وما نشهده اليوم من صمود أسطوري في مواجهة العدوان، ومن نصرة صادقة لفلسطين وغزة، إلا ثمرة من ثمار تلك الثورة المباركة التي أعادت اليمن إلى موقعه الطبيعي في قلب معركة الأمة ضد الاستكبار العالمي.