الماء المحتل في الضفة الغربية.. من حق إنساني إلى سلاح بيد العدو
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
17 سبتمبر 2025مـ 25 ربيع الأول 1447هـ
في الضفة الغربية، لم تعد المياه مجرد مورد طبيعي يروي عطش الفلسطينيين ويغذي أراضيهم الزراعية، بل تحوَّلت إلى سلاح قمعي بيد كيان العدو الصهيوني، يمارس عبره أبشع أشكال الحرمان الممنهج بحق السكان.
تقارير حقوقية وأممية متطابقة، بينها ما صدر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، تؤكد أن العدو يسيطر على ما يزيد عن 85% من مصادر المياه الجوفية في الضفة الغربية، ويمنع الفلسطينيين من استغلال حصتهم الطبيعية إلا ضمن قيود صارمة، في حين يطلق العنان للمستوطنات غير الشرعية لتستهلك المياه بلا حدود.
بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني لا يتجاوز 80 لتراً يومياً، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية، بينما يحصل المستوطن التابع للعدو على أكثر من 300 لتر يومياً، في مشهد يعكس التمييز الممنهج.
مئات القرى الفلسطينية تعاني انقطاعاً متواصلاً للمياه، ما يجبر السكان على شراء حاجتهم من الصهاريج المتنقلة بأسعار باهظة، تصل أحياناً إلى أربعة أضعاف التعرفة العادية. وفي القرى البعيدة، تقع المسؤولية الكبرى على عاتق النساء اللواتي يقطعن مسافات طويلة يومياً لجلب المياه، في رحلة مرهقة تؤثر على صحتهن الجسدية، وتثقل أدوارهن الأسرية والتعليمية.
شح المياه لم يقف عند حدود الاستهلاك المنزلي، بل ضرب القطاع الزراعي بشكل مباشر، فآلاف المزارعين فقدوا محاصيلهم، ما أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي، وزيادة الاعتماد القسري على المنتجات القادمة من كيان العدو الصهيوني.
وكشفت دراسة لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني أن نصف الأسر في الضفة تلجأ إلى سياسات تقشفية قاسية في استهلاك المياه: تقليص الاستحمام، استخدام مياه غير صالحة للشرب، والاعتماد على بدائل تهدد الصحة العامة بانتشار الأمراض والأوبئة.
هكذا، تحوَّلت المياه – التي يفترض أن تكون سر الحياة – إلى أداة حصار وضغط في يد كيان العدو الصهيوني. وبينما يكافح الفلسطينيون يومياً للحصول على أبسط حقوقهم المائية، يظل العطش شاهدًا على ظلمٍ يقطع شرايين الحياة من أرضٍ ما تزال تنبض بالصمود.