الصواريخ الفرط صوتية.. الكابوس المزعج لكيان العدو
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
17 أغسطس 2025مـ – 23 صفر 1447هـ
تمثّل العمليات اليمنية في عمق كيان العدوّ الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلّة بالصواريخ الفرط صوتية نقطةَ تحوّل أربكت خبراءَ كيَان العدوّ وأجهزته الفنية والاستخباراتية.
وتمكّنت قواتنا -بعون الله تعالى- من خلال هذه التكنولوجيا الصاروخية من إعادة تعريف موازين الردع بشكل غير مسبوق، وإعادة الحسابات والفرضيات التي وضعها خبراءُ هذا الكيان ومعهم الخبراء الأمريكيون إلى النقطة صفر؛ فحجمُ تأثير الصواريخ الفرط صوتية لم يعد مُجَـرّد تهديد محتمل في حسابات الردع، بل أصبح أداةَ فعل حقيقيةً ذات أثر فوري في قلب المعادلة العسكرية.
وكشفت ضرباتُ عملية “الوعد الصادق 3” الإيرانية، التي استهدفت مراكز حساسة داخل يافا وحيفا وبئر السبع المحتلّة، هشاشةَ المنظومة الدفاعية الصهيونية متعددة الطبقات، والتي طالما تباهى بها العدوُّ بدعم من شريكه الأمريكي.
هذه المنظومات – مثل: “حيتس 2 و3″، و”مقلاع داوود”، بالإضافة إلى منظومات الدفاع الأمريكي المرافقة من طرازTHAAD وSM-3 وSM-6 – فشلت فشلًا ذريعًا في حماية أعماق هذه المناطق من ضربات الصواريخ التي كانت تحلّقُ بسرعات تفوق 13 ماخ، وبمناورات قياسية فوق مستوى قدرة هذه الأنظمة وقدرة استجابة الرادارات الأمريكية والصهيونية على رصدها أو تتبعها.
بالتالي، فإن هذا الإخفاقَ الجسيمَ مثّل انعطافة استراتيجية في مشهد المواجهة، حيث وجدت دوائر القرار في كيان العدوّ نفسَها أمام انهيار شبه كلي في ما كانت تعتبره “مِظلّة حديدية”؛ ما أجبرها مؤخّرًا على البدء بإعادة هيكلة شاملة لمنظومتها الدفاعية، بَدءًا من مراجعة العقائد القتالية الدفاعية، وصولًا إلى إصدار أوامر مباشرة للشروع في تطوير أجيال جديدة من المنظومات.
وأعلنت وزارة حرب العدوّ الصهيوني البَدءَ في تطوير منظومات جديدة مثل “حيتس-4″، بالإضافة إلى رادارات وتقنيات استشعار يجري تطويرها عبر شركات الصناعات العسكرية مثل “رافائيل” و”الصناعات الجوية الإسرائيلية”، بالتعاون مع شركات أمريكية، وتُعقد لديهم الآمال على تطوير حلول اعتراضية جديدة قادرة على ردم هُوة الفشل الكبير للأنظمة السابقة.
ولذلك فإنَّ التقديرَ العملياتي الراهن يؤكّـد أن هذه المحاولات، رغم ما يُرصد لها من ميزانيات ضخمة وتسهيلات هندسية وتقنية، تفتقد للضمانات العملياتية اللازمة؛ نظرًا لتعقيدات الخصائص الديناميكية للصواريخ الفرط صوتية، التي تجمع بين السرعة الفائقة والمناورات التي لا تستطيع الأنظمة الدفاعية مواجهتها مهما بلغ مستوى تطورها. فمسألة اعتراض صاروخ يحلّق خارج وداخل الغلاف الجوي وينقضّ على الأهداف بسرعات تصل من 10 إلى 15 ماخ تُعَدّ شبه مستحيلة.
لذا نؤكّـد أن ما حقّقته الصواريخ الفرط صوتية -بعون الله تعالى- يمثّل نقطةَ تحول تتجاوز البُعد التكتيكي لتصل إلى صميم العقيدة الدفاعية الصهيونية؛ فكيان العدوّ أصبح مكشوفًا، وتقنياته الدفاعية عاجزة عن حماية كيلومتر واحد من مناطق فلسطين التي يحتلها. لذا فإن حديثَه عن تطوير أنظمة دفاع جديدة ليس إلا محاولة يائسة لترميم استراتيجيته الدفاعية المحطمة.
فالصواريخ الفرط صوتية اليوم ليست مُجَـرّد سلاح ردع، بل سلاح كاسر للتوازنات، يفرض ميدانًا جديدًا للمعركة، حيث لم يعد بوسع هذا الكيان المجرم توقّع الضربة أو اعتراضها أو حتى التعامل مع نتائجها المدمّـرة في عمقه الاستراتيجي.
* باحث عسكري