الخبر وما وراء الخبر

الخبير الزبيدي: الردع اليمني يقلب قواعد الاشتباك ويربك مركز الأعصاب الصهيوني

0

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

24 يوليو 2025مـ 29 محرم 1447هـ

في تطور غير مسبوق للمشهد الإقليمي، لم تعد صنعاء طرفًا متضامنًا أو مؤيدًا، بل تحوّلت إلى مصدر تهديد مباشر لمنظومة الأمن الحيوي داخل كيان العدوّ الصهيوني، معطّلة حركة مطار اللّد المسمى صهيونياً “بن غوريون” ومربكة النظام الدفاعي الجوي الأكثر تطورًا في المنطقة.

الخبير العسكري العميد عبد الغني الزبيدي، وفي تحليله لقناة “المسيرة”، اليوم الخميس، وصف ما حدث بأنه “أبعد من مجرد استهداف صاروخي”؛ هو تحوّل استراتيجي في هندسة الردع، حيث باتت اليمن تحدد قواعد الاشتباك بعيدًا عن حدودها الجغرافية.

ليست المسألة مجرد “صاروخ”، بل في ما يكشفه هذا الصاروخ – أو حتى الشائعة عنه – من اختراق في الوعي الأمني الصهيوني: قرار إيقاف الطيران في أحد أكثر المطارات تحصينًا، بناء على معلومة، قد تكون تسريبًا مقصودًا من اليمن، يعني أن صنعاء اليوم تحكم المزاج الأمني والسياسي في عمق العدوّ الصهيوني، من بعد آلاف الكيلومترات.

المثير، بحسب الزبيدي، أن المعلومة نفسها أصبحت أداة ردع، والقرار العسكري في الكيان بات رهينة “رسائل يمنية” مبطّنة أكثر من كونه تابعًا لتقديرات ميدانية خالصة.

الرسالة اليمنية لا تحتاج إلى تفجير ولا بيان ناري، يكفي أن تقول صنعاء “نحن هنا”، فيتوقف مطار، ويُعاد مسار طائرات، وتبدأ شركات الطيران بإلغاء أو تمديد وقف رحلاتها.

الزبيدي أشار إلى أن ما يحدث هو امتداد لنموذج جديد من الردع الشعبي السيادي: دولة تقاتل خارج المعسكرات التقليدية، دون مظلات دولية أو تحالفات، لكنها تغيّر مسار المعركة بذكاء تكتيكي وأدوات استنزاف نفسي ناجعة.

اللافت أن اليمن لا يعتمد فقط على الفعل العسكري، بل يدير معركته بنَفَس استراتيجي طويل، ضمن ما يمكن تسميته “مناعة الردع المستدام”، حيث يُفرض الثمن السياسي والاقتصادي والأمني على العدوّ حتى دون ضغط زر إطلاق.

ما بين “صنعاء التي تهدد” و”الكيان الذي يغيّر سلوكه فورًا”، يمكن قراءة المعادلة الجديدة بوضوح: لم تعد الجغرافيا تصنع التهديد، بل الإرادة والقدرة على فرض التوقيت.

وأوضح العميد الزبيدي أن كيان العدوّ الصهيوني يتعامل بجدية بالغة مع أي معلومات تفيد بوجود تهديدات صاروخية قادمة من اليمن، حتى لو كانت هذه المعلومات “مضللة” أو “مسوقة عن طريق طرف ثالث”. هذا التعامل الجاد يكشف عن حجم الخوف الذي يسكن الكيان، ويؤدي إلى “درجة استنفار قصوى” لدفاعاته الجوية، مما يبرهن على نجاح اليمن في ممارسة الضغط النفسي.

وبيّن أن القوات المسلحة اليمنية قد أثبتت في الفترة الماضية قدرتها على تنفيذ عمليات نوعية وتحقيق نتائج ملموسة، وهو ما جعل كيان العدوّ يدرك أن “اليمني يجيد هذا النوع من الحروب”، سواء أكانت حرباً نفسية أو عمليات عسكرية مباشرة، وتوقف حركة الملاحة الجوية في مطار اللّد، لمجرد معلومة عن صاروخ، يعد دليلاً قاطعاً على أن الكيان يصدق أي معلومة تأتي من اليمن ويعتبرها “صادقة وصحيحة”، مما يؤثر بشكل مباشر على حركة الملاحة الجوية والاقتصاد، فضلاً عن التأثير النفسي العميق على المستوطنين.

وأضاف الزبيدي أن عمليات اليمن العسكرية، ومنها تنفيذ ثلاث عمليات خلال 24 ساعة، تعزز هذا الشعور بالخطر لدى شركات الطيران، وتجعلها تتخذ قرارات احترازية تعكس مدى تأثير التهديدات اليمنية.

وشدّد العميد الزبيدي على أن الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية، خصوصاً في غزة، هو “موقف مشرف” يرفع “هامة اليمنيين” في ظل “تخاذل وصمت عربي وإسلامي مطلق وغير مسبوق”.

وأكّد أن هذا الموقف، الذي حظي بتقدير فصائل المقاومة الفلسطينية مثل كتائب القسام، يمثل “عملاً عظيماً” يسهم في “كسر إرادة المحتل المتقطر” وإعادة البوصلة الصحيحة للقضية الفلسطينية.

وجدّد التأكيد أن اليمن أصبح اليوم “لاعباً قوياً ومهماً ومؤثراً وفاعلاً” على المستوى الاستراتيجي، وأشار إلى أن مراكز الدراسات والأبحاث العالمية، بما فيها الأمريكية، تدرك أن “الدولة اليمنية تسيطر على مضيق باب المندب بكل فاعلية”.

وانتقد الزبيدي بعض وسائل الإعلام العربية التي لا تزال تتعامل مع اليمن بتصنيفات غير صحيحة، بينما كيان العدوّ الصهيوني والولايات المتحدة يدركان تماماً “قيمة هذه القوة وقيمة هذه الدولة”.

ولفت الزبيدي إلى الفخر بالانتماء لليمن، مشدداً على أن اليمنيين قد أثبتوا قدرتهم على الوقوف في وجه الاستكبار العالمي بكفاءة واقتدار.