مخطّط أمريكي صهيوني من بوابة “السويداء”.. سوريا في الواجهة
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
17 يوليو 2025مـ 22 محرم 1447هـ
تقرير || محمد ناصر حتروش
تتصاعد الأحداث في محافظة السويداء السورية بشكل لافت ومتسارع، مع دخول كيان العدوّ الإسرائيلي على خط المواجهة وقيامه بتنفيذ سلسلة غارات عدوانية استهدفت العاصمة السورية دمشق ومحافظة درعا.
ويبرز تساؤل مهم يبحث الجميع عن إجَابَة: ما الذي يحدث في السويداء، وما المخطّط الذي يستهدف سوريا، وما علاقة أمريكا وكيان العدوّ الإسرائيلي إزاء ما يجري هناك؟
يرى الناشط والمحلل السياسي رياض عيد أن “ما يحدث في السويداء اليوم ليس حدثًا عابرًا أَو صدامًا داخليًّا عاديًّا، بل يمثل حجر الأَسَاس في مشروع دولي لإعادة ترسيم خرائط جنوب سوريا، ضمن إطار مخطّط أمريكي-إسرائيلي يُراد له أن يفرَض على المنطقة واقعًا طائفيًّا متصارعًا”.
ويقول في حديثه لقناة “المسيرة”: إن المخطَّطَ يقومُ على تفكيك المجتمعات من الداخل، من خلال الدفع بكيانات محلية ذات طابع عِرقي أَو ديني لتتصارع فيما بينها، ومن ثم تقديم الكيان كـ “ضامن استقرار” عبر ما يُعرف بـ”السلام الإبراهيمي”.
ويصف عيد ما يجري في السويداء بـ “النسخة الجديدة من هذا المخطّط”، الذي يقوده الكيان الغاصب وأمريكا وتنفذه أدوات محلية تحت عناوين مختلفة، أبرزها ما يُعرف بمشروع أحمد الشرع، لافتًا إلى أن الهدف من التدخل الصهيوني العسكري ضد دمشق “لا يقتصر في الضغط السياسي على طائفة الموحِّدين الدروز، فحسب وإنما يصل إلى محاولة دفعهم نحو خيارِ الارتباط الأمني أَو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي؛ باعتبَاره ضمانةً لبقائهم وأمنهم في ظل تفتيت المنطقة وإشاعة الهويات الطائفية الهشة”.
ووفقًا لعيد فَــإنَّ “المعركة في الجولان وجبل الشيخ ليست جغرافية فقط، بل مائية واستراتيجية؛ فالكيان يعتبر المياه ثروةَ أمن قومي، ويسعى إلى السيطرة على ينابيع المنطقة لتأمين التفوق الجيوسياسي- اقتصادي في صراعات المستقبل”.
ومن مجريات الأحداث، لا يبدو الجنوب السوري مُجَـرّد ساحة صراع، بل مختبرًا فعليًّا لمشروع صهيوني متكامل يتوغل في مفاصل الدولة والمجتمع، مستخدمًا أدوات الحرب الحديثة لتفكيك البنية الوطنية.
ويذهب الناشط السياسي علي مراد، إلى ما هو أعمق، كاشفًا كيف تحوَّلت الحروب من نزاعات حدودية إلى صراع عقائدي على الهُوية والوجود، تدار فيها الشعوب كجبهات، ويهندس المستقبل بأقلام تغمس في فلسطين المحتلّة وتوقع على الأرض في السويداء.
وفي حديثه لقناة “المسيرة” يعتبر مراد أن المشروع الأمريكي – الصهيوني الجاري تنفيذُه في سوريا، هو “إعادة إنتاج للفوضى المنظَّمة، لكن بوسائل أكثر تطورًا وتعقيدًا”.
ووفقًا لرؤيته، فَــإنَّ ما يجري الآن هو “تطبيق عملي لحروب الجيل الخامس، حَيثُ تُستخدم التكنولوجيا والإعلام والتفكيك المجتمعي كأسلحة مركزية”، مُشيرًا إلى أن الكيان الغاصب لا يقبل أي نظام عربي جديد دون شروطه المسبقة، وعلى رأسها تفريغ الجنوب السوري من أي سلاح ثقيل، وتحويله إلى ممر آمن نحو العراق والأردن.
ويربط ذلك بتصريحات صادرة عن شخصيات قريبة من المجرم نتنياهو، تؤكّـد أن كُـلّ ما وعد به الرب لإبراهيم يجب أن يتحقّق، في إشارة إلى البعد التوراتي لمشروع ما يسمى بـ “إسرائيل الكبرى”.
ويرى مراد أن شخصية أحمد الشرع ليست سوى أدَاة في هذا المشروع، تُمنَح الشرعية الدولية مقابل تنفيذ أهداف العدوّ الإسرائيلي بما فيها تطويع طائفة الموحِّدين الدروز، وفرض واقع أمني يقصي المقاومة ويفرض وصاية “إسرائيلية” غير معلَنة على الجنوب السوري.
وتُرسَم خرائط النار من سوريا إلى لبنان مُرورًا بغزة والضفة، بدماء الشعوب وصمت الأنظمة ليتحول مشروعُ ما يسمى بـ “إسرائيل الكبرى” من الخرافة التاريخية إلى البداية الفعلية لتنفيذ مراحل الخطة بأدوات تصنعها أمريكا وكيان العدوّ، وهو ما بدأت ملامحُه تتضحُ في سوريا ولبنان، ومنطقتنا العربية برمتها.