الخبر وما وراء الخبر

استهداف القيادات الإيرانية… فشل استخباراتي أمريكي صهيوني يعمّق صمود طهران ويعزّز محور المقاومة

1

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

13 يوليو 2025مـ 18 محرم 1447هـ

في واحدة من أخطر العمليات الاستخباراتية التي استهدفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في السنوات الأخيرة، تعرُّضُ اجتماعٍ رفيعِ المستوى للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لهجومٍ في اليوم الرابع للعدوان على إيران صباح الاثنين 15 حزيران/ يوليو، من قبل لكيان العدوّ الصهيوني وبتنسيق واضح مع أجهزة استخبارات دولية، وعلى رأسها الأمريكية.

لكن ما رآه العدوّ إنجازًا سيتسبب في إرباك الداخل الإيراني، أثبت أنه خطأ استراتيجي كلّفه الكثير، وأدّى إلى نتائجَ عكسية صبّت في مصلحة طهران ومحور المقاومة ككل.

استهداف الرأس لضرب الهيكل:

الخبيران في الشأن الإيراني، الدكتور رضا إسكندر والدكتور حسين رويوران، أكّـدا في مقابلات منفصلة مع قناة “المسيرة”، أن هذا الاستهداف لم يكن حادثًا منفردًا، بل جزءًا من عملية استخباراتية معقَّدة ومتشعِّبة شاركت فيها أكثرُ من 23 دولة، وكان هدفها المعلن “ضربَ رأس النظام”.

وبحسب الدكتور إسكندر، فَــإنَّ العدوّ الصهيوني “كان يراهن على إحداث فراغ سياسي داخل إيران عبر تصفية رؤوس السلطات التنفيذية والقضائية، ظنًّا منه أن ذلك سيؤدي إلى انهيار المنظومة القيادية بالكامل”.

لكن على العكس، جاءت النتيجة “توحيدًا شعبيًّا غير مسبوق، شمل مختلفَ الطوائف والتيارات وحتى الجالية اليهودية الإيرانية التي خرجت تندّد بعدوان العدوّ على بلادهم، في موقف أذهل حتى المراقبين الغربيين”.

إيران لا تُهزم باغتيال أفراد:

أكّـد الدكتور رويوران أن “التصور الغربي–الصهيوني بأن النظام الإيراني قائم على شخصيات يمكن تغييبُها هو وَهْمٌ غير واقعي”.

وقال: “منظومة القيادة الإيرانية بُنيت منذ انتصار الثورة على أَسَاسٍ فكري وعقائدي متين، يجعل من كُـلّ مسؤول – مهما كان موقعُه – أدَاةً في مشروع شرعي جماعي، لا مركز قوة فردية يمكن باستهدافها إسقاط النظام”.

وشدّد على أن “منهجَ القيادة الإيرانية، الذي فوَّض فيه الإمام الخميني الصلاحيات المؤسّساتية، جعل من الجمهورية الإسلامية صُلبةً أمام كُـلّ محاولات التصدع” جراء الضربات الداخلية أو الخارجية.

ردٌّ دبلوماسي منضبطٌ وتحضير عسكري مدروس:

أجمع الخبيران على أن إيران أدارت المعركةَ بحنكة استثنائية، حَيثُ جاء الرد الإيراني موزونًا، بدأ بتحَرُّك دبلوماسي عاجلٍ نحو مجلس الأمن الدولي، وتزامن ذلك مع تحضيرٍ عسكري ميداني شامل.

وقال إسكندر: “أية دولة أُخرى كانت ستنهار تحت هذه الضربة، لكن إيران حوَّلت الأزمةَ إلى فرصة لإعادة إثبات جاهزيتها السياسية والعسكرية، والتأكيد على أن القيادة مستعدةٌ للرد وفق القانون الدولي، ولكن بحزم لا يعرفُ التراجع”.

وعَــــدَّ إسكندر الردَّ الإيراني المقبل “سيكون أشد إيلامًا في قلبِ الكيان”، مُشيرًا إلى أن “استهداف قادة الجمهورية الإسلامية يعني – من الآن فصاعدًا – فتح الباب لاستهداف قادة كيان العدوّ الصهيوني داخل فلسطين المحتلّة.

هذه معادلة ردع استراتيجية جديدة تغيّر ميزان القوة في المنطقة، وتجعل أية مغامرة صهيونية محسوبة العواقب بدقة”.

فشل مزدوج للاستخبارات والسياسة الخارجية:

أكّـد رويوران أن “فشل الكيان لم يكن فقط أمنيًّا، بل أَيْـضًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا. فالولايات المتحدة، التي كانت منخرطة في مفاوضات مع إيران في ذات الوقت، كشفت عن نواياها الحقيقية بالغدر والعدوان؛ ما أفقدها ما تبقى من مصداقية كوسيط أَو طرف دولي”.

وأوضح أن ما حدث “أثبت مجدّدًا ازدواجيةَ المعايير الدولية، حَيثُ لم يصدر أي موقف من المنظّمات الأممية ضد استهداف العلماء الإيرانيين في بيوتهم، بينما تواصل أُورُوبا تواطُؤَها مع العدوّ الصهيوني تحت غطاء حقوق الإنسان والحريات الزائفة”.

وَحدة الجبهات في وجه العدوان:

رأى الخبيران أن الهجومَ الفاشلَ عزَّز من تماسك جبهات محور المقاومة.

وأكّـد إسكندر أن “العدوّ فشل في إيران، وفشل في لبنان، حَيثُ لم يتمكّن من اختراق القرى الحدودية أَو الوصول إلى سلاح حزب الله، رغم الدعم العسكري والاستخباراتي من عشرات الدول”.

وأشَارَ إلى أن “المظلومية الإيرانية لم تُضعِف إيران، بل جعلتها قُدوةً لبعض الأنظمة التي بدأت تعيد النظرَ في بُنيتها الدفاعية والأمنية على الطريقة الإيرانية، من باكستان إلى بعض الدول العربية”.

ما شهدته إيران من هجمة مركّبة مدعومة دوليًّا، وما قابلته من تماسك داخلي واستعداد ميداني وردع محسوب، يطرحُ تساؤلاتٍ جدية حول مستقبل المعادلات الإقليمية، مفادها هل انتهت مرحلةُ التفوق المطلَق لكيان العدوّ الصهيوني في المنطقة؟ وهل انقلبت الموازين؟ وهل نجحت طهران فعلًا في تحويلِ استهدافها إلى نقطة انطلاق استراتيجية جديدة لمقاومة متماسكة متعددة الجبهات؟ وأي ردع قادم يمكن أن يعيدَ ترسيمَ حدود الصراع والمواجهة بين قوى الاستكبار العالمي وقوى التحرّر في الإقليم؟

المؤكّـد حتى اللحظة أن الجمهورية الإسلامية لم تُهزم، بل خرجت أقوى، وفرضت واقعًا إقليميًّا لا يمكن تجاوزه، في وقت بات فيه كَيانُ العدوّ الصهيوني أقربَ إلى الانهيار الأخلاقي والسياسي والعسكري مما كان عليه في أي وقت مضى.