الخبر وما وراء الخبر

فرض معادلة إغراق السفن.. دلالات استراتيجية وتحول نوعي في العمليات البحرية

1

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

13 يوليو 2025مـ 18 محرم 1447هـ

في تطور نوعي يغير قواعد اللعبة الإقليمية، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تبني استراتيجية “إغراق السفن” المتجهة إلى موانئ كيان العدو الصهيوني. هذه الخطوة، التي كشف أبعادها البرلماني التونسي السابق والمحلل السياسي الأستاذ زهير مخلوف في حديثه لقناة “المسيرة” اليوم الأحد، تتجاوز مفهوم الحصار البحري التقليدي، لتصبح أداة ضغط استراتيجية ذات دلالات عميقة على كيان العدو وداعميه.

استراتيجية الإغراق

لطالما تركزت العمليات البحرية على اعتراض السفن أو منعها من الوصول، واستهدافها بضربات تحذيرية فأن استراتيجية “إغراق السفن” تمثل نقلة نوعية تُلحق خسائر اقتصادية فادحة ومباشرة بكيان العدو وشركائه التجاريين. فبدلاً من مجرد إعاقة حركة التجارة، يعني الإغراق خسارة كاملة للبضائع والسفينة نفسها، مما يُجبر شركات الشحن والتأمين على إعادة تقييم شاملة لمخاطر التعامل مع موانئ كيان العدوّ.

وأوضح مخلوف أن التقارير تشير إلى استهداف 113 سفينة مرتبطة بكيان العدو خلال ستة أشهر، وأن هذه الاستهدافات امتدت لتشمل مناطق بعيدة جغرافياً مثل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي. هذا الانتشار الواسع للعمليات اليمنية يؤكد قدرة بحرية متزايدة لدى اليمن، ويرسل رسالة واضحة بأن أي سفينة تختار التوجه إلى موانئ كيان العدو (إيلات وحيفا) ستكون هدفاً مشروعاً، بغض النظر عن موقعها.

وتُسهم استراتيجية الإغراق في تحقيق تأثيرات متعددة الأبعاد، تشملأولاً: العزلة الاقتصادية لكيان العدوّ، مع تزايد مخاطر الإغراق، فتُصبح تكلفة التأمين على السفن المتجهة إلى موانئ كيان العدوّ باهظة، أو رفض شركات التأمين التغطية بالكامل.

هذا سيُجبر شركات الشحن الدولية على التوقف عن التعامل مع كيان العدو، مما سيُحدث شللاً كبيراً في حركة التجارة الحيوية له، ويُقيّد تدفق السلع الحيوية، بما في ذلك الغذاء والفوسفات.

ثانياً: تصاعد الضغط على حلفاء كيان العدوّ، مع اتساع نطاق العمليات البحرية اليمنية، ستجد الدول التي تُقدم طرقاً بديلة لكيان العدو، مثل الممرات البرية عبر الإمارات والسعودية والأردن وتركيا، نفسها في موقف حرج. هذه الدول قد تُجبر على مراجعة سياساتها وتورطها في دعم كيان العدو لتجنب مخاطر تهدد مصالحها التجارية.

ثالثاً: تعزيز موقف المقاومة الفلسطينية، يُشكّل هذا الضغط الاقتصادي والعزلة المتزايدة لكيان العدو ورقة ضغط قوية بيد المقاومة الفلسطينية في أي مفاوضات مستقبلية. فالضغط اليمني يُترجم إلى ثقل مضاف على كيان العدوّ، مما يُعزز شروط المقاومة ويُمكنها من تحقيق مكاسب أكبر على الأرض وفي مفاوضات وقف العدوان. الضربات اليمنية منحت الفلسطينيين “فرصة جديدة لتحسين شروط التفاوض” كما أكد مخلوف.

رابعاً: إثبات قوة اليمن كلاعب إقليمي، تُبرهن هذه العمليات البحرية على أن اليمن قد أصبح قوة عسكرية بحرية فاعلة، قادرة على تحدي القوى الكبرى. وصف مخلوف الموقف الأمريكي بعد هذه الضربات بأنه “إشارة إلى الجبن والضعف والعجز والفشل الأمريكي”، ودلل على ذلك بانسحاب البوارج الأمريكية من منطقة البحر الأبيض المتوسط، مؤكداً أن هذا الانسحاب كان “مفاجأة أكبر وأكثر إيلاماً لكيان العدو”. اليمن، بـ “سلاحه الصاروخي، وسلاح التدخل، وسلاح التفجير”، أثبت قدرته على قلب موازين القوى في المنطقة.

دلالات سياسية واستراتيجية

تُشير استراتيجية “إغراق السفن” إلى مرحلة جديدة في الصراع، حيث تُصبح المياه الإقليمية والدولية مسرحاً رئيسياً للدعم والإسناد للمقاومة. وهذا يؤكد أن اليمن، الذي وصفه مخلوف بـ “يمن الحكمة والإيمان والثبات والصمود”، لن يتوانى عن تقديم الدعم الحقيقي والمباشر، مهما بلغت التحديات.

فاليمن، بحسب مخلوف، أصبح “قوة عسكرية ضاربة في هذا الكون كله” وحضوره أصبح “في موازنة مع كل الحضور الأمريكي والحضور الصهيوني”.

هذا التحول يُرغم كيان العدو الصهيوني على إدراك أنه في حال إخلاله بالاتفاقيات، فإن هناك “قوة عسكرية ضاربة يمكن أن تزيد في حصاره ومحاصرته التجارية والاستثمارية والتنموية، وحتى الإمداد بالغذاء والمسائل الحيوية”.