الخبر وما وراء الخبر

مرحلة ما بعد الردع.. اليمن يكرّس التفوق الإقليمي ويقود معركة استنزاف مفتوحة

2

ذمــار نـيـوز || تقارير ||

10 يوليو 2025مـ 15 محرم 1447هـ

تقرير || منصور البكالي

في ظل استمرار العدوان الصهيوني على غزة وتزايد الضغوط الدولية لفرض هدنة، يبرز اليمن كقوة استراتيجية متقدمة، لم تعد تكتفي بتثبيت معادلات الردع، بل انتقلت إلى ترسيخ التفوق العسكري والسياسي والإعلامي في قلب المعادلة الإقليمية.

العملية الأخيرة التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية، عبر استهداف مطار اللّد بصاروخ “ذو الفقار”، جاءت لتؤكد أن اليمن بات يحدد قواعد الاشتباك ويقود أحد أكثر الجبهات تأثيرًا في الصراع مع كيان العدو الصهيوني.

 

اليمن من الردع إلى التفوق الاستراتيجي

يؤكد الباحث والمحلل الدكتور محمد هزيمة، أن اليمن تجاوز مرحلة فرض الردع، وبات يرسّخ موقعه كقوة إقليمية تقود محور المقاومة من موقع متقدم.

الضربات اليمنية، وفقًا لهزيمة، تحمل أبعادًا عسكرية واستخباراتية دقيقة، لا تقتصر على التدمير المادي، بل تستهدف العمق الصهيوني نفسيًّا واقتصاديًّا.

الصواريخ التي تُطلق من مئات الكيلومترات، تصيب أهدافًا حساسة في الداخل المحتل، وتفضح هشاشة الدفاعات الصهيونية رغم كل التقنيات الغربية.

الخبير العسكري العميد عزيز راشد، كشف أن صاروخ “ذو الفقار” يتمتع بخصائص خارقة تتمثل في رأس حربي ضخم وشظايا تمتد لأكثر من 500 متر، وقدرة على المناورة والتفادي، وسرعة متغيرة تعيق رصده بالمنظومات الاعتراضية.

وأضاف أن أنظمة الدفاع الصهيونية عاجزة عن التعامل مع هذه الفئة من الصواريخ الذكية، لا سيَّما في ظل اعتمادها على خوارزميات محددة يمكن التلاعب بها وفهمها محليًّا.

 

من الساحة البرية إلى فرض الحصار البحريوالجوي

في تصريحات ملفتة، قال العميد راشد: إن الاستراتيجية الأمريكية التي تستهدف محور المقاومة تم كشفها منذ عام 2011، وهي تعتمد على استخدام جماعات إرهابية ميدانية لتمرير الضربات الجوية ضد إيران واليمن.

وأضاف أن اليمن، عبر فهمه العميق لطبيعة هذه الاستراتيجيات، استطاع أن يبني قدراته الصاروخية والمسيّرة بذكاء شديد، مستندًا إلى العقلنة وليس العاطفة، في معركة ذات طابع استراتيجي.

وشدّد على أن اليمن حوّل البحر الأحمر إلى جبهة ردع استراتيجية، بقراره السيادي منع السفن المرتبطة بالعدو من العبور، ومواجهة التجسس الجوي بطائراته الدفاعية المتطورة.

هذا التحرك العسكري في المجالين البحري والجوي، لم يُفشل فقط مشاريع العدو، بل جعل من الجبهة اليمنية أكثر الجبهات ضغطًا وإرباكًا في ساحة المواجهة الشاملة.

الإعلام الغربي في مأزق

في هذا السياق انتقد الكاتب خالد بركات، تغطية الإعلام الغربي واصفًا إياها بـ “المتناقضة والمنحازة”، مشيرًا إلى أن صحفًا مثل “نيويورك تايمز” فقدت مهنيتها عند محاولتها نفي قدرات اليمن، رغم الاعتراف العسكري الغربي الضمني بهذه القدرات.

كما أشار إلى خذلان الأنظمة العربية، خصوصًا النظام المصري الذي “بإمكانه أن يفتح بوابة رفع الحصار”، لكنه يصر على الصمت والتواطؤ.

المحلل عدنان الصباح، شدد على أن المقاومة في غزة تستفيد فعليًّا من العمليات اليمنية، التي تمثل ظهرًا عسكريًّا وسياسيًّا متينًا، لكنه انتقد في المقابل مواقف السلطة الفلسطينية، واصفًا إياها بأنها “جزء من المؤامرة على غزة”، من خلال ممارسات التمييز والتجويع بحق القطاع.

مع تصاعد الدور اليمني وتعطّل الدفاعات الصهيونية، وتآكل الثقة في قدرة واشنطن على حماية كيان العدو، تتقدم تساؤلات كبرى، مفادها هل أصبح اليمن هو من يحدد نقطة توقف العدوان؟ وهل تدخل “هدنة غزة” من باب الضغط اليمني الصاروخي والبحري؟ ومتى تتحول الجبهة اليمنية من ساحة دعم إلى قوة حاسمة في تحرير فلسطين؟

وما هو مؤكد أن اليمن لم يعد مجرد لاعب داعم، بل بات قائدًا ميدانيًّا وإعلاميًّا واستراتيجيًّا في معركة الأمة، ومن يرسم نهاية المعركة ويتحكم بميدانها.