السيد القائد: إحياؤنا لذكرى استشهاد الإمام الحسين مواساة لرسول الله واستحضار لموقع الهداية والأسوة والقيادة
ذمــار نـيـوز || أخبــار محلية ||
6 يوليو 2025مـ – 11 محرم 1447هـ
أكّـد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- أن إحياءَنا لذكرى استشهاد الإمام الحسين “مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”، واستحضارٌ لما يعنيه من “امتداد من موقع الهداية والأسوة والقُدوة والقيادة”.
وقال السيد القائد في خطابه بمناسبة إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين -عليه السلام- عصر اليوم الأحد: إن “الإمام الحسين هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام”، مبينًا أن “هذا الإسلام الذي يمقُت الظلم، ويلعن الظالمين، ويواجه المستكبرين، ويقدم العدل والقسط منهجًا، ونظامًا، وحكمًا، ومسؤوليةً أَيْـضًا لأتباعه والمنتمين إليه”.
وتحدث فيها عن مأساة كربلاء وما الذي أوصل الأُمَّــة إلى حدوث مثل هذه المأساة بحق سبط رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، وما تلا ذلك من وصول بني أُمية للتحكم برقاب المسلمين والعمل على الانحراف بالأُمة عن قيم ومبادئ الإسلام العظيم.
ولفت السيد إلى المواقف البطولية للإمام الحسين -عليه السلام- ودوره في حفظ امتداد الرسالة الإلهية، وماذا ينبغي عليها كأُمة مسلمة في يوم الحسين يوم الوفاء والصدق.
وأوضح أن إحياءَنا لذكرى عاشوراء هو من المواساة للرسول “صلوت الله عليه وعلى آله” فلو كان رسول الله على قيد الحياة حين استشهاد سبطه وحفيده الحسين عليه السلام لكان العزاء له وفي منزله في المدينة.
وَأَضَـافَ أن “إحياءنا لهذه المناسبة لما يعنيه لنا الإمام الحسين وهو سبط رسول الله والامتداد الأصيل في موقع الهداية والقُدوة والقيادة والأسوة وهو كما قال فيه الرسول وفي أخيه الحسن: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)، وكما قال عنه أَيْـضًا: (حسينٌ مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا، حسين سبطٌ من الأسباط)”.
وأشَارَ إلى منزلة الإمام الحسين عند الله وعن دوره في الإسلام وكماله الإيماني العظيم الذي تجلى في مسيرة حياته وتجلى في أعلى المستويات في نهضته في مرحلة مصيرية تشكل خطورة رهيبة جِـدًّا على المسلمين في إسلامهم.
وقال: إننا وفي “يوم الحسين يوم الوفاء والعطاء والتأكيد على الثبات على الموقف الحق نؤكّـد على ثباتنا على الانطلاقة الإيمانية القرآنية، في مشروعنا القرآني المبارك، الذي يقوم على أَسَاس التَّمسك بالقرآن الكريم، وحمل راية الإسلام، والتحَرّك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدَّسة، في الجهاد في سبيل الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر”.
الإمام الحسين صاحبُ قضية:
وأوضح السيد القائد أن “الإمام الحسين عليه السلام هو صاحب قضية، وقضيتـه هـي الإسلام بأصالته ونقائه، وهي الحق الذي أرساه الإسلام نهجًا للحياة، وأَسَاسًا لمسيرة الأُمَّــة المنتمية للإسلام، الإسلام الذي يُحرّر الناس من كُـلّ أشكال العبودية للطاغوت، إلى العبودية لله وحده ربِّ العالمين”.
وقال: إن “الإسلام الذي يبني أتباعَه، والمنتمين إليه، ليكونوا أُمَّـة مجاهدةً، قادرةً على حماية نفسها، وعلى دفع الشر عنها، وعن المستضعفين في الأرض، وعلى مواجهة الطغيان والأشرار، وعزيزةً، منيعةً، قويةً، ليست بنيانًا ضعيفًا هشًّا في بنيتها الاجتماعية، ومعنوياتها النفسية، ولا فريسةً للمجرمين والمستكبرين، ولا لقمةً سائغةً للطامعين والظالمين”.
وأشَارَ إلى أن “هذا الإسلام أرسى دعائمه، وأقام بنيانه، وشيَّد أركانه، رسول الله وخاتم أنبيائه، محمد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، بجهده الدؤوب، وجهاده الكبير، وصبره العظيم، وتضحياته الكبيرة، مع أتباعه وأنصاره، بَدءًا من نقطة الصفر، وُصُـولًا إلى سيادة الإسلام في الجزيرة العربية، ثم انتشار نوره إلى مختلف أرجاء الدنيا”.
وبيَّن أن “الإسلام الذي يبني أتباعَه، والمنتمين إليه، في إطار مسؤوليتهم المقدَّسة والعظيمة، التي نهض بها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، والأخيار من الأُمَّــة، وصفوتها وأبرارها، لتبقى مسؤولية قائمةً على الأُمَّــة في كُـلّ زمان، تتحَرّك فيها على أَسَاس القرآن الكريم منهجًا، والنبي قُدوة وهاديًّا، هذه المسؤولية التي تقترن بها خيرية الأُمَّــة، وَإذَا أضاعتها فلا خير فيها، ولا يبقى لها أَيْـضًا أي خير”.
ولفت إلى أن العربَ انتقلوا بالإسلام “من أُمَّـة أُميَّة، جاهليةٍ، وثنيةٍ، مشركةٍ، متناحرةٍ، وضائعةٍ، ليس لها هدف ولا رسالة، وغشومةٍ، يسودها الظلم والإجرام، وتئد البنات، وتقتل البنين خشية الإملاق، ويأكل القوي منها الضعيف، وترتكب الفواحش، وتعتقد الخرافات والأباطيل، ولا تعرف حلالًا ولا حرامًا”.
وأكّـد أن نور الإسلام نقل الأُمَّــة إلى “صدارة الأمم، فارتقت بالإسلام عن جاهليتها، وأصبحت عند المقارنة بغيرها من الأمم، الأرقى، والأهدى، والأزكى، وتبوَّأت -آنذاك- مكانتها المميزة، وتهاوت الإمبراطوريات الكبرى أمام نور الإسلام في ذلك العصر”.
وأشَارَ السيد القائد إلى أن “تحول المعالم الكبرى للإسلام أوصلت إلى أن يواجه سبط رسول الله الإمام الحسين الغربة والتخاذل”، مُضيفًا أن “هذا الإسلام الذي هو رحمةٌ للعالمين، وسموٌّ وكرامةٌ للإنسانية، وعزٌّ ومنعةٌ، وحمايةٌ من الظلم والطغيان والإجرام”.
تحوُّلُ المعالم الكبرى وانقلاب بني أمية على الدين:
في السياق، تساءل السيد القائد: “ما الذي جرى حتى تحوَّلت معالمه الكبرى، وعناوينه الرئيسية، بعيدةً إلى حَــدٍّ كبير عن واقع الأُمَّــة، وأشبه بالمدائح لحقبةٍ في غابر الزمن، وإلى أُمنيَّة يتمناها مَن يكتوي من نار جاهلية العصر، وإلى أن يكونَ امتدادُه في الأُمَّــة، على مستوى الفكرة، ومحاولات التطبيق، محاربًا، وغريبًا، ومستهدَفًا بكل أشكال الاستهداف؟!”.
وقال مشدِّدًا: إنَّ “الزُّمرةَ الأموية، التي كانت تقودُ جبهةَ الشرك، وحملت رايتَه في محاربة رسول الله محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، والإسلام، سعت بكُلِّ جُهدِها للقضاء على الإسلام، وحاولت قتل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-“.
وأكّـد أنها وفي إطار محاربتها للإسلام ونبي الإسلام “شنت عليه الحروب العسكرية، والدعائية، والاقتصادية… وكل أشكال الحروب، وواجهته بعدائها وصَدِّها عن سبيل الله، تحت راية الشرك والكفر الصريح على مدى عشرين عامًا، حتى مكَّنه الله من فتح مكة”.
وَأَضَـافَ أن “الزُّمرة الأموية- آنذاك- استسلمت مرغمةً صاغرة، هي وأتباعها وأنصارها، وسمَّاهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- بـ (الطلقاء)؛ ليكون عنوانًا يبيِّن حقيقتهم، حتى لا يخترقوا عنوان المهاجرين أَو الأنصار، أَو يدَّعوا لأنفسهم منزلةً في الإسلام، أَو منَّةً على المسلمين”.
وبيَّن السيد القائد أن “الزمرة الأموية يئست بعد فتح مكة وما تلاه من انتصاراتٍ أُخرى، ودخول الناس في الإسلام أفواجًا، من إمْكَانية القضاء على الإسلام من خلال محاربته تحت راية الشرك والكفر المعلن”.
ولفت إلى أن هذه الزمرة “قرّرت الانتقال إلى مربعٍ آخر، وهو مربع النفاق، لتتحَرّكَ من خلاله، وتواصل مشوارها الهادف إلى تحريف مفاهيم الإسلام، وإلى استعادة نفوذها، والاستعباد للمسلمين، والاستئثار بخيرات الأُمَّــة، واستغلالها في الترف، وتقوية النفوذ، وإحكام السيطرة، وشراء الذمم والولاءات”.
ثلاثة عناوين تحذيرية للأُمَّـة من الطغاة في كُـلّ عصر:
وأكّـد السيد القائد أن “رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- كان قد حذَّر الأُمَّــة منهم، ومن أهدافهم تلك، وسعى للفت انتباه الأُمَّــة إلى ذلك، في عناوين ثلاثة، جامعة، وشاملة، وكاملة، لخَّصت كُـلّ تلك التفاصيل المهمة”.
وأشَارَ إلى أن الرسول الأعظم ومن خلال تحذيره الأُمَّــة، كشف “النَّهج الشيطاني الإجرامي المضل، الذي سيسير عليه طغاة بني أميَّة إذَا استحكمت قبضتهم على الأُمَّــة، ووصلوا إلى موقع السلطة والقرار، والإمرة والقيادة”، مستشهدًا بقوله عنهم: (اتَّخذوا دين الله دَغَلًا، وعباده خَوَلًا، وماله دُوَلًا)”.
وأوضح السيد القائد أن “يزيد في حقيقة أمره كان غير معترفٍ بالإسلام، وصرَّح بذلك في عدة مناسبات، حتى في أبيات شعرية، وكانت الأبيات الشعرية ذات أهميّة كبيرة جِـدًّا بالنسبة للعرب، في التعبير عن مواقفهم وآرائهم، ومن شعره الذي عبَّر عن هذه الحقيقة بالنسبة له، قوله: لعبت هاشم بالملك فلا… خبرٌ جاء ولا وحـيٌ نزل”.
وبيَّن أنهُ “وفي هذه الأبيات فقد جحد فيها يزيد بالوحي على رسول الله فهي تعني أن رسول الله مُجَـرّد انتهازي ومخادِع باسم الوحي والرسالة وهذه نظرة كفر”.
وقال: “تجلَّت الآثارُ السيئة بشكلٍ كبير جِـدًّا للدور الأموي في واقع الأُمَّــة، فحينما نهض الإمامُ الحسين عليه السلام، وهو معروفٌ في أوساط الأُمَّــة بمكانته، ومقامه، ومنزلته”.
وَأَضَـافَ “أنَّه [الإمامَ الحسين] حمل قضيةً هي حقٌّ واضح، وهي لنجاة الأُمَّــة، ولمصلحتها وإنقاذها، فكان التخاذل في أوساط الأُمَّــة إلى مستوىً رهيب، لم تستجب له، ولم تتحَرّك معه، رغم مكانته الواضحة والمعروفة، وقضيته الواضحة، والحق الواضح، وتجنَّد في المقابل عشرات الآلاف في صف الباطل”.
وأكّـد أن “يزيد كان مستبيحًا لكل الحرمات، معلِنًا بالفسق والفجور ومحلًا لما حرم الله وينتهك كُـلّ الحرمات، كما كان مستبيحًا لحرمة المقدَّسات لذلك استباح قتل العترة والاقتحام لمدينة رسول الله صلوات الله عليه وآله، والقتل حتى للمستضعفين حتى على قبر رسول الله، كما أقدم على قصف الكعبة بالمنجنيق”.
الحسين عليه السلام يقدم أعظم الدروس:
وأوضح السيد القائد أن الإمامَ الحسين عليه السلام، مع كُـلّ ما عاناه من جهة المتخاذلين، وَأَيْـضًا من الناكثين والغادرين، وما عاناه من وحشية وإجرام المجرمين، الذين تجنَّدوا مع الفراعنة الأمويين، إلَّا أنَّه قدَّمَ للأُمَّـة من بعده وإلى قيام الساعة، أعظمَ الدروس في الاستجابة الإيمانية لله، والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام، والعزة الإيمانية، ومعه أهل بيته، والقلة القليلة من الأنصار في قافلته”.
وأشَارَ إلى أن كُـلَّ تلك المواصفات الفظيعة تضافُ إلى استحكام قبضة “يزيد على الأُمَّــة؛ ما يعني ضياع الإسلام، كما قال الإمام الحسين: “وعلى الإسلام السلام؛ إذ قد بليت الأُمَّــة براعٍ مثل يزيد”.
ولفت إلى أن هذه الكلمات وغيرها من كلمات الإمام “في خطبه ورسائله مصحوبةً بأعظم المواقف وأعظم التضحيات هي مدرسة هادية وملهمة لكل الأجيال ولمواجهة الطغاة في كُـلّ زمان ومكان ولاتِّخاذ القرار الصحيح حينما توضع الأُمَّــةُ بين خيارَينِ:- إما السلة وإما الذلة”.