الخبر وما وراء الخبر

لبنان يجهّز رده للمبعوث الأمريكي: المقايضة في سلاح المقاومة مرفوضة بالمطلق

4

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
5 يوليو 2025مـ – 10 محرم 1447هـ

من المتوقع أن يُسلِّمَ لبنانُ المبعوثَ الأمريكي “توماس باراك” -الذي سيصل يوم الاثنين المقبل، إلى بيروت- رده الرسمي على مطالبه بمقايضة نزع سلاح حزب الله بالمساعدات المالية والاقتصادية.

الرد اللبناني يعكس الإرادَة السيادية للدولة، ويستند إلى الثوابت الوطنية والحقوق المشروعة في مواجهة الاحتلال والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة منذ بدء سريان وقف إطلاق النار.

مصادر سياسية ودبلوماسية رفيعة المستوى لخّصت مضمون الرد اللبناني على وثيقة “باراك” لوكالة “يونيوز” للأخبار، كالتالي:

1- يلتزم لبنان بتطبيق القرار الدولي رقم 1701 الذي يدعو إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب نهر الليطاني ولا ينص القرار في أيٍّ من بنوده على نزع سلاح المقاومة.

2- يرفض لبنان ربط إعادة الإعمار بنزع السلاح وممارسة الابتزاز السياسي عبر مقايضة المساعدات المالية والاقتصادية ومِلف إعادة الإعمار بنزع سلاح المقاومة، وإن إعادة إعمار ما دمّـره العدوان الإسرائيلي هو حقٌّ سيادي غير مشروط.

3- يعتبر لبنان أن موضوع سلاح المقاومة هو شأن لبناني داخلي ويُناقَش ضمن الأطر الوطنية الداخلية، لا في غرف الضغط الدولي، وأن الحوار بين اللبنانيين هو السبيل الوحيد لمعالجة هذا المِلف، وليس عبر الفرض أَو التهديد.

4- تتحمل (إسرائيل) مسؤولية عدم تنفيذ القرار 1701 وتذكّر الدولة اللبنانية المجتمعَ الدولي بأن لبنان التزم بكافة بنود القرار 1701، فيما لا تزال (إسرائيل) ترفُضُ الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة (النقاط الخمس، مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر)، وتواصل خروقاتها الجوية والبرية يوميًّا، وتحتجز أسرى لبنانيين في سجونها.

5- يرفض لبنان المهلة الزمنية ويرى فيها استدعاءً أمريكيًّا لتدخُّلٍ عسكري إسرائيلي، ويؤكّـد لبنان أنه التزم بتنفيذ الاتّفاق 1701 بينما ترفض (إسرائيل) الالتزام به وتواصل خرق السيادة اللبنانية وتنفيذ أعمال عدوانية في مختلف المناطق بما فيها بيروت.

6- يرفض لبنان المقايضةَ بين السلاح والشرعية السياسية لحزب الله، وهذه المقايضة تهدف إلى ضرب التمثيل السياسي لشريحة واسعة من اللبنانيين، وهي مرفوضة بالمطلق كونها تهدّد وحدة لبنان واستقراره الداخلي.

وتجدر الإشارةُ إلى أن الوثيقة، المعروفةَ باسم “ورقة باراك”، تُلزِمُ الحكومة اللبنانية بخطوات تنفيذية تبدأ باتِّخاذ قرار حكومي في مجلس الوزراء بنزع سلاح حزب الله مقابل وعودٍ بدعم مالي واقتصادي وإعادة الإعمار، وفقَ دبلوماسية “خطوة مقابل خطوة” التي وضعتها واشنطن كخارطة طريق تبدأ بنزع سلاح حزب الله ولا تنتهي بتدميره.

وجاءت الوثيقة في خمس صفحات، واستلمها الرؤساء الثلاثة وقيادة الجيش، كما وصلت نسخة منها لقيادة حزب الله التي ردت عليها بخطوة واحدة وهي دعوة (إسرائيل) إلى الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلّة وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لديها ووقف الخروقات المتواصلة للسيادة اللبنانية، وإعادة الإعمار بدون شروط، أما موضوعُ السلاح فهو أمرٌ سيادي لبناني يترك للحوار بينهم.

الوثيقةُ التي لم تعترف واشنطن رسميًّا بوجودها، تضعُ أمام لبنان مُهلةً لا تتجاوزُ شهرين لتنفيذ “التزام واضح بحصرية السلاح بيد الدولة”، تبدأ بتجميع الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة الهجومية، تحت إشراف لجنة عسكرية ومراقبين دوليين تعيّنهم لجنةُ الإشراف على تنفيذ القرار 1701، وتتولى هذه اللجنة تحديدُ مصير السلاح: إما تدميره أَو السماح للجيش اللبناني باستخدام بعضه.

وبحسب مصادر لبنانية؛ فإن “باراك” أبلغ الرؤساء اللبنانيين بأنكم “إذا كنتم تريدون الإعمار ودعم الاقتصاد، فعليكم البدء بنزع سلاح حزب الله فورًا”، وتنص الورقة أَيْـضًا على إمْكَانية مساعدة لبنان في ترسيم الحدود مع (إسرائيل) وسوريا، تحت مبدأ اعتبار مزارع شبعا أراضيَ سورية، إضافةً إلى مطالبةِ لبنان بترسيم حدوده الشرقية مع سوريا وفق تصوّر دولي يتضمن إنشاء أبراج مراقبة حدودية متخصصة.

وتفيد المصادر نفسها بأن الرؤساء اللبنانيين الثلاثة استشعروا خطورة الوثيقة على السلم الأهلي، فقرّروا تشكيل لجنة مشتركة للردِّ عليها، واتفقّوا على عدم طرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء إلا بالاتّفاق مسبقًا على الأمر بينهم، وعقدت اللجنة الثلاثية التي تمثل الرؤساء الثلاثة اجتماعات عدة في إطار تحضير الرد اللبناني الموحد على وثيقة “باراك”.

واللافت في الورقة -بحسب المصادر- أنها تحاول مقايضة موافقة حزب الله على شروط الاستسلام بعدم ممانعة واشنطن اعتباره مكوّنًا سياسيًّا في البرلمان والحكومة، ما دام سلَّمَ سلاحَه النوعي، بينما تعتبر السلاح المتوسط والخفيف مسألةً داخليةً لا تهمّ المجتمع الدولي.