هل تقوم الولايات المتحدة الآن بتمويل حمّام الدم في مراكز الإغاثة بغزة؟
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
1 يوليو 2025مـ – 6 محرم 1447هـ
مساعدات صندوق الإغاثة العالمي بحضور “الموساد” وضلوع ” وكالة الاستخبارات الأمريكية” وإدارة “شركات مقاولات أمريكية”
أشار تقريرٌ لمجلة “ريسبونسيبل ستيتكرافت” الأمريكية، إلى أن الولايات المتحدة تقوم بتمويل حمَّام الدم في مراكز الإغاثة بغزة.
وتحدث تقرير ستيتكرافت، الذي نشر اليوم، الثلاثاء، أن أمريكا خصَّصت ما لا يقل عن 30 مليون دولار لمؤسّسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل والمدعومة من (إسرائيل).
بحسب التقرير فَــإنَّGHF، المنظمة التي تقع في قلب الاتّهامات بالقتل إلى جانب العدوّ الإسرائيلي، تستخدم المساعدات كسلاح لإطلاق النار على المدنيين من سكان غزة. الأمر الذي دفع العديد من منظمات حقوق الإنسان للمطالبة بإغلاقGHF، حَيثُ قتلت قوات العدوّ الإسرائيلية مئات الفلسطينيين في مراكز الإغاثة التابعة لها أَو حولها.
وفنّد التقرير مزاعم “منظمة غزة الإنسانية” وحملات بريدها الإلكتروني شبه اليومية، ومنشوراتها علىX، والتي تزعم أن عملها يقدم مساعدات حيوية للفلسطينيين. معلقًا: “هذه الادِّعاءات تبدو واهيةً عند مقارنتها بالوضع الكارثي لعملياتها في غزة، والمدان على نطاق واسع، حَيثُ وردت تعليمات لجنود جيش الدفاع الإسرائيلي بإطلاق النار على الفلسطينيين في مراكزهم أَو حولها كُـلّ يوم تقريبًا”.
استراتيجيةGHF الإعلامية:
كشفت المجلة الأمريكية أن منظمة “GHF” ليست مؤسّسة مستقلة أَو مجموعة إنسانية. وقدمت سردية مختصرة لقصة هذه المؤسّسة الضليعة في مؤامرات القتل واستباحة دماء أبرياء وجوعى غزة، فقالت: “في الواقع، تم تصورها من قبل مسؤولين إسرائيليين في بداية الحرب، بدعم من مستثمري التكنولوجيا الإسرائيليين ورؤوس الأموال المغامرة، بالإضافة إلى الموظفين من منسقي مساعدات (الدولة) الإسرائيليون، أَو مكتب تنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية (COGAT)”.
وأضافت “يزعم نواب المعارضة الإسرائيليون أن الموساد، جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، موّل صندوق المساعدات الإنسانية العالمي”. وتابعت “في غضون ذلك، يُزعم أن ضابط وكالة المخابرات المركزية السابق، بول رايلي، كان طرفًا أَسَاسيًّا في المخطّط، وأسَّس شركة “سيف ريتش سوليوشنز”، إحدى شركتَي مقاولات خاصتَين مقرُّهما الولايات المتحدة، تُديران مراكز المساعدات. ويرأس جندي سابق في القوات الخَاصَّة الأمريكية الشركة الأُخرى”.
وكشف ما تقوم به هذه المنظمة من تزييف لواقع المساعدات معلقًا: “حرصًا منها على تصوير نفسها كقوة خير، تُغرق مؤسّسة غزة الإنسانية الصحفيين برسائل شبه يومية تُفاخر بعدد الوجبات المُقدمة لسكان غزة، وتُظهر في كثير من الأحيان صورًا لفلسطينيين مبتسمين، وخَاصَّة أطفال، يتلقون المساعدات. يستخدم حسابهاX وموقعها الإلكتروني الجديد والبارز رسائل وصورًا مماثلة.
مُضيفًا “حتى إن مؤسّسة التمويل الدولية عيّنت شاهار سيغال، صاحب المطعم البارز وشريك أعمال الشيف الإسرائيلي الشهير إيال شان، متحدثًا باسمها. وقد أشاد المتحدثان باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس وتومي بيجوت، مرارًا وتكرارًا بعمليات المؤسّسة الإغاثية في مؤتمرات صحفية أخيرة”.
وفي تعليق المجلة على إنكار العدوّ لاستمرار ارتكاب مجازر الإبادة بحق الغزيين، أوضحت أنه رغم نفي العدوّ الإسرائيلي لمشاهد قتل منتظري المساعدات الإنسانية بغزة على يد قواته المحتلّة في مواقع الإغاثة، إلا أن عمليات القتل هذه قد نُشرت على نطاق واسع في العديد من وسائل الإعلام الرئيسية، بما في ذلك “هآرتس” و”رويترز” و”الجزيرة”.
في إعادة لذكر ادِّعاء إسرائيلي شائع بأن حماس تحوّل المساعدات الإنسانية في غزة لتحقيق أغراضها الخَاصَّة، كان رد سيندي ماكين، رئيسة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بالقول في أواخر شهر مايو، إنه “لا يوجد دليل على أن حماس تسرق المساعدات”.
واستغرب تقرير المجلة الأمريكية من استمرار التغطية على جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقال في هذا السياق: “على الرغم من التقارير الإعلامية الموثوقة، تُصرّ مؤسّسة الإغاثة الإنسانية العالمية على أن جنود (القوات) الإسرائيلية لم يقتلوا أَو يُصيبوا مئات الفلسطينيين الذين كانوا يلتمسون المساعدة في مواقعها… وحتى 29 يونيو/حزيران، أُبلغ عن مقتل ما لا يقل عن 583 فلسطينيًّا في مواقع الإغاثة التي تُديرها المؤسّسة أَو بالقرب منها منذ 27 مايو/أيار، عندما بدأت عملياتها”.
وقالت أنيل شيلين، الباحثة في برنامج الشرق الأوسط بمعهد كوينسي، لشبكة آر إس: “ليس من المستغرَب أن تستخدم مؤسّسة غزة الإنسانية وسائلَ التواصل الاجتماعي لتصوير نفسها على أنها تساعد الفلسطينيين في غزة. عليها أن تحاولَ التغلُّبَ على الأدلة الدامغة التي تثبت أن مواقع توزيع المساعدات التابعة لها مسؤولة في الواقع بشكل أَسَاسي عن قتل الفلسطينيين بدلًا عن إنقاذهم”.
مساعدة (إسرائيل) على التهرب من المساءلة:
في رسالة مفتوحة صدرت في 23 يونيو/حزيران، انتقدت مجموعة من 15 منظمة دولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك اللجنة الدولية للصحفيين، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الحقوق الدستورية ومقره نيويورك، عمليات مؤسّسة الهلال الأحمر الفلسطيني، بما في ذلك إشراك المرتزِقة من القطاع الخاص والقوات الإسرائيلية.
وكتبوا أن “النموذج الجديد لتوزيع المساعدات المخصخصة والعسكرية الذي تتبناه مؤسّسةُ الإغاثة العالمية يشكل تحولًا جذريًّا وخطيرًا بعيدًا عن عمليات الإغاثة الإنسانية الدولية الراسخة”.
ألكسندر سميث، المتعاقد السابق مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والذي استقال بعد أن حجبت إدارة بايدن عمله في غزة، صرّح لـRS بأن مؤسّسة “GHF” لا تتصرف كمنظمة إغاثة حقيقية. على سبيل المثال، يُعدّ إجبار الفلسطينيين على السفر إلى عدد قليل من مراكز الإغاثة انتهاكًا للمعايير الإنسانية الراسخة. وقال: “لا نريد أن يضطر المرضى والجرحى إلى التنقل، ولا نريدهم أن يتنقلوا عبر منطقة حرب. نحن من نوصل لهم المساعدات”.
ويؤكد المراقبون أن عمليات صندوق الإغاثة العالمي تُسهم في تحقيق الأهداف السياسية لـ (إسرائيل) في المنطقة. وقد وجد الباحث البيئي يعقوب غارب أن هياكل المساعدات التابعة لصندوق الإغاثة العالمي صُمِّمت ووُضعت بطرق “تستجيب بشكل أَسَاسي للاستراتيجية والتكتيكات العسكرية الإسرائيلية، بدلًا من… تدخل إغاثي إنساني واسع النطاق”. ويقتصر نشر صندوق الإغاثة العالمي على مواقع المساعدات في وسط وجنوب غزة؛ مما يُشير إلى أن العمليات تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة شمال غزة -، حَيثُ حظرت (إسرائيل) الآن المساعدات كليًّا.
قال سميث: “من الواضح أن إنشاء مراكز توزيع المساعدات الثلاثة هذه في أقصى جنوب غزة يهدف إلى جذب السكان إلى الجنوب، قرب الحدود المصرية… لإبعادهم عن الشمال. وقد كان المسؤولون الإسرائيليون، من نتنياهو إلى سموتريتش، صريحين للغاية بشأن نيتهم الاستيلاء على تلك الأرض وإعادة توطين سكانها”.
وقالت شيلين: إن “عمليات واتصالات مؤسّسة التمويل الدولية تساعد (إسرائيل) على التهرب من المساءلة عن الأزمة الإنسانية التي خلقتها في غزة، حَيثُ قتلت (إسرائيل) أكثر من 56 ألف فلسطيني منذ 7 أُكتوبر/تشرين الأول 2023”.
وأضافت: “سمح الجيش الإسرائيلي لمؤسّسة الإغاثة الإنسانية العالمية ببدء عملها فقط لتبديد الانطباع بأن (إسرائيل) تتعمد تجويع سكان غزة حتى الموت، من خلال منع دخول أي طعام تقريبًا منذ 2 مارس/آذار، واستمرارها في منع دخول أي دواء أَو وقود أَو ماء إلى القطاع”. وتابعت: “مؤسّسة الإغاثة الإنسانية العالمية لا تهدف إلى مساعدة الفلسطينيين، بل إلى تبديد التغطية الإعلامية السلبية”.