هل استخدمت إيران خرسانةً خَاصَّةً في منشأة فوردو؟
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
26 يونيو 2025مـ – 1 محرم 1447هـ
تقريــر || إبراهيم العنسي
يتعزز الفشل الأمريكي في النيل من البرنامج النووي الإيراني، في ظل تكهنات متزايدة بأنه على الرغم من القدرات المُروَّجة للغاية لقنبلة GBU-57/B MOP الخارقة للتحصينات،
إلا أنها لم تنجح في اختراق مخابئ إيران – على الأقل ليس في فوردو، حَيثُ بُنيت المنشأة النووية تحت جبل حقيقي ومُحصَّنة بأطنان من الخرسانة. هكذا ساق بيتر سوتشيو، الكاتب المتخصص في الشؤون العسكرية بمجلة ذا ناشيونال إنترست مبرّرات ذلك الفشل، حَيثُ يركز الحديث على نوعية من خرسانات التحصين في مواجهة القنابل الفتاكة.
لقد ردّ البيت الأبيض على التقارير الإعلامية التي شكَّكت في نتائج لجنة الاستخبارات الأمريكية، زاعمًا أن الوثائق المسربة كانت جزءًا من محاولة لتشويه سمعة الإدارة وحتى “طياري المقاتلات” المشاركين في المهمة ــ على الرغم من أن العملية نفذتها قاذفات مدعومة بمئات الطائرات الأُخرى.
وبينما كتب ترامب على موقع “تروث سوشيال”: “واحدة من أنجح الضربات العسكرية في التاريخ. المواقع النووية في إيران مدمّـرة بالكامل!”، سَرعانَ ما تراجع، وأقر أثناء حديثه في قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي يوم الأربعاء، بأن المعلومات الاستخباراتية “غير حاسمة”، وهي إشارة إلى أن ادِّعاءاته السابقة بالغت في تقدير الأضرار.
ورغم أن هناك شواهد على نقل الإيرانيين للمكونات الرئيسة للتخصيب من المنشآت النووية قبل قصفها. يعتقد الخبراء الغربيون أن تلك المنشآت قد تكون سليمة جزئيًّا أَو كليًّا، ليس فقط؛ لأَنَّها مبنية داخل جبل، ولكن أَيْـضًا؛ بسَببِ الخرسانة ذات المواصفات الخَاصَّة، حَيثُ يُعتقد أن إيران استخدمت “خرسانة فائقة الأداء”، تتمتع بقوة ضغط تفوق الخرسانة التقليدية بعشرة أضعاف؛ ما يجعلها أكثر مرونة في مواجهة الصدمات الخارجية.
مصطلح الخرسانة فائقة الأداء (UHPC)، كما تناولها بيتر سوتشيو، ظهر لأول مرة عام ١٩٩٤، على الرغم من أن الجيش الأمريكي طوّره لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي للمشاريع التي تتطلب متانة أكبر مثل الثكنات ومراكز القيادة. أصبح متاحًا تجاريًّا عام ٢٠٠٠، ويُستخدم الآن على نطاق واسع في مشاريع البنية التحتية.
أصبحت وصفة الخرسانة فائقة الأداء (UHPC) معروفةً الآن، وتستخدمها العديد من الدول. و”القوة الأكبر” تُكتسب بإضافة الفولاذ وألياف أُخرى إلى الخليط؛ مما يُحوّل الخرسانة الهشة عادةً إلى “مادة مُركّبة”، وتُساعِد إضافةُ الألياف على منع التشقق. وتتميز الخرسانة فائقة الأداء بقدرتها على امتصاص طاقة حركية أكبر بكثير.
وفقًا لمجلة ناشيونال انترست، هناك تكهنات بالفعل بأن قنبلةGBU57 MOP ببساطة لا تفي بالغرض؛أي إن هناك حاجة إلى قنبلة أكبر وأقوى. ومع هذه الحاجة لا يملك سلاح الجو الأمريكي طائرات في الخدمة بعدُ لحمل مثل هذا السلاح. كما أنه من غير المرجح أن تكونَ طائرةB-21 قادرة على حمل قنبلة خارقة للتحصينات أكبر حجمًا.
مع ذلك هناك ما هو أكبر من حاجة لقنبلة أقوى اختراقًا. إذ تطرَّق بيتر سوتشيو إلى ما أوردته مجلةPopular Mechanics، من أن الصين تُجرِي اختبارات على “مركَّب أسمنتي مُدرَّج وظيفيًّا” (FGCC)، وهو نوعٌ من المواد المركبة فائقة الأداء (UHPC) متعدَّدة الطبقات ذات خصائص مُتفاوتة. قد لا تتمكّنُ أكبرُ الذخائر التقليدية المُستخدَمة حَـاليًّا من اختراق هذه المواد، ولن تُحل هذه المشكلة بزيادةِ حجم القنابل الحالية؟!
تساءل: ما هي الخطوة التالية؟ وأجاب: ربما تستخدم الولايات المتحدة أَو غيرها من القوى العالمية صواريخَ تفوقُ سرعتَها سرعةَ الصوت، وهي صواريخ تعتمد على السرعة والطاقة الحركية بدلًا عن الانفجار الكيميائي. قد يتطلب الأمرُ سلاحًا كهذا لتدميرِ الجيل القادم من المخابئ.
منذ أن هُزمت الأسوار الضخمة التي دافعت عن مدن أُورُوبا لأكثر من ألف عام، بفضل استخدام البارود والمدافع، استمر سباقُ التسلُّح بين التحصينات والأسلحة اللازمة لتدميرها. ويبدو الآن أن التحصينات هي المنتصرة، على الأقل إلى حين ظهور نوع جديد من الأسلحة.