الحجُّ فريضةٌ مستهدفة.. السيد القائد: لا ملكية على البيت الحرام.. هو للناس كافة
ذمــار نـيـوز || أخبــار محلية ||
4 يونيو 2025مـ – 8 ذي الحجة 1446هـ
أكّـد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن الحَجَّ هو من أهم الشعائر التي تؤصِّل وحدةَ الدين الإلهي وتربط الأُمَّــة بموروثها النبوي، مشدّدًا على أن رسولَ الله محمدًا -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- هو الامتدادُ الإلهيُّ لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وهو حلقة الوصل التي ربطت هذه الأُمَّــة بالإرث الإبراهيمي والمسؤولية الدينية.
وفي الدرس السادس من سلسلة «نحن نقص عليك أحسن القصص»، مساء الأربعاء، أشار السيد القائد إلى قول الله تعالى: {إِنَّ أولى النَّاسِ بِإبراهيم لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}، ليؤكّـد أن الإسلام هو الامتداد الأصيل لمِلة إبراهيم، وأن المعالمَ والشعائرَ المرتبطة بالحج تعكس وحدة الرسالة السماوية منذ إبراهيم مُرورًا بإسماعيل وحتى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله.
السيد القائد بيّن أن شعائر الحج تُعدّ شاهدًا حيًّا على وحدة الرسالات الإلهية، وامتدادها عبر الأنبياء، بَدءًا من إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وُصُـولًا إلى النبي محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، في مواقف رمزية تؤسس لموقف عملي في واقع الحياة.
رمزية الحج.. عداءٌ للشيطان ومباينة لأوليائه:
أوضح السيد القائد أن من أعظم دلالات الحج التربوية، تجسيدَ البراءة من الشيطان وأعوانه، من خلال الشعائر الرمزية كـ “رمي الجمارات”، التي تعلِّم المؤمنين كيف يتخذون الشيطان عدوًّا كما أمر الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}.
وَأَضَـافَ أن هذه الرمزيةَ يجب أن تترجم إلى مواقفَ عملية في الحياة، من خلال اتِّباع نهج الله والمباينة الواضحة مع خط الشيطان ومناهجه وأوليائه.
وفي حديثه عن الأهميّة الروحية والنفسية للآثار والمعالم الدينية، شدّد السيد القائد على أن هذه الأماكن تمثل ذاكرة الأُمَّــة الإيمانية والتاريخية، ومن هنا يأتي حرص أعداء الإسلام، وفي طليعتهم اليهود والنصارى، على محاربتها وطمسها، حتى لا يبقى للأُمَّـة أي امتداد حيّ أَو شعوري بماضيها المقدَّس.
وأشَارَ إلى أن “حُرمة الحرم المكي تشريعية إلهية قاطعة، فالله يقول: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}، كما جاء في آياتٍ أُخرى {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}، و{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}، وهي تشريعات تتقاطع عند قدسية المكان وحماية رواده، حتى من إيذاء الحيوانات، فكيف بالبشر”!
فريضة محاصَرة.. الحج من أيسر الفرائض إلى أعقد الأسفار:
وانتقد السيد القائد ما وصفه بـ”التعقيد المتعمد” المفروض على الحجيج، رغم توافر وسائل النقل والاتصال الحديثة، وقال بأسىً: “أصبح السفر إلى الحج أعقد من أية رحلة أُخرى في العالم، وهو أمر محزن جِـدًّا في زمنٍ يفترض فيه أن يكون الوصول إلى بيت الله الحرام أيسر من أي وقتٍ مضى”.
وسلَّط الضوءُ على الابتزاز المالي الذي يعانيه الحجاج، من تضخيم أسعار التذاكر والإقامات ووسائل النقل بشكل غير مبرّر، واصفًا ذلك بأنه “نوعٌ من أنواع الصد عن المسجد الحرام، سواءً تحت مبرّرات مالية أَو سياسية”، في مخالفة صريحة لقول الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
وفي معرِضِ حديثه عن التحديات التي تواجه الحج، كشف السيد القائد عن مخطّط صهيوني واضح للاستيلاء على مكة والمدينة، وجعل أداء المناسك خاضعًا لاعتبارات سياسية واستثمارية، معتبرًا ذلك امتدادًا للمؤامرة على الدين، ومظهرًا من مظاهر الصدّ عن المسجد الحرام، الذي قال الله فيه: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ…}.
الكعبة ليست ملكًا لأحد.. ومكة ليست مشروعًا سياحيًا
وبيّن السيد القائد أن بيتَ الله الحرام ومكة المكرمة ليستا ملكيةً حصرية لأحد، ولا حقًا تجاريًّا يُستثمر اقتصاديًّا وسياسيًّا، بل هما ملك للأُمَّـة الإسلامية، وملك للناس كافة كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}.
وأكّـد أن السيطرة السياسية أَو الإدارية لا تعني الولاية الشرعية، ولا تبرّر التحكم الجائر في هذا المعلم المقدس، مشدّدًا على أن من يمنع المسلمين أَو يعقّد وصولهم إلى الحج، يرتكب واحدة من أكبر الجرائم في حق الدين والأمة.
وفي سياق حديثه عن المخطّط الصهيوني، قال السيد القائد: إن هناك مخطّطا معلنًا وصريحًا للاستيلاء على مكة والمدينة، وأن هذا يمثل ذروة الاستهداف الديني والرمزي لأقدس مقدسات الأُمَّــة الإسلامية.
وأكّـد أن هذا المشروع لا يقتصر على الاحتلال العسكري فقط، بل يمتد إلى تشويه مكانة الحج إعلاميًّا، وإضعاف الارتباط الشعوري للمسلمين بالبيت الحرام، عبر التضييق والتشويه والابتزاز والإجراءات المنفّرة.
وأشَارَ إلى أن قدسية الآثار الدينية ومعالم الحج، وما لها من أثر نفسي وروحي عميق في الوجدان الإسلامي، هي من أبرز الأهداف التي يسعى أعداء الإسلام إلى محوها وتشويه ارتباط الأُمَّــة بها، ضمن حرب مُستمرّة على الدين ومقدَّساته.
وتوقف السيد القائد أمام قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}، موضحًا أن الأمن في الحرم جزء من التشريع الإلهي، لا يحق لأحد انتهاكه أَو تجاوزه، بل على الجميع احترام حرمته؛ لأَنَّ ذلك يرتبط مباشرة بعظمة المقام وأهميّة العبادة فيه.
وأكّـد أن الله تعالى أراد للبيت أن يكون مثابةً وأمنًا، ومكانًا ميسرًا للعبادة بعيدًا عن الابتزاز المادي والاستغلال التجاري، لكن الواقع المؤسف، كما وصفه، هو أن الحج تحوَّل إلى أعقد عمليات السفر في العالم، من حَيثُ الإجراءات والتكاليف والقيود، وهو ما يتنافى مع جوهر الفريضة وغاياتها.
وشدّد على أن البيت الحرام لا يخضع لأية ملكية سياسية أَو اقتصادية؛ بل هو لكل المسلمين، سواء العاكف فيه أَو الباد، رافضًا تحويله إلى مشروع سياحي أَو استثماري، مُشيرًا إلى أن ذلك يمثل جريمة وانتهاكًا لحرمة من أعظم الحرمات.
وقال: إن “البيت الحرام ليس مزارًا سياحيًّا، بل مقامٌ مقدَّسٌ عظيم، لا يجوز استغلاله أَو التحكم فيه بمنطق النفوذ والمال والسياسة”، معتبرًا أن من حق الأُمَّــة الإسلامية أن تؤدِّيَ هذه الشعائر بطمأنينة وكرامة وأمن، بعيدًا عن التوظيف الإعلامي الزائف، والاستغلال المالي الجشع، والتضييق السياسي المتعمد.
ودعا السيد القائد في ختام حديثه إلى ضرورة الوعي بهذه الهجمة المنظمة، وإحياء روح الارتباط الإيماني بالحج كفريضةٍ جامعة ومعلَم رباني لا يجوز العبث به، موضحًا أن “ما يجري من تعقيد وتضييق هو نتاج هذا الاستهداف المتعمد”.