“بوليتكو” الأمريكية: لعقدٍ من الزمن.. الجميع فشل عسكريًّا في اليمن
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
31 مايو 2025مـ – 4 ذي الحجة 1446هـ
نقلت صحيفةُ “بوليتكو” الأمريكية عن مصادرَ في إدارة ترامب القول: لقد “حاول الجميعُ مواجهةَ اليمنيين عسكريًّا لعقدٍ من الزمان.. لكنهم فشلوا جميعًا”.
الصحيفة الصادرة عن واشنطن، تناولت في عددها، أمس الجمعة، تقريرًا يمثّل تحوُّلًا مضافًا على الخطاب الأمريكي تجاه اليمن، واعترافًا آخرَ بالفشل العسكري والسياسي أمام اليمن.
ولفتت إلى أن اليمنيين، لا يُظهِرون فقط “قدرتَهم على مواجهة الولايات المتحدة، للظهور فقط”، بل هم يصرُّون على وقف العدوان على غزة، وهذا “يمنحُهم مصداقيةً هائلةً”.
موقفٌ أمريكي رسمي –معبَّرٌ عنه بصراحةٍ ومرارة– يحملُ دلالاتٍ استراتيجيةً عميقة، أكثرَ من كونه اعترافًا بالفشل العسكري، “عقدٌ من الزمن، لكنهم فشلوا جميعًا”، عبارةٌ تُجرِّدُ “واشنطن” وحلفاءَها من أي زيفٍ حولَ “النجاحات التكتيكية”، وتعترفُ بوضوحٍ أن الخيار العسكري لم ولن يحقّقَ أهدافَه.
تصريحٌ آخر تعزِّزهُ تصريحاتٌ متناوبة من مراكز أبحاث أمريكية؛ هو بمثابة إعلان رسمي بالعجز أمام قدرات اليمن الصاروخية وَطيرانه المسيّر وينسحب أَيْـضًا على القدرة الميدانية للقوات المسلحة اليمنية.
إذن تحوُّلٌ أمريكي نحو معالجة “الأسباب الجذرية”؛ وصل إلى القول: إن “الإدارة ستستغلُّ مواردَها بشكلٍ أفضلَ بالتركيز على معالجة الأسباب الجذرية للعمليات اليمنية. ويشمل ذلك وقف إطلاق نار نهائي في غزة”.
المعادلة المنقلِبة (من التعامل مع الأعراض إلى التعامل مع السبب الجوهري)، وهو العدوان على غزة -بحسب الصحيفة- تشي أن العمليات اليمنية حقّقت أحدَ أهدافها الكبرى، المتمثلة ربط وقف العدوان على غزة بوقف العمليات على كَيان العدوّ الإسرائيلي.
وفي توصيف لتأثير العمليات اليمنية وما لاقاه الجيش الأمريكي من صعوبات وخيباتٍ معترَفٍ بها يقول المصدر القريب من ترمب لـ “بوليتكو”: “الإدارة اتخذت أسوأَ خيار متاح لها [عقبَ الفشل]: وهو التوقف عن إنفاق موارد عسكرية كبيرة على معركة لا نهاية لها في الأفق”.
واشنطن لم ترَ أفقًا لنصرٍ عسكري ضد اليمن، بل رأت استنزافًا متواصلًا لمواردها؛ ما وضع اليمنَ في خانة “الخصم النِّـد” ومَن أجبر قوةً عظمى على التراجع نتيجةَ عملياته طويلة النفس والتكلفة الباهظة على أمريكا.
إذ تنعكسُ في الاعتراف الأمريكي، المصداقيةُ الاستراتيجيةُ التي يظهر بها اليمن؛ كونهُ أصبح قوةً إقليميةً قادرة على التأثير في ميزان القوى في البحر الأحمر والخليج وشرق المتوسط، في موقفٍ لم تصل إليه أية دولة في الصراع العربي الطويلِ والمواجهة ضد الاحتلال.
وبالتالي؛ فَـإنَّ الدلالات السياسية والإنسانية لما ورد في صحيفة “بوليتكو”، إضافة نوعية لمشروعية الموقف اليمنيّ، عبر الربط بين عملياته على كيان العدوّ وبين العدوان على غزة، وهذا يعيد تعريفَ اليمن كطرفٍ سياسي فاعل في المعادلة الدولية التي تقرُّها القوانينُ الأممية.
وتأتي تلخيصًا للانعكاس الداخلي الأمريكي في إدارة ترامب تحت ضغط سياسي وأمني داخلي لإعادة تقييم جدوى الانخراط العسكري في البحر الأحمر، في ظل بروز “قوة لا تخضعُ لأحد”؛ ما قد يفتح الباب لتغييرات جوهرية في السياسة الأمريكية إزاء المنطقة.
مراقبون يرون، أن الأثرَ التعبويَّ الكبيرَ لهذه التصريحات لا يمكن أن يمر دون تحويلِه إلى واقعٍ ملموس، يشكل رصيدًا معنويًّا كَبيرًا لصنعاء ولخطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ويحفُرُ في الذاكرة الجمعية العالمية مدى فاعلية العمليات اليمنية وردعها وقوتها ميدانيًّا ونفسيًّا.
أيضًا هو إحراجٌ كَبيرٌ لـ “أقوى قوة في الإقليم”؛ أي كيان العدوّ الصهيوني ولحلفائه، خَاصَّة أنه يُضرَبُ من اليمن ويحتمي بملاجئ لا تنقذه من المسيّرات والصواريخ.
تصريحات “بوليتكو” لا تكشف فقط عن فشل أمريكا والكيان المؤقت وحلفائهم في المنطقة في احتواء اليمن عسكريًّا؛ بل تكشف عن تعاظم الشرعية الإقليمية لليمن كقوة ردعٍ مستقلّة فرضت معادلة جديدة، مفادها: “مع عدوانكم وحصاركم المستمر على غزة، عملياتنا ستتواصل، ولن تستطيع أقوى جيوش العالم إيقافَنا”.