الجبهة الثقافية: سلاح الوعي في معركة المصير
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
22 مايو 2025مـ – 24 ذي القعدوة 1446هـ
بقلم// فيصل أحمد الهطفي
ما يجري اليوم في غزة ليس مجرد عدوانٍ عسكري، بل جريمة إبادة كاشفة، فضحت نفاق الغرب وسقوط الأنظمة العميلة التي تشارك في خيانة الأمة، تواطؤًا أو صمتًا أو تطبيعًا. يُذبَح الأطفال، وتُقصف المستشفيات، وتُجفف مياه الشرب، والعالم “المتحضر” يبرر كل ذلك تحت لافتة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، في أبشع صور التواطؤ السياسي والإنساني.
والمؤلم أكثر، هو انكشاف دور بعض الأنظمة العربية والاسلامية التي تفتح موانئها وسفنها لتموين الكيان الصهيوني، بينما يُحاصر أهل غزة حتى من الغذاء والدواء. هذه خيانة صريحة، وتمهيد لمزيد من السقوط الأخلاقي والتفريط بالقضية المركزية للأمة.
من هنا، تبرز الجبهة الثقافية كضرورة مصيرية، لا مجرد واجب تكميلي، فهي الحارس الأمين لعقول الأمة من التضليل، والانهيار، والتطبيع. إنها جبهة تبني الوعي، وتفضح الزيف، وتحمي الهوية، وتُعيد توجيه البوصلة نحو العدو الحقيقي. مسؤوليتها تقع على عاتق العلماء، والخطباء، والإعلاميين، والمعلمين، وكل صاحب كلمة وضمير حي.
الجبهة الثقافية ليست للترف ولا للخطابات الباهتة، بل هي رأس الحربة في معركة الوعي، وسلاح متقدّم في وجه العدوان الناعم، الذي يسعى لتزييف المفاهيم وتطبيع الهزيمة وتجميل العدو. إنها من يُحسم بها صراع الرواية، ويُصان بها وجدان الشعوب، وتُعدّ بها أجيالٌ مؤمنة، ثابتة، لا تخدعها الشعارات، ولا تنكسر أمام الضغوط.
الأمة بحاجة ماسة إلى خطاب ثقافي قرآني ثوري، يعيد لها هويتها، ويزرع في نفوس أبنائها العزة، والثقة بوعد الله، ويكشف حقيقة العدو وأساليبه، ويُعيد تعريف النصر على أساس قرآني، لا مادي.
الكلمة اليوم موقف، والوعي جهاد، والمنبر الثقافي جبهة. ومن لا يحمل هم الكلمة الصادقة في زمن الزيف، فهو شريك في الخذلان. أما من يذود عن عقول الأمة، فذلك هو المجاهد في ساحة الوعي، وحارس المصير.