حظر ميناء حيفا: قدرات اليمن في تعزيز الحظر وإرهاق العدوّ
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
20 مايو 2025مـ – 22 ذي القعدوة 1446هـ
تقريــر || إبراهيم العنسي
من الجنوب إلى الشمال يفرضُ اليمنُ حصارًا بحريًّا فعليًّا على الموانئ الإسرائيلية.. من البحر الأحمر “ميناء أُمِّ الرشراش” حتى المتوسط ” ميناء حيفا”؛ رَدًّا على العدوان والإبادة المتواصلة على غزة.
هذا القرار اليمني وفق مجلة The Maritime Executive الأمريكية، يضاعف تأثيرات البحر الأحمر على الكيان، مع الإشارة إلى أن القوات اليمنية تمتلك القدرة الكاملة على تنفيذ هذا الحظر.
إضافة إلى أن إعلان صنعاء فرض حصار عن بُعد على ميناء حيفا “يضع (إسرائيل) -وفق المجلة- في مأزق بحري حقيقي، حَيثُ أصبحت الموانئ الحيوية للاحتلال مكشوفة لتهديدات متصاعدة وغير تقليدية؛ ما سيؤثر حتمًا على الاقتصاد الإسرائيلي وسلاسل الإمدَاد البحرية، ويرفع من مستوى المخاطر أمام مختلف الشحنات البحرية الدولية”.
و”الأهم -في قول المجلة الأمريكية- أن اليمنيين قادرون على استهداف أساطيل مالكي السفن الذين يتعاملون مع ميناء حيفا”؛ ما يدق جرس إنذار حقيقي لدى تلك شركات الشحن لدى الكيان المحتلّ حول جدية التحذير اليمني بعد فرض الحظر البحري الجديد.
تحذير شركات الشحن:
تحذير مركز تنسيق العمليات لشركات الشحن جاء بكثير من التفصيل، وتأكيد أن قرار القوات المسلحة اليمنية الأخير يحظر على السفن التحميل أَو التفريغ من وإلى ميناء حيفا، سواءً بشكل مباشر أَو غير مباشر، ومن ضمن ذلك النقل من سفينة لأُخرى، مع التأكيد على المخاطر العالية التي ستتعرض لها السفن المتجهة من وإلى ميناء حيفا، بما في ذلك مخاطر التعرض للعقوبات، التي قد تشمل أساطيل الشركات المنتهكة لقرار الحظر، فضلًا عن المتعاملين معها.
وقد دعا القرار اليمني شركات الشحن إلى التدقيق وبذل العناية الواجبة في جميع تعاملاتها والتأكّـد من عدم وجود أية رحلات مباشرة للسفن إلى ميناء حيفا وكذا التأكّـد من عدم وجود علاقة مباشرة أَو غير مباشرة أَو عن طريق طرف ثالث بأية معاملة تنتهك قرار الحظر؛ كون وجود أيةِ سفن متجهة إلى ميناء حيفا أَو لها علاقة غير مباشرة بذلك سيعرّض الشركة واسطولها للعقوبات.
وفي حال إدراج شركة ما في قائمة العقوبات، يكون أسطولُها محظورًا من عبور البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي، إضافة إلى إمْكَان تعرُّضِها للاستهداف في أي مكان تطاله القواتُ المسلحة اليمنية.
هذه التحذيرات المفصَّلة والمستندة إلى خِبرة اليمن قبلُ في التعامل مع سفن الشحن في مياه اليمن في البحرَينِ الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي، وإمْكَاناته في كشف حِيَلِ شركات الشحن التي كانت تتعامل مع موانئ الكيان المحتلّ، تؤكّـد أن هذا الخيار سيكون مأخوذًا على محمل الجد؛ ولهذا بدا الانزعَـاج مبكرًا داخل الكيان المحتلّ.
“العدوّ الإسرائيلي -كما قال الباحث الفلسطيني إسماعيل المسلماني، لبرنامج (صدى الخبر) على قناة “المسيرة”- في حيرة من أمره، ويتساءل كيف يتعامل مع هذا الحصار، وهذا شكّل مأزِقًا لنتنياهو وللشركات، حَيثُ الأسئلة تدور في الكيان الإسرائيلي عن هذا المأزِق، وعليهم البحث عن إجَابَة له، والآن ينتظرون بترقب كيفية التعامل مع ميناء حيفا، وكيف لليمن أن تؤثر على معظم شركات السفن”.
وبحسب الباحث المسلماني، فَــإنَّ “إعلان اليمن فرضَ حظر على ميناء حيفا أضاف حالةً من الغضب داخل كيان العدوّ الإسرائيلي، خَاصَّة أن هناك حظرَين ينفّذان على كيان العدوّ أحدهما بحري والآخر جوي في ظل تأجيل شركات طيران عملاقة رحلاتِها إلى غاية 12 يونيو، ومنها شركة لوفتهانزا الألمانية، وهذا ينعكس على مجريات الوضع الاقتصادي. الواقع يشير إلى ارتفاع في نسبة شركات الطيران التي علَّقت أَو أجَّلت رحلاتها إلى حوالى 50 %، ليضافَ الحظر البحري على حيفا كمأزِقٍ أكبرَ، خَاصَّة أن ميناء حيفا يعد الشريان الاقتصادي للعدو.
استنفار داخل إسرائيل:
رغم حداثة هذا الحظر إلا أنَّ الداخل الإسرائيلي التجاري سارع للتفاعل مع الحدث؛ فاتّحاد بناء المقاولين داخل الكيان علّق على هذا القرار، وقال: إن “الخسائر ستكون فادحة جِـدًّا على الميناء. كما إن هناك تحَرّكًا من شركات لا تود الاستيراد عن طريق الميناء”، وهذا ينعكس بشكل سلبي على العدوّ.
“ولأن الحصار اليوم على ميناء مدني، هذا يمنح الكثير من شركات النقل الأجنبية فرصة للخروج من الميناء، خَاصَّة أن الكثير من شركات التأمين لن ترغب في المراهنة على الخسارة في عمليات النقل البحري، وستلتزم بهذه الإنذارات، ولا يمكن لأية شركة القبول بالخسارة، سواء من ناحية التأمين أَو من حَيثُ النقل؛ لذلك يمكن القول إن الحظر اليمني على ميناء حيفا سيؤثر على اقتصاد الكيان، ومعه ستزيد كلفة النقل، وستزيد أسعار السلع والمنتجات، وكل هذا سيؤثر على تماسك المجتمع الصهيوني” وفق حديث العميد نضال زهوي، لقناة “المسيرة”.
ويضيف العميد زهوي “ففي حال استهداف القوات المسلحة اليمنية ميناء حيفا فهذا يعني أن الحصار أصبح أكثر ضراوة على الكيان، خَاصَّةً أن لهذه المعادلات أهميّة كبيرة في الاستراتيجية الدولية؛ فالكيان سيشعر بالحصار من قبل المستوطنين الذين سيضغطون عليه؛ بهَدفِ إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ورفع الحصار. وهذه ورقة مهمة جِـدًّا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي؛ إذ إن ميناءَ حيفا مؤثّرٌ جِـدًّا ليس فقط عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا،… بل حتى على معنويات المستوطنين الصهاينة”.
يمكن إدراك أن مُجَـرّد التهديد اليمني كفيلٌ بتعظيم مخاوف مجتمع المغتصَبات في حيفا؛ فكيف بوصول الأمر إلى مرحلة الحظر الفعلي لأهمِّ وأخطر ميناء لدى الكيان الإسرائيلي. الميناء الذي يرتبط في ذهنية سكان المغتصبات والكيبوتسات بتاريخ مَرَضي وحالة خوف دائم، وتهديد لحياتهم؛ إذ تحوي المدينة وميناءُها مصانعَ كيميائية وبتروكيماوية ومستودعات تخزين الأمونيا وغيرها من المواد شديد الانفجار. ومع إعلان اليمن الحظر على ميناء الرئيس للكيان فهو يولد مزيدًا من الضغط على مجرم الحرب النتن ياهو وحكومته النازية.
تفعيل الحظر على ميناء حيفا:
ربما حيفا تبعُدُ عن اليمن قرابة 2300 كيلو متر، لكن ما حقّقته اليمن في استهداف كيان العدوّ عند أقرب وأبعد نقطة يؤكّـد قدرتَها على الوصول إلى كافة مناطق الاحتلال.
واليمن -كما قال العميد زهوي- يمتلك الكثير من الوسائل لتفعيل الحصار، أبرزها الصواريخ الفرط صوتية كسلاح كاسر للتوازن، لا يمكن لأي سلاح في المنظومة الغربية الوصول إلى سرعاته الهائلة؛ فمنظومة ثاد التي يمتلكها العدوّ وهي أهم وأحدث منظومة دفاعية، سرعتُها لا تتعدى نصفَ سرعة الصاروخ اليمني، ولا يمكن لها (المنظومة) أن تُسقِطَ صواريخ اليمن، كما لا يمكن للكيان إحباطُ هذه العمليات بشكل عام. وبحسب رأي زهوي، يمكن للطائرات المسيّرة اليمنية أن تكون فاعلةً أكثرَ إذَا ما تم تطويرُها بشكل أفضلَ بحيث لا يمكن للعدو اكتشافُها.