الخبر وما وراء الخبر

 لماذا يعشقونها ؟؟!!

23

حمير العزكي

( 1 )
سؤال دائم التكرار مصحوبا بالإكبار والإجلال احيانا وبالذهول والحيرة أحيانا وأحيانا اخرى بالإستنكار ..لماذا عشق هولاء الشباب الشهادة في سبيل الله ؟؟!!
والإجابة من وجهة نظري بسيطة جدا .. واضحة لا لبس فيها .. يقينية لا تحتمل الشك مطلقا..
كيقيني في رغبتكم جميعا في معرفة الإجابة .. بكل هذه البساطة والوضوح واليقين الذي ذكرت..

الإنسان مفطور على حب الحياة ..
ولذلك لو فرضنا ان التقدم العلمي وصل الى تركيبة دوائية مجربة ومضمونة النتائج تقضي على الموت فتبقى الحياة مستمرة ؟؟
ماالذي سيحدث؟؟
لاشك سيحقق هذا الدواء اعلا نسبة مبيعات منذ نشأة الحياة على هذا الكون!!
لماذا ؟؟!!
لأن الثقة في العلم .. وتجارب الدواء.. وضمانة المنتجين.. لاتدع مجالا للشك وتفك تعقيدات الفكرة وتجلو كل غموض فيها..
أليس كذلك؟؟
وهنا…
يثق الشباب المجاهدون ثقة أكبر بكثير برب العالمين خالق الموت والحياة .. ويصدقون كلامه ويؤمنون بماجاء في كتاب الله ..
وبالذات في إياته المحكمات التي نحفظها جميعا والتي لااختلاف على معناها ولااشتباه في مدلولها التي تثبت وتمنع التشكيك في :
استمرار الحياة وانتفاء الموت عن من يقتل في سبيل الله

والبساطة الشديدة تكمن في الثقة والتصديق والايمان الذي نتفق جميعا في إدعائها ونختلف عن عشاق الشهادة في حقيقة هذا الإدعاء

( 2 )

كما قلت سابقا الاجابة بسيطة وواضحة ويقينية

فالإنسان بفطرته يميل الى الربح وينفر من الخسارة وبالتالي فإنه دائما الى عقد الصفقات الرابحة التي تجنبه الخسائر المؤكدة بل والمحتملة .

ولذلك فإن الموظف تحت التجربة في أكبر الشركات العالمية لن يحصل على التأمين الصحي والمرتب التقاعدي الابعد مرور نصف عمره في العمل بجد وكد وابداع لصالح الشركة ..
ولظروف استثنائية عرضت عليه ادارة الشركة صفقة مغرية مضمونها أن يقوم بمهمة واحدة فقط في انجاز عمل محدد ومخصص وخلال الفترة التي يراها مناسبة في مقابل الحصول على راتب تقاعدي مدى الحياة وتأمين صحي شامل له ولأسرته
ويكتفى بمجهوده الاستثنائي الاعوام الطويلة والشاقة ورغم مكانة الشركة الموثوقة دوليا قامت بتقديم الضمانات الكافية ….
فهل سيقبل هذه الصفقة ام سيرفضها؟؟!!
هل سيتردد ويطلب مزيدا من الوقت للتفكير ؟؟
وماذا لو رفضها؟؟
ألن يقول الجميع انه مجنون ؟؟
ألم يضيع على نفسه فرصة لاتعوض؟؟

وبالحسبة السابقة ذاتها وبمنتهى العقلانية والحكمة عقد شهداؤنا الأبرار صفقة رابحة…
صفقة مع مالك الملك مع رب السماوات والارض بأن يبيعوا منه انفسهم واموالهم ويمنحهم النعيم الخالد والحياة الابدية..
صفقة أرباحها مضمونة ومحققة ومؤكدة..

وللاطلاع على بنودالصفقة وبقية تفاصيلها ننقل لكم صيغتي العقد المتفق عليه من مصدر منزه مكنون لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ولايجرؤ مسلم ان يزيد او ينقص او يشكك في حرف واحد منه أو ينكر ماجاءفيه..
الصيغة الاولى :
{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
والصيغة الثانية :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

( 3 )

يظل الخوف من الموت قرينا للأنسان ومصاحبا له في مشور حياته وأعتقد أن ذلك الخوف الفطري ناشئ عن جهل الإنسان بساعة موته وبرغم ما احرزه العلم الانساني من التطور الا انه مازال عاجزا عن تحديد الوقت الذي ستنتهي حياة الأنسان فيه

تتفاوت درجات الخوف من الموت من إنسان الى آخر .. دينيا حسب درجات الايمان وعلميا حسب درجات المعرفة

فلو أن جهة ما .. نظمت رحلة سياحية الى إحدى الجزر الساحرة والخلابة الجمال وعند وصول المشاركين في الرحلة قامت تلك الجهة بإرسال مندوبها اليهم ليوضح لهم برنامج الرحلة وضوابطها .. وفجأة صدم المشاركون عندما علموا أن فترة البقاء في الجزيرة غير محددة بوقت وان الاستدعاء للمغادرة قد يكون في أي لحظة .. وانقسم المشاركون تحت تأثير هذه صدمة الى ثلاثة أقسام ..

القسم الأول :قرر التشبث بالبقاء حتى اللحظة الأخيرة ونتيجة لقراره انطلق للتمتع بكل ماهو موجود فيها دون اعتبار للبرنامج وللضوابط والتعليمات

القسم الثاني : قرر -تحت تأثير الخوف – التوقف والسكون وعدم التحرك وانتظار ساعة المغادرة .. متجاهلا لبرنامج الرحلة .. مضيفا لنفسه ضوابط جديدة لتعزيز الأمان والسلامة

القسم الثالث : بعد استيعابه للصدمة بفضل شجاعته

وهمته العالية وعلمه ومعرفته الواسعة قرر الاستمتاع ببرنامج الرحلة والتقيد بضوابطها .. مهتما بما يملك أمره .. وتاركا مالا يملك أمره

وعندما منحت الجهة المنظمة فرصة إستثنائية للمغادرة من الجزيرة طواعية فكان التفاعل مع الفرصة متباينا حسب التقسيم السابق..

فقرر القسم الاول : تجاهل الفرصة نهائيا لشدة حبه للجزيرة مقررا البقاء حتى اللحظة الاخيرة

وقرر القسم الثاني : عدم الاهتمام بتلك الفرصة لخوفه من المخاطرة وان كانت كل نتائج الفرصة تخلق واقعا افضل من الواقع الذي يعيشه وفضل الإنتظار عاجزا او البحث عن طريقة أخرى للمغادرة بلامخاطر مهما كانت مخالفه لبرنامج وضوابط الرحلة

وقرر القسم الثالث : إغتنام الفرصة والتحرك الجاد للاستفادة منها لأنه يعلم علم اليقين أن بقاءه في الجزيرة لن يدوم .. وان المغادرة لابد منها عند حلول وقتها طوعا او كرها

واخيرا وقد علمنا أن الجميع سيغادرون الجزيرة لامحالة وأن الرحلة منتهية لاشك فيها .. فأي قسم من تلك الاقسام كان أصحابه على صواب ؟؟

لاشك انه القسم الثالث .. والذي يمثله في واقعنا عشاق الشهادة .. علما وإيمانا ومعرفة ووعيا وادراكا وتحركا وجدية وشجاعة ..
فقد علموا أن ..كل نفس ذائقة الموت
وآمنوا أن .. كل من عليها فآن
وعرفوا أن .. ماكان لنفس ان تموت الابإذن الله كتابا مؤجلا
واعين ومدركين لحقيقة .. فإذا جاء أجلهم فلايستأخرون ساعة ولا يستقدمون
فتحركوا بجدية لثقتهم ويقينهم ان الشجاعة لن تتسبب في المغادرة اذا لم يحن وقتها وأن الخوف لن يحول بين الرحلة ونهايتها المحتومة
وأن الشهادة هي الفرصة الاستثنائية لمغادرة الحياة الفانية بطريقة مشرفة والوصول الى الحياة الابدية .. فأحسنوا إستغلالها وكانوا عشاقها ولسان حالهم يقول :
عانقيني
قبليني
إن .. شوقي في زيادة
حققي لي
أمنياتي
بلغي قلبي مراده
إسكني روحي
وكوني
فوق صدر ابني
قلادة
شرفيني
بين قومي
انت
لي شرف الريادة
إمنحي
عمري حياة
نبضها
قهر الإبادة
واملئي فكري إتقادا
فلقد مل البلادة
واغمري صدري نقاءا
وصفاءا وسعادة
واعمري دهري بهاءا
وانفخي عني رماده
بدلي
خوفي أمانا
وانكساراتي
إرادة
واجعلي محياي قربى
ومماتي في عبادة

*
كل عشاقك قبلي
طلقوا ريش الوسادة

صادقين بكل طهر
صامدين بلا هوادة

طالبين الوصل دوما
راغبين بالاستزادة

كلما عادوا قيود
الشوق تستجدي الاعادة

كل من عشقوك قبلي
أصبحوا للمجد قادة

بذلوا الغالي سخاءا
ولهم في البذل عادة

وأجادوا العشق حتى
احرزوا فيه السيادة

أحرجوا عاشق ليلى
وبثينة في الإجادة

جلهم كانوا حفاة
دون تاج او بيادة

جلهم شعث وغبر
أبدلوا المشط الصمادة

***
آه … يا
حلم الرجال
والمنى
الأبهى وفادة
كلما
جاؤك تترى
زدت في
كرم الرفادة
جد في الوجدان وجد
وجهود الوجد جادة
وانزوى
قلبي
بشوقي
وزوايا الشوق
حادة
فمتى الوصل فجفني
جف واعتاد سهاده

*
عانقيني
وأجيبي
كل من طلب الإفادة
عنك
عن عشقي
وشوقي
عن ثنائي والاشادة
من تكوني؟؟
من تكوني ؟؟
فأجابتني : الشهادة

#شهداؤنا_عظماؤنا

#ارشيف

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com