دلالات وأبعاد بيان القسام.. مقاومة حية ورسائل التوقيت تساند الميدان
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
29 ديسمبر 2025مـ – 9 رجب 1447هـ
في بيانٍ جامعٍ بين السياسة والميدان والإنسان، أعلنت كتائب عزّ الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، استشهاد كوكبةٍ من قادتها المجاهدين الذين ارتقوا على طريق القدس، مؤكدةً أن خيار المقاومة الفلسطينية ثابتٌ وماضٍ بلا تراجع، وأن أي مسارٍ يستهدف نزع سلاحها مرفوضٌ رفضاً مطلقاً، مع تجديد العهد بمواصلة الدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقدساته، وتعزيز الصمود رغم فداحة التضحيات.
وشدّد البيان على أن دماء القادة الشهداء، الذين ارتقوا في مواجهة حرب الإبادة، تمثّل وقوداً متجدداً لتجديد القيادات وتطوير قدرات المقاومة، في دلالةٍ واضحة على متانة البنية التنظيمية والعسكرية، وعلى أن مشروع المقاومة مشروعٌ تحرريٌّ راسخ متجذر في الوعي الشعبي والإرادة الجمعية، ولا يرتبط بالأشخاص.
ويكتسب بيان القسام بعداً سياسياً بالغ الأهمية بتوقيته الحساس، قبيل اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي المعتوه ترامب ومجرم الحرب الصهيوني نتنياهو، ليحمل رسالةً حازمةً تسبق أي مخططات تستهدف الشعب الفلسطيني والمنطقة: لا نزع للسلاح، ولا خضوع للضغط السياسي، ولا مقايضة على الحقوق”، فالاستهداف والاغتيال لم ولن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومة المجاهدة في سبيل الله، وأن معادلات الردع ستظل ركيزة المواجهة في وجه الكيان الصهيوني.
وفي هذا السياق، يؤكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، سهيل الهندي، أن إعلان القسام يحمل دلالاتٍ واضحة على ثبات واستمرار خيار المقاومة، وأن القادة الشهداء سيكونون عنواناً للصمود والتضحية التي ترسم معالم الطريق نحو القدس.
وأوضح الهندي في مداخلة هاتفية له على قناة “المسيرة” أن القادة الخمسة الذين ارتقوا—ومنهم محمد السنوار ومحمد شبال وحسام العيسى ورائد سعد وحبيب الكحلوت—سيخلفهم قادةٌ كُثُر، مؤكداً امتلاك المقاومة القدرة الدائمة على تجديد قياداتها وإرباك العدو الصهيوني، مبيناً أن هذه اللحظات تمثّل محطةً فارقةً في مسيرة الأمة والشعب الفلسطيني وأحرار العالم، مشدداً على أن كتائب القسام وحركة حماس ومعهما فصائل المقاومة أوفت وتفي بعهدها مع الله والشعب، وأن استشهاد القادة يجدد الدماء والعزم ويحرك المسيرة بخطوات أسرع.
ووجّه عضو المكتب السياسي لحركة حماس التحية للشعب اليمني وقيادته وجيشه، ولكل القوى التي ساندت الشعب الفلسطيني خلال معرة طوفان الأقصى من لبنان إلى العراق وإيران واليمن، مؤكداً أن هذا الدعم يجسّد وحدة ساحات المواجهة، وان مسار المعركة حتميته الانتصار للامة وقضيته العادلة.
السلاح خط أحمر
من جانبه، يشدّد القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أركان بدر على أن بيان القسام يؤكد فشل العدو الصهيوني في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وأن استشهاد القادة عاملاً لتعزيز الصمود واستمرار الفعل المقاوم، إذ أثبتت التجربة التاريخية أن استهداف القيادات يولّد قياداتٍ جديدةً أكثر تصميماً.
ويؤكد بدر في حديثة لقناة “المسيرة” أن سلاح المقاومة غير مطروحٍ للنقاش، وأن أي دعوةٍ لنزع السلاح يجب أن تتجه إلى سلاح العدو الصهيوني المستخدم في ارتكاب المجازر وجرائم الحرب والإبادة الجماعية، موضحاً أن موافقة المقاومة على مناقشة مسار وقف العدوان جاءت بدافعٍ إنسانيٍّ لوقف المجازر، وأن فصائل المقاومة مجمعةٌ على ضبط النفس والالتزام بالمسار من منطلق الحرص على الدم الفلسطيني، مع استمرار التواصل لضمان إدخال المساعدات الإنسانية.
بدوره، يؤكد الكاتب والباحث الفلسطيني عصري فياض أن البيان عكس متانة البنية التنظيمية والعسكرية للمقاومة وفشل العدو في تحقيق أهدافه، وأن إعلان استشهاد قادةٍ كبار يبرز نهج القسام القائم على الشفافية والقيادة الجماعية الممتدة، بما يؤكد أن المقاومة لم تتأثر في هيكليتها أو قدرتها على إدارة المعركة.
واعتبر فياض في حديثة لقناة “المسيرة” أن توقيت البيان جاء رداً استباقياً على ما يُطرح من شروطٍ في المرحلة المقبلة، وعلى رأسها نزع سلاح المقاومة، وهو مسارٌ مرفوضٌ قطعاً، لافتاً إلى البعد الإنساني في البيان، حيث شددت القسام على التزامها الكامل تجاه المدنيين في غزة، والدعوة إلى رفع الحصار وفتح المعابر، وتقدير صمود الأهالي الأسطوري.
ويجمع القادة والمحللون على أن المقاومة الفلسطينية اليوم ترسّخ حقيقة أن إرادة الشعب الفلسطيني لن تُكسر، وأن المقاومة حية وتقف على قدميها وما تزال تمسك بزمام المبادرة وتحافظ على معادلات الردع في مواجهة العدوان، وإن إصرار كيان العدو الصهيوأمريكي على طرح نزع السلاح يعكس حالة خوفٍ وعجزٍ عن تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية المعلنة، في ظل صمودٍ متماسكٍ بعد أكثر من عامين من العدوان.
ويؤكد هذا البيان، بخطابه المتوازن بين السياسة والميدان والإنسان، أن دماء الشهداء تصنع المستقبل، وأن ما عجز العدو عن فرضه بالقوة والإرهاب لن يمر عبر السياسة أو الاتفاقات، وأن النصر حتمي بإرادة الشعوب وصمود المقاومين.
