رغم توقف عمليات الإسناد.. اليمن ما يزال كابوس العدو

1

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
28 ديسمبر 2025مـ – 8 رجب 1447هـ

تقرير || وديع العبسي

وفق تحليلات علماء النفس، فإن حالة الجنون التي يعيشها الكيان الصهيوني هي نتيجة طبيعية لما يعيشه من ضغوط الشعور بالهزيمة، وتتفاقم هذه الحالة كلما شعر بافتقاده القدرة على تغيير هذا الوضع. بالتالي، فإن هذا العبث الصهيوني في المنطقة يعكس الرغبة في لعب دور “البلطجي” القادر على كتم أنفاس من حوله والسيطرة والهيمنة عليهم، وإن كان هذه المرة في خيالاته فقط.

لهذا، ورغم تعدد غزواته إلى سوريا ولبنان مع استمرار عدوانه على غزة، إلا أنه لا يهدأ؛ فكلما التفت إلى الجنوب ورأى الغربان تحلق فوق أعمدة ميناء أم الرشراش المهجور، تذكّر العُقدة التي بدأت تتكون والآخذة في النمو، ولا يجد لها ومنها مخرجاً.

يدرك العدو الصهيوني أن العلاج المطلوب لمشكلة “أم الرشراش” يتجاوز مسألة فك الحصار اليمني إلى جملة من التعقيدات التي ولّدها الحصار وتأبى أن تنفك، بل ومن الصعب تجاوزها بعد أن أحدث الحصار صدمة لدى شركات الملاحة الدولية -بما فيها الشركات العملاقة- عندما أثبت الجيش اليمني اقتداراً استثنائياً في فرض معادلته على ملوك الشيطنة والبلطجة (الصهاينة والأمريكان).

تفاقم حالة الإحباط لدى العدو
ما يزال ميناء أم الرشراش مهجوراً، وسيبقى هذا الفصل من التاريخ نقطة بيضاء في مسار الصراع العربي الصهيوني؛ ففيه نجحت قوة فتية في أقصى جنوب الجزيرة العربية في فرض إرادتها على كيان غاصب اعتاد أن يفرض إرادته ويوجه الأحداث وفق مصالحه. وهو الحدث الذي غير كل المعادلات، وأثبت حاجة الواقع لتحديث نظرته للحروب بعيداً عن المراهنة على التفوق التقني والتسليحي التقليدي.

تتفاقم حالة الإحباط لدى العدو الصهيوني ويزداد جنونه كلما شعر بأن العالم بدأ “يُطبِّع” مع الانكسار الذي تعرض له، وانكشاف كذبة قوته المزعومة. وإثر ذلك، يستمر ميناء أم الرشراش مهجوراً، وتستمر شركات الملاحة على موقفها المقاطع للميناء. يحدث هذا رغم توقف عمليات “الفتح الموعود” الإسنادية، ما يعمق لدى العدو الشعور بالقلق؛ فالأمر على هذا النحو لا يبشر بخير، والبساط يُسحَب من تحت قدميه مع ظهور قوة قادرة على تصدر المنطقة ولجم أي طموحات أجنبية وغير شرعية للتفرد بالقوة من أجل قمع الآخرين.

لم يعد اليوم كالأمس
يبدو العالم اليوم -وبدرجة أوفر المنطقة- في أمان بين يدي اليمن الذي بنى ذاته وأنجز ما أنجز بالتوكل على الله والاستناد إلى منهجه الإنساني. ولهذا لا يبدو في قناعاته وثقافته الاستعلاءُ على الآخرين بقدر حرصه على أن يتعلم الآخرون من تجربة المواجهة مع العدو بأن الباطل لا يمكن له أن يستمر، وأن المغالطات الصهيونية التي تحاول إيهام الآخرين بمعنوياته العالية من خلال إطلاق العنان لجنونه في استهداف الدول ليست إلا هروباً إلى فرض وقائع جديدة، ومحاولة لـ”تجبير” الكسور التي تكاد تهشم عظامه في محاولة لاستعادة الهيبة القائمة أصلاً على الإرهاب.

لم يعد اليوم كالأمس، وقناعة العالم بذلك يعكسها جانبان:

الأول: استمرار الحذر في التواصل مع العدو بعد أن احترق كرته وتحول إلى رماد، ولم يعد بمقدوره أن يضمن الأمان لمن يتبادل معه التجارة والمصالح.
الثاني: هذا التحرك المحموم في التخطيط وتأهيل الأدوات ومحاولة جمع المعلومات من أجل استهداف اليمن.
فهم واستيعاب قدرات العدو
يؤكد الواقع -وفق ما شهده من المعطيات التحولية- أنه حتى العدوان على اليمن اليوم لن يكون بالمطلق كالأمس، لجهة ما يمكن أن يتحرك به اليمن دفاعاً عن سيادته الوطنية وعن شعبه الحر. وربما يكفي قياس ذلك من حالة النفير المستمر التي يؤكد من خلالها اليمنيون الجهوزية العالية للعودة إلى ضرب الكائنات المعادية إذا عاود الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة ضد الفلسطينيين؛ ما يشير إلى حالة ثقة كبيرة في إمكانية زلزلة الأعداء إذا تجرأوا في العدوان على اليمن، وإخضاعهم للمعادلة اليمنية التي تنهي حقبة الاستسلام للاعتداء والرضوخ لإملاءات الغزاة.

بالتالي، فإن اليمنيين سيكونون أكثر بذلاً وفداءً في الدفاع عن الوطن، من منطلقين اثنين:

الإيمان والثقة بنصر الله سبحانه، الذي لا يغيب أبداً عن كل تحركاتهم.
القدرة والاقتدار على مواجهة الأعداء؛ فاليمن -الذي ظهر كـ”مفاجأة” للعالم خلال حرب الإبادة الإسرائيلية الأمريكية ضد الفلسطينيين في غزة- صار أقوى كما أوضح ذلك السيد القائد، إذ لم يتوقف لحظة عن فهم واستيعاب قدرات العدو وما لديه من الأسلحة الهجومية والدفاعية، ووضع الرؤية المناسبة في تصنيع أسلحة قادرة على تحويل تقنية العدو الإسرائيلي الأمريكي إلى مادة للتندر والسخرية.

إنهاء مهزلة الاستباحة
لا تستبعد أطروحات الكثير من المحللين الدوليين -بما في ذلك داخل أمريكا والكيان “الإسرائيلي”- بأن يظهر اليمن في الجولة القادمة من المواجهة أكثر إيلاماً، خصوصاً وأنه قد أعلن أن لا خطوط حمراء مع الأعداء في معركة السيادة والكرامة. بالتالي، لا يستبعدون أن تنهي الضربات اليمنية هذه المرة حالة الاسترخاء لـ”إسرائيل” وهي تستبيح الأراضي العربية، وستدفعها للانكفاء على ما تبقى لها من إمكانات.

ويؤكد الخبراء أن أي فعل عدواني ضد اليمن سيكون بمثابة حماقة بالغة ستقنع العالم بأن الكائنات الصهيونية المتطرفة قد وصلت بالفعل إلى حالة الجنون، ما يستدعي جلبهم إلى مصحات العلاج قبل أن يتسببوا بفقدان الغرب عموماً لمصالحه في المنطقة.

ستكون خسائر العدو هذه المرة مؤلمةً على المستويين المادي والمعنوي؛ لذلك قد يتوارى العدو الأمريكي مع أول إشارات يتلقاها بعزم اليمن على إنهاء مهزلة الاستباحة نهائياً، وقد يحاول النأي بنفسه والاكتفاء برسم المخططات والتوجيه، تاركاً أمر المواجهة لأدواته. إلا أنه سيكون من السذاجة تصورُ أن ذلك سيبرئ ساحته؛ فالإجرام في استهداف الشعوب وفي إثارة الصراعات والأزمات وضرب الأمن العالمي كلها بصمات أمريكية.

لذلك، فإن إثارة الفوضى في الجزيرة العربية بأي تحرك أهوج القصد منه الانتقام للكيان الصهيوني واستعادة سمعة “القوة الرابعة عالمياً” لن يمر دون حساب. هذا فضلاً عن أن حالة التآكل للعدو الصهيوني ستستمر وصولاً إلى تلاشيه، وهو ما لن يقبل الشعب اليمني بأقل منه، ولن يجديه نفعاً استمراره في إرهاب الدول، أنظمتِها وشعوبها.

المصدر: “موقع أنصار الله”