جريمة القرن تتواصل.. حصار الغاز يخنق غزة ويحوّل أبسط مقومات الحياة إلى معاناة يومية

2

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
28 ديسمبر 2025مـ – 8 رجب 1447هـ

في ظلّ استمرار إغلاق المعابر ومواصلة الحصار الخانق، تتحول أبسط الاحتياجات اليومية في قطاع غزة إلى أزمات إنسانية مفتوحة، تتصدرها اليوم أزمة غاز الطهي، التي لم تعد مجرّد نقص في مادة أساسية، بل عنواناً صارخاً لمعاناة متعددة الأبعاد تطال كل تفاصيل الحياة.

يواجه قطاع غزة أزمة خانقة في إمدادات غاز الطهي نتيجة الحصار الذي يفرضه كيان العدو الصهيوني، حيث حُرم مئات الآلاف من السكان من أحد أبسط مقومات الحياة اليومية. ووفق الأرقام المتاحة، لم يسمح العدو سوى بدخول 104 شاحنات غاز فقط من أصل 660 شاحنة تم الاتفاق عليها، أي ما لا يتجاوز 16% من الكمية المفترضة، في خطوة فاقمت الأزمة بدلاً من احتوائها.

وتشير المعطيات إلى أن الاحتياج اليومي للقطاع يتراوح بين 400 و500 طن من الغاز لتغطية احتياجات السكان والمخابز والمستشفيات، إلا أن ما يدخل فعلياً لا يتجاوز في أفضل الأحوال 120 إلى 150 طناً يومياً، أي أقل من ثلث الحد الأدنى المطلوب. هذه الكميات المحدودة جرى توزيعها على نحو 252 ألف أسرة فقط، ما يعني أن قرابة نصف عائلات القطاع تُركت دون أي مصدر للطاقة اللازمة للطهي أو تسخين المياه.

وبحسب الجهات المعنية، فإن عملية التوزيع، إن استمرت بهذه الوتيرة البطيئة، ستحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثة أشهر إضافية، في وقت لم يعد فيه السكان قادرين على الانتظار. فقد باتت آلاف العائلات عاجزة عن إعداد الطعام، واضطرت إلى اللجوء لاستخدام الحطب وقطع البلاستيك وبقايا الأخشاب، في مشهد يعكس انهياراً شبه كامل لمقومات الحياة، ويحمل تداعيات صحية وبيئية خطيرة، خصوصاً على الأطفال وكبار السن، مع تزايد مخاطر الاختناق وأمراض الجهاز التنفسي.

ومع استمرار شح الإمدادات، توقفت معظم محطات تعبئة الغاز عن العمل، فيما انخفضت ساعات تشغيل القليل المتبقي منها، لتتحول طوابير الانتظار الطويلة أمام مراكز التوزيع إلى معاناة يومية مرهقة، يصبح فيها الحصول على أسطوانة غاز معركة قاسية في حد ذاتها.

وفي هذا الفراغ، تمددت السوق السوداء بوصفها نتيجة مباشرة للأزمة، حيث وصل سعر كيلو الغاز إلى نحو 120 شيكلاً، أي ما يعادل 32 إلى 33 دولاراً أمريكياً، فيما تجاوز سعر الأسطوانة الواحدة 1400 شيكل، أي قرابة 380 دولاراً، وهي أسعار تفوق بكثير قدرة الغالبية الساحقة من سكان القطاع المحاصر.

إن استمرار الحصار، ومنع إدخال الكميات المطلوبة من الاحتياجات الإنسانية، يُبقي أزمة غاز الطهي عنواناً صارخاً لمعاناة غزة المتعددة الأوجه، التي تتفاقم مع الظروف المناخية القاسية والمنخفضات الجوية، لتضيف فصلاً جديداً من الألم إلى حياة سكان القطاع، في واحدة من أبشع صور جريمة القرن المستمرة بحق الإنسانية.