الشعب اليمني نموذج للأمة الصادقة: الدفاع عن كتاب الله يكشف حقيقة المنافقين والعملاء
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
25 ديسمبر 2025مـ –5 رجب 1447هـ
يتفق المسلمون في أنحاء العالم دون استثناء، على أن القرآن هو كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد -صلى الله عليه وآلة وسلم- وهو معجزته الخالدة والباقية إلى يوم القيامة.
وعلى الرغم من تعدد الفرق والجماعات والأحزاب والمذاهب الإسلامية، وكثرة الخلافات والصراعات فيما بينها، إلا أن جميعها ترى في القرآن الكريم المقدس الأول والأعلى؛ لأنه كلام الله ووحيه، بل إن الكثير منها، إن لم يكن جميعها، تدّعي لنفسها القرب الأكبر من القرآن، والتمثيل الأصدق له، والعمل الحقيقي بمقتضى آياته.
غير أن الأحداث والوقائع، هي التي تكشف الحقيقة، وتُظهر المواقف الثابتة من المواقف الشكلية، وتفرز بين من ينتمي إلى القرآن قولًا وعقيدةً وسلوكًا وممارسة، وبين من يتخذ من الإسلام شعارًا ووسيلة للتضليل والخداع، فالأيام تغربل الانتماءات، وتوضح من هم أصحاب الانتماء الأصيل، ومن يوظفون الدين لمصالحهم وأجنداتهم.
ويبرز الأهم في هذه الوقائع أن الأحداث تكشف التيارات الدخيلة التي أنشأها الاستعمار وغذّاها ونسبها إلى الإسلام بمختلف مذاهبه، لاستخدامها أداة لضرب المسلمين من داخلهم وباسم دينهم وعقيدتهم، وتأتي الإساءة إلى كتاب الله، وما يجري في غزة من إبادة، لتفضح هذه التيارات وتعرّي حقيقتها، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ صدق الله العظيم.
ويؤكد الواقع أن الشعب اليمني، لو كان مهزوز القناعة، أو ضعيف الموقف، أو كان انتماؤه للإسلام وارتباطه بالقرآن ارتباطًا شكليًا يقتصر على المظاهر والشعارات، لكانت الحروب والمؤامرات والتحالفات العدوانية التي شُنّت ولا تزال تُشن عليه قد أسكتت صوته، وفرّقت جمعه، وأخرست هتافه، وأجبرته على أن يكون كغيره من الشعوب العربية والإسلامية التي تخشى الأعداء، وتهاب قول الحق وموقف الحق، وترضخ للذل والخضوع خوفًا من التهديد والحرب والمؤامرات.
لكن ما يجري على الأرض هو العكس تمامًا، فكلما ازداد حقد الأعداء على هذا الشعب اليمني واشتدت حروبهم وتعاظمت مؤامراتهم، ظهر الشعب اليمني أكثر تحديًا وتماسكًا، متجاوزًا خصومه، سابقًا لهم، حتى عجزوا عن احتوائه أو اللحاق به، وفشلوا في ترهيبه وإرعاب أبنائه، صغارًا وكبارًا.
وفي الوقت الذي كان فيه الأعداء يراهنون، بعد طوفان الأقصى، على العمل داخل البيئة المحلية والمجتمعية عبر التحريض والتشويه، وتحريك الخلايا، والتجسس والاختراق، وبث الإرجاف تحت شعارات وذرائع متعددة، فوجئوا يوم الجمعة الماضية بمستوى وعي شعبي غير مسبوق، وحضور أقوى، وغضب وسخط أشد تجاه الأعداء، إلى جانب جاهزية واستعداد للمواجهة لم يشهدوا لها مثيلًا في المراحل السابقة.
هذا الغضب الصادق، والألم العميق، والموقف الواضح الذي يبديه أبناء الشعب اليمني نصرةً للقرآن الكريم، يطرح سؤالاً جوهرياً: لماذا لا نرى هذا الموقف في بقية البلدان العربية والإسلامية؟ وما سرّ هذا الصمت المريب؟ وهل وصل حال أمةٍ واسعةٍ، تضم مئات الملايين من المسلمين، إلى هذا المستوى المخزي من اللامبالاة تجاه الإساءات المتكررة لأقدس مقدساتها؟
وإذا كان القرآن الكريم، كتاب الله الخالد، لا يستحق موقفاً بحجم موقف الشعب اليمني، فما الذي يستحق إذن؟ أي شيء أقدس، وأعظم، وأغلى من كلام الله بالنسبة للمسلم؟ ومن لا يغار لكتاب الله، ولا يغضب لانتهاك حرمته، فلن يغار لما دونه من المقدسات، ولن يتحرك دفاعاً عن أي قيمة أو رمز، وهذا أمر محسوم.
وعليه، فإن اللوم لا يُوجَّه إلى من تحرك، ولا إلى من اتخذ موقفاً، ولا إلى من انتصر لله وللقرآن، بل يوجَّه إلى الصامتين، الغائبين، المتخاذلين، أولئك الذين اختاروا السكوت جبناً وخوفاً من الأمريكي والعدو الصهيوني، أو ارتهاناً وخيانةً وولاءً لأعداء الأمة.
وهنا يبرز سؤال أكثر إلحاحاً: أين الجماعات والتيارات التي كانت تملأ الدنيا ضجيجاً وخطباً وبيانات عندما يكون الخلاف بين مسلم وأخيه المسلم؟ أين أولئك الذين يدّعون العمل في سبيل الله، ويستنهضون أتباعهم لأتفه القضايا؟ لماذا يصمتون اليوم، عندما تُهان قدسية القرآن الكريم، المقدس الجامع لكل المسلمين؟
أين ذهبت تلك المنابر، والمؤسسات، ووسائل الإعلام، والجامعات، والمدارس، التي بُنيت تحت عناوين “الدفاع عن الإسلام” و” الغيرة على الصحابة” و” نصرة السنة”؟ لماذا تختفي أصواتهم عند الإساءة الصريحة للقرآن؟ ولماذا تتحول غيرتهم المزعومة إلى صمت مطبق؟
كيف لمن يدّعي الغيرة على الصحابة، ويجعل جلّ نشاطه التحريض على المسلمين وإشعال الفتن المذهبية، ألا يتحرك غيرةً على القرآن؟ أين الذين اتهموا الشعب اليمني زوراً وبهتاناً بالمجوسية والرافضة، وزعموا أنه يستهدف الإسلام ومقدساته؟ لماذا لا نراهم اليوم أكثر إيماناً وغيرةً، وهم يشاهدون هذا الشعب الذي حاربوه، يقف في الصف الأول دفاعاً عن القرآن وكرامة الإسلام؟
إن ما يجري يكشف حقيقة المواقف، ويفضح زيف الشعارات، ويؤكد أن من شنّوا الحروب العدوانية على اليمن، ورفعوا رايات “الجهاد” كذباً، لم يكونوا يوماً مدافعين عن الإسلام ولا عن مقدساته، وأن الشعب اليمني، بثباته ووعيه وموقفه، بات معياراً يفضح المتخاذلين ويعرّي العملاء ويكشف من هو الصادق في انتمائه لهذا الدين.
في بداية العدوان السعودي-الأمريكي، كان هناك من ينخدع بذلك الخطاب المضلِّل، الذي تبنّته المؤسسة الوهابية التكفيرية السعودية، بوصفها ذراعًا من أذرع النظام السعودي لتنفيذ السياسات الأمريكية-الصهيونية، والمقطع السابق، يوضح حقيقة، التحريض زورًا وبهتانًا على الشعب اليمني، وكيف كُذِب عليه، وتحت أي ذرائع واهية استُبيحت دماء أبناء اليمن.
وبرز آنذاك المدعو عايض القرني ومحمد العريفي وغيرهما، ممن ملأت أشرطتهم الدعوية العالم الإسلامي، وقدّموا أنفسهم على أنهم دعاة إلى الله والإسلام، لكن المتابعة تكشف ماذا كانوا ينسبون زورًا إلى الشعب اليمني المسلم الغيور، الذي يقف اليوم وحيدًا في الانتصار لكتاب الله والقرآن الكريم، ونصرةً لغزة، لقد استُخدم هذا الخطاب التكفيري لتبرير العدوان والسعي للقضاء على الشعب اليمني المسلم، لأن اليهود وأولياءهم يدركون أن اليمن يمثل بقية الإسلام الحي، ويجسد الانتماء الحقيقي والأصيل له.
لهذا أُطلقت الأدوات التكفيرية للتشويه والتضليل، بهدف تضليل المسلمين. واليوم، وقد تعرّض أقدس مقدسات المسلمين، كتاب الله القرآن الكريم، لأشد حملات الإساءة والتحريض، يبرز السؤال: هل سمع أحد عايض القرني يتحدث؟ هل خرج محمد العريفي بموقف؟ هل سُمع لهزاع المسوري أو صعتر أو غيرهم من الأدوات التكفيرية التي تموّلها وترعاها السعودية لخدمة اليهود والمستعمرين صوت تجاه الإساءة الامريكية؟
لم يُسمع لهم صوت، ولم يُسجَّل لهم موقف، فضلًا عن أي تحرك أو احتجاج أو وقفة تعبّر عن رفضهم وإدانتهم للإساءة إلى كتاب الله، وهنا تتضح الحقائق جلية كما لم يحدث من قبل، ويُطرح السؤال الجوهري: من هو الأصدق انتماءً للإسلام والأكثر غيرة على مقدساته؟ هل الشعب اليمني الذي شاهده العالم يخرج بالملايين في الساحات والمحافظات، حاملًا كتاب الله ومدافعًا عن القرآن الكريم؟ أم أولئك الذين لا يجيدون إلا محاربة وشيطنة وتشويه كل من تتجه أمريكا والعدو الإسرائيلي لاستهدافه وضربه والقضاء عليه؟
الأمر ذاته ينطبق على حزب الله، المعروف بموقفه الواضح في حمل راية الجهاد ضد العدو الإسرائيلي منذ أكثر من ثلاثة عقود، وكذلك على الجمهورية الإسلامية في إيران، التي يُشن ضدها هذا التحريض والضجيج لأنها ترفض الاعتراف بالعدو الإسرائيلي، وتناهض التطبيع، وتدعم المقاومة، واليمن أيضًا يتعرض للعدوان والحصار، ويجري تشويه شعبه بزعم أنهم يسبّون الصحابة أو يستهدفون مكة والمدينة، كما كان يروّج بعضهم زورًا وبهتانًا.
لكن الحقيقة واضحة، الحرب والتشويه والحصار والعدوان على الشعب اليمني، جاء بسبب أنه يجسد الانتماء الأصيل للإسلام، ويتحرك في مسيرة قرآنية إيمانية تصوّب البوصلة نحو العدو الحقيقي، أمريكا والعدو الإسرائيلي، ولأنه يقف قولًا وفعلًا إلى جانب الإسلام والمسلمين، ويدافع عن مقدساتهم، وينتصر للمستضعفين من النساء والأطفال، كما ظهر جليًا في موقفه من غزة خلال طوفان الأقصى.
