معالجات مبتكرة لطرق اليمن: صيانة فعّالة وأقل تكلفة في الحديدة

23

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

22 ديسمبر 2025مـ –2 رجب 1447هـ

في ظل المعاناة المستمرة التي تشهدها شبكات الطرق في اليمن نتيجة العدوان والحصار، تبرز أهمية المعالجات الحديثة للطرقات كضرورة قصوى لضمان استدامة الحركة، وتخفيف الأعباء المالية على الخزانة العامة، وتحسين جودة حياة المواطنين.

وفي هذا السياق، أطلق صندوق صيانة الطرق مع فريق من المهندسين اليمنيين تجربة نوعية اعتمدت على معالجات رقيقة للسطح الأسفلتي، في محاولة لتجاوز الأخطاء التقليدية ومعالجة الانهيارات المتسارعة التي كانت تشهدها الشوارع الرئيسة والفرعية في المحافظات المختلفة.

وأثبتت التجارب الميدانية في محافظة الحديدة أن المعالجات الرقيقة تمثل خيارًا مبتكرًا وفعّالًا من حيث التكلفة والجودة، حيث تقلل من ظهور الحفر والتشققات، وتطيل عمر الطبقة الأسفلتي، مع إمكانية تنفيذ الصيانة دون توقف حركة المرور.

وجرى تطوير هذه الطريقة بعد أربع سنوات من التجارب، مع مراعاة خصائص البيئة المحلية، ومواصفات الطرق المستخدمة في دول متقدمة، لتكون مناسبة لظروف اليمن الراهنة.

ورافق فريق المسيرة المهندسين في مواقع العمل لتوثيق تطبيق المعالجات الرقيقة على طول 124 كيلومترًا، موزعة بين الطرق الرئيسة والشوارع الفرعية، بما في ذلك خط المخاء ومفرق 28 كيلو، إضافة إلى مقاطع في باجل والخشب.

وتمتاز هذه المعالجات بسرعة التنفيذ، وعدم تعطيل حركة المركبات، وتكلفتها أقل بنسبة تتراوح بين 30 و40% مقارنة بالطرق التقليدية، بينما تصل في بعض المقاطع إلى توفير 85% من التكلفة، مع الحفاظ على الجودة والصلابة ومتانة الأسفلت أمام العوامل الجوية وحركة المركبات الثقيلة.

وفي السياق أوضح رئيس الفريق الإشرافي لمشاريع صيانة الطرق في الحديدة، المهندس زيد الموشكي، أن استخدام هذه الطبقات الرقيقة أوقف الاستنزاف الناتج عن ظهور الحفر والشقوق، وقلل بشكل كبير من تكاليف الصيانة المستقبلية، مع تغطية أطول طول ممكن من شبكات الطرق، حيث بلغ إجمالي الكيلومترات التي جرى تنفيذها بهذه الطريقة حتى الآن 1160 كيلو مترًا، بتكلفة إجمالية 17 مليار ريال يمني مقارنة بـ43 مليار في حال استخدام الطرق التقليدية.

وأكد المهندس زيد في حديثه لقناة المسيرة عبر برنامج مجهر المواطن أن هذه الطريقة توفر جودة عالية للطرق، وتضمن عناصر السلامة والصمود أمام الزمن، كما تساعد على امتصاص مياه الأمطار، وتحافظ على طبقة الأسفلت من التآكل السريع.

وتتم متابعة الطرق المُعالجة بشكل شهري ونصف سنوي وسنوي، مع معالجة أي أضرار قبل تطبيق الطبقات الرقيقة، ما يضمن استدامة الطرق لفترات طويلة، وتقليل الحاجة إلى الصيانة المتكررة المكلفة.

كما أشار إلى أن هذه التجربة لا تقتصر على الحديدة، بل جرى تدريب المهندسين من مختلف المحافظات على تنفيذ هذه الطريقة، لضمان التعميم وتحقيق التكامل بين الوحدات التنفيذية ومكاتب الأشغال العامة، بما يدعم إدارة فعالة للموارد المتاحة، ويحافظ على الشبكة الطرقية الحيوية في كافة مناطق الجمهورية.

وتثبت تجربة الحديدة أن الابتكار الهندسي يمكن أن يحقق نتائج ملموسة، حتى في ظل ظروف الحرب والحصار، وأن تطبيق المعالجات الرقيقة يمثل خطوة نوعية نحو صيانة مستدامة للطرق، وتقليل الأعباء المالية على الدولة، وتحسين جودة الخدمات للمواطنين.

وتظل الحاجة قائمة لتعميم هذه التجربة في كافة المحافظات، مع تضافر الجهود بين الصندوق والجهات التنفيذية، لضمان وصول الطرق الرئيسة والفرعية إلى مستوى مستدام، قادر على مواجهة تحديات الزمن وحركة المركبات، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن.