أطول إغلاق حكومي أمريكي.. الجمود السياسي ومحاولات ترامب لـ “كسر القاعدة”
ذمــار نـيـوز || أخبار محلية ||
6 نوفمبر 2025مـ 15 جماد الاول 1447هـ
تشهد الولايات المتحدة الأمريكية أطول إغلاق حكومي في تاريخها، مسجلاً لليوم الـ 36 من الشلل الجزئي لمعظم المرافق الحكومية، ومع تزايد القلق في البيت الأبيض بشأن تضرر سمعة الحزب الجمهوري والرئيس ترامب بشكّلٍ خاص؛ تتجه الأنظار نحو اجتماع مرتقب يجمع ترامب بقيادات من الكونغرس لبحث سُبل إنهاء الأزمة.
وفي ظل غياب بوادر أمل واضحة لفتح الحكومة في القريب العاجل، يسعى ترامب لكسر الجمود عبر المطالبة بإلغاء قاعدة الأغلبية المشروطة في مجلس الشيوخ، وهي خطوة تثير انقسامًا كبيرًا داخل حزبه وتخوفات من تداعياتها على النظام الديمقراطي.
ووفقًا لوسائل إعلام محلية؛ اجتمع الرئيس الأمريكي ترامب صباح اليوم الأربعاء، في البيت الأبيض بقيادات الحزب الجمهوري، وتحديدًا غالبية الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، لبحث أزمة الإغلاق الحكومي.
وأشارت المصادر إلى أنّ ترامب صرّح خلال الاجتماع بأنّ الحزب الجمهوري والإدارة يتعرضان لتضرر سلبي أكبر في السمعة جراء الإغلاق مقارنة بالديمقراطيين، وشهد الاجتماع نقاشًا حادًا في هذا الصدد بين الرئيس وعضو جمهوري، وحتى هذه اللحظة، لا تزال بوادر الأمل معدومة لفتح الحكومة مرة أخرى قريبًا، في ظل استمرار الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس.
ويستمر الشلل الجزئي في المرافق الحيوية؛ بما في ذلك هيئة الطيران الفيدرالية، حيث تشير تقارير إلى إلغاء الكثير من الرحلات في بعض الولايات بسبب نقص العمال الفيدراليين.
ولفتت المصادر إلى أنّ ترامب كرر رغبته بـ إلغاء قاعدة “الأغلبية المشروطة” في مجلس الشيوخ التي تتطلب 60 صوتًا من أصل 100 في مجلس الشيوخ لتمرير التصويت على تمويل الحكومة، والاكتفاء بأغلبية بسيطة “50+1″، مستغلاً امتلاك الجمهوريين لـ 54 صوتًا.
في السياق، صرح “ماك جون ثون”، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، للصحفيين أنّه “لا يوجد لدي أصوات كافية لتمرير التصويت على التعديل”، مشيرًا إلى حاجته لـ 51 صوتًا جمهوريًا على الأقل للموافقة على تغيير القاعدة.
ويُعتبر “جان ثون” جمهوريًا تقليديًا ويرفض مطالب ترامب، محذّرًا من أنّ تغيير القاعدة التشريعية سيؤدي إلى انقسام كبير في الديمقراطية الأمريكية، حيث سيقوم الديمقراطيون بتغيير القواعد لاحقًا إذا حصلوا على الأغلبية؛ مما يقسم الحزب الجمهوري ذاته بين مؤيد ومعارض لمطلب ترامب.
وتتزايد المخاوف داخل الحزب الجمهوري من تنامي قوة الحزب الديمقراطي فيما يُعرف بـ “الموجة الزرقاء”، بعد تحقيقهم انتصارات في انتخابات محلية وإقليمية مؤخرًا، حيث فاز الديمقراطيون بمنصبي حاكمي ولايتي “فرجينيا ونيوجيرزي، وفوز المسلم الاشتراكي الديمقراطي التقدمي “زهران ممداني” بمنصب عمدة نيويورك، الذي تحدى ترامب مباشرة بعد إعلان فوزه.
وكان رئيس مجلس النواب الأمريكي “مايك جونسون” قد صرح للصحفيين بتحذير واضح: “إذا حصل الديمقراطيون على الأغلبية، فنحن نعلم من أول يوم؛ فسيتم عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلما فعلوا في ولاية ترامب الأولى”.
ويسعى الديمقراطيون في أزمة الإغلاق فرصة لكسب نقاط سياسية، والعمل سريعًا هذا العام للفوز بمقاعد إضافية في مجلسي النواب والشيوخ، لتحقيق الأغلبية وإحداث توازن في سياسات الرئيس ترامب، الذي يتصرف حاليًا “من وجهة نظر جمهورية بحتة” بفضل أغلبية حزبه في كلا المجلسين.
ويرى المحللون أنَّ الموقف المتشدد لترامب يمثل “لحظة نادرة من النفوذ” لحزب المعارضة، رغم سيطرة الأخير والموالين له على فروع الحكومة، ويأتي هذا الجمود وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي المقلق، تتمثل في تباطؤ التوظيف وارتفاع التضخم وعجز ميزانية سنوي يقارب تريليوني دولار، كما أثر الإغلاق على حركة الطيران في بعض المطارات مثل “مطار هوليود بوربانك”.
ويتوقع الخبراء أنَّ الخلاف الحالي سيطول، مذكّرين بأنَّ أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة حدث في ولاية ترامب الأولى “2018-2019م”، واستمر 5 أسابيع وكلف الاقتصاد 11 مليار دولار.
ويقدر مكتب الموازنة في الكونغرس أنَّ أكثر من “750 ألف موظف فيدرالي” قد يتم إجبارهم على إجازة إجبارية بدون مرتب في أي إغلاق يومي، وهؤلاء الموظفون موزعون على جميع الولايات؛ ما يؤدي إلى توقف رواتبهم وتضرر الاقتصاد المحلي في كل مكان.
كما تتأثر الخدمات والبرامج الفيدرالية في كل ولاية، مثل إغلاق بعض أقسام الحدائق الوطنية، أو تأخر معالجة طلبات المساعدات الفيدرالية أو القروض، وتتأثر المطارات في مختلف الولايات، مثل “شيكاغو، ناشفيل، هيوستن، لاس فيجاس، ونيوجيرسي، ونيويورك”؛ بسبب نقص موظفي مراقبة الحركة الجوية الذين يعملون دون راتب.
ويرى مراقبون أنَّ الإغلاقات الحكومية تولّد فجوة مؤقتة في الإنفاق الفدرالي وتخلخِل نشر بعض البيانات الاقتصادية الرسمية؛ ما يُصعِّب عمل الأسواق وصانعي القرار، لكن الأدلة التاريخية تشير إلى أنَّ هذه الإغلاقات غالبًا ما ترفع عدم اليقين وتكبّد خسائر يومية قد تكون بالـمليارات إذا استمرت.
وما بين إدارة تسعى لتقويض بعض النفقات -مطالَب جمهورية بتقليص الإنفاق- وفي الوقت نفسه تتبنّى أفعالاً أمنية -نشر الحرس الوطني- والتي قد تكلف موارد إضافية، إذا استمر الإغلاق لأجلٍ طويل؛ فقد يتحوّل هبوط الطلب الداخلي، وزيادة الأعباء على الأسر، وتراجع ثقة الأعمال، إلى تباطؤ ملموس؛ فإن احتمال الركود يرتفع.
ويؤثر الإغلاق الحكومي على جميع الولايات الأمريكية الخمسين بشكلٍ عام، إلا أنَّ مقاطعة كولومبيا “العاصمة واشنطن”، هي الأكثر تضررًا نظرًا للتركيز الهائل للموظفين الفيدراليين فيها وفي المناطق المجاورة “مثل ماريلاند وفرجينيا”.
وتلوم القاعدة الشعبية في الولايات المتحدة الأمريكية ترامب والجمهوريين والديمقراطيين على حدًّ سواء، لتحملهم مسؤولية اليوم السادس والثلاثين من الإغلاق الحكومي، والذي خلف خسائر مادية تقدر بملايين الدولارات من الخزينة الفيدرالية.
