الخبر وما وراء الخبر

العميد أبي رعد: اليمن أعاد رسم قواعد السيطرة البحرية وجعل أمريكا تواجه تحديات مالية كبيرة حتى تعيد النظر في قواتها

3

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

27 أكتوبر 2025مـ 5 جماد الاول 1447هـ

نوّه الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، العميد علي أبي رعد، إلى أن المواجهة الأخيرة بين القوات اليمنية والقوات البحرية الأمريكية في البحر الأحمر كشفت عن أزمات استراتيجية وعمق محدودية القوة البحرية الأمريكية، رغم ما تمتلكه من أساطيل ضخمة وأنظمة متطورة.

وقال في مداخلة خاصة على قناة المسيرة إن العمليات اليمنية كشفت نقاط ضعف جوهرية في قدرات واشنطن البحرية، كما هزت ثقة الولايات المتحدة بقدرتها على السيطرة على الممرات البحرية الحيوية.

وأوضح أبي رعد أن “القوات البحرية الأمريكية هي القوة الأولى عالميًا، وتمتلك 11 حاملة طائرات وأكثر من 484 قطعة بحرية، منها 92 مدمرة، معظمها موجود في بحر الكاريبي مقابل سواحل فنزويلا”، لافتًا إلى أن هذه المدمرات مزودة بصواريخ “إيجن” من أحدث الصواريخ المضادة والدفاعية، وتم تحديث معظم الأنظمة الموجودة منذ الخمسينات وحتى السبعينات، لكنها فشلت بالكامل أمام المسيرات اليمنية وصواريخ كروز.

وأشار إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات المتطورة لم تفلح في مواجهة الهجمات اليمنية، وأن التكتيك الأمريكي لم يتناسب مع أدوات المواجهة التي استخدمتها القوات اليمنية.

وتابع قائلاً: إن الحديث الأمريكي عن مشاريع مثل “القبة الذهبية” وبناء سفن جديدة، لا معنى له في ظل الركود الاقتصادي الأمريكي وطول مدة تصنيع كل مدمرة، التي تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وكذلك محدودية القدرة على اللحاق بالصين وروسيا في المجال البحري، خاصة فيما يتعلق بالغواصات.

كما أكد أبي رعد أن القوات اليمنية كسرت قواعد اللعبة الأمريكية في السيطرة على الممرات البحرية، خاصة مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي، باستخدام أدوات بسيطة مثل الطائرات المسيرة، وصواريخ كروز، والزوارق المسيرة.

وبيّن أن هذه العمليات أجبرت حاملات الطائرات والمرافقة على الانسحاب إلى المياه الدولية، مع تسجيل إصابة إحدى حاملات الطائرات، وأن مخزون الذخيرة الأمريكي نفد خلال أقل من تسعة أيام، ما يعكس شدة المعركة وتفوق التكتيك اليمني.

وتطرق إلى أن تصنيع المعدات العسكرية الأمريكية، بما فيها المدمرات وأنظمة الدفاع الإلكتروني والمحركات، معقد ويستغرق وقتًا طويلاً.

وأضاف أن نسبة اليد العاملة في الصناعات العسكرية انخفضت إلى 50% نتيجة السياسات الأمريكية السابقة، وأن الالتزامات المالية الأمريكية تجاه صيانة وإنتاج السفن لم تُنفذ بالكامل، ما ساهم في تراجع جاهزية الأسطول.

وعرّج على التحديات المالية التي تواجه واشنطن، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أنفقت مبالغ طائلة لدعم الكيان الصهيوني، وصلت إلى 22 مليار دولار، وهو ما يضيف ضغطًا على الميزانية ويؤثر على قدرة الجيش الأمريكي على تحديث أساطيله البحرية بشكل فعّال، سيما بعد إدراكه أن أساطيله تحتاج إلى تحديث شامل بعد السقوط أمام اليمن.

وبيّن أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تصنيع الذخيرة بالمعدلات السابقة، إذ إن صاروخًا واحدًا يحتاج إلى عام كامل لإنتاجه، ولا يمكن تصنيع أكثر من 40 صاروخًا سنويًا، ما يحد من قدرتها على موازنة القوى العالمية.

وخلص العميد أبي رعد إلى أن القوات البحرية الأمريكية اليوم تواجه أزمة متعددة الأبعاد: تكتيكية، صناعية، مالية واستراتيجية، وأن المعارك في البحر الأحمر أثبتت فشل المفهوم الأمريكي التقليدي للهيمنة البحرية، وأن التحديات أمام واشنطن في موازنة الصين وروسيا أو مواجهة القوى الصاعدة أصبحت أكبر بكثير من مجرد مشاريع الأساطيل الثقيلة أو تحديث المعدات.

ونوّه في ختام مداخلته على قناة المسيرة إلى أن هذه الأزمة تعكس هشاشة القوة الأمريكية البحرية في أهم الممرات الاستراتيجية العالمية، وأن التحولات في طبيعة الحرب البحرية، بما في ذلك استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الدقيقة، جعلت من الأساطيل التقليدية أقل جدوى أمام التحديات الحديثة.