اليمن من خيبات الماضي إلى إشراقة الحرية والإستقلال
ذمــار نـيـوز || مقالات ||
26 سبتمبر 2025مـ 4 ربيع الثاني 1447هـ
بقلم // فيصل أحمد الهطفي
ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كانت بارقة أمل أضاءت الطريق أمام اليمنيين نحو الحرية والعدل، نحو بناء دولة قوية ومستقلة، وجيش وطني يحمي الأرض والشعب، ومستوى معيشي وثقافي يليق بأمة عزيزة، وحكم قائم على العدالة والشورى والمساواة، بالإضافة إلى دور فاعل في نصرة الأمة وقضاياها العادلة.
لكن الواقع المرير أثبت أن هذه الأهداف الخمسة لم تتحقق، بل انقلبت الثورة على نفسها بفعل الوصاية والخيانة والفساد الداخلي، لتظل الشعلة مسلوبة، وطموح الشعب اليمني مقهورًا ومستضعفًا.
كان من المفترض أن يكتسب اليمن استقلال قراره الوطني، وأن تتحرر الدولة من التدخلات الخارجية، لكن الواقع كشف أن القرارات الوطنية كانت خاضعة لتوجيهات القوى الأجنبية، والسياسات الاقتصادية والعسكرية مرهونة بموافقتها.
ولم يستفد الشعب من ثرواته الوطنية، إذ تم تحويل الموارد من نفط وغاز ومعادن لصالح الخارج، وفتحت أرصدة واستثمارات في الخارج من أموال الشعب خصيصًا لعفاش وأولاده وأقاربه وزبانيته في السلطة، في حين بقيت إرادة الشعب محدودة، ومشروع الثورة بعيدًا عن التنفيذ الحقيقي.
أما الجيش الوطني، الذي كان من المفترض أن يكون ركيزة لحماية الوطن والثورة، فقد عانى من استهداف وتدمير للأسلحة الاستراتيجية بما فيها صواريخ الدفاع الجوي ، واستبدال العناصر الوطنية بعناصر قابلة للوصاية والعمالة للخارج.
وبدل أن يحمي الجيش الشعب ويصون الثورة، تحول إلى أداة لإضعاف الدولة وعاجز عن الدفاع عنها أمام أي تهديد أو عدوان أجنبي.
وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لم تتحقق النهضة المنشودة، بل استمر الفقر والبطالة والجهل في الانتشار، وانتشرت الحروب القبلية والتقطعات، وتحول السلاح إلى أداة للصراع الداخلي بدل حماية الوطن.
واستُهدفت الكوادر الأكاديمية بالاغتيال والإقصاء، مما أدى إلى نزيف العقول وفقدان الهوية الوطنية.
وعاش الشعب بعيدًا عن أي نهضة اقتصادية أو ثقافية حقيقية، ومجتمع مشتت، فاقد لمؤسسات الدولة الأساسية.
أما الحكم العادل القائم على الشورى والمساواة، فقد صار شعارًا زائفًا، إذ استشرى الفساد المالي والإداري في القضاء، وأصبحت الرشوة وشراء الأحكام الوسيلة للحصول على الحقوق، فيما المواطن المستضعف يُحرم منها.
وأصبحت المحسوبية والولاءات السياسية هي التي تحدد المناصب والفرص، وأي صوت حر أو وطني كان يُقمع أو يُصفى، لتصبح مؤسسات الدولة أداة للقمع والفساد، بدل أن تكون ضمانة للعدالة والمساواة.
أما البند الخامس، الذي كان من المفترض أن يعكس موقف اليمن الثوري تجاه الأمة العربية والإسلامية، فقد فشل أيضًا بشكل كامل.
فاليمن بعد ثورة 26 سبتمبر لم يكن قادرًا على الوقوف مع إخوانه الفلسطينيين في مواجهة العدوان، ولم تتحقق الوحدة أو التضامن العربي الحقيقي ، حيث أصبحت كل الدول العربية عاجزة عن الالتفاف حول القضية الفلسطينية ومساندة شعبها المظلوم.
إن فشل هذه البنود الخمسة يثبت أن ثورة 26 سبتمبر كانت مسروقة ومختطفة، وأن الشعب اليمني عاش عقودًا تحت الوصاية والفساد والحرمان.
لكن جاء فجر الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م ليعيد بناء الدولة، ويحرر القرار الوطني، ويؤسس لجيش وطني قوي قادر على الدفاع عن الأرض والشعب، ويحمي المجتمع من الفقر والفساد، ويعيد العدالة والقانون والمؤسسات الوطنية، ويعيد للبلاد دورها العربي والإسلامي في نصرة القضايا العادلة.
الحادي والعشرين من سبتمبر هو المشروع الوطني الثوري، والطريق نحو اليمن الحر القوي المستقل، القائم على العدالة والشورى والمساواة، القادر على الوقوف مع الأمة ودعم قضاياها العادلة، حاميًا الأرض والعرض، ومعززًا السيادة الوطنية، ومصدرًا للأمل لكل المستضعفين.
فلنقف جميعًا خلف مشروعنا الوطني، ولنواصل مسيرة التحرير والاستقلال ، ونثبت للعالم أجمع أن إرادة الشعب اليمني لا تُقهر، وأن اليمن سيظل حرًا وعزيزًا، ومهما طال الليل واشتدت التحديات، لن يضيع مشروع الأمة بين الوصاية والخيانة والفساد.
* مدير مكتب الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد بمحافظة ذمار