معركة التفاوض.. حماس تكشف كواليس المواجهة السياسية لانتزاع وقف النار
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
27 يوليو 2025مـ – 2 صفر 1447هـ
في تصريحاتٍ تحمل دلالاتٍ بالغةً وتفاصيلَ تكشفُ عمقَ المواجهة السياسية الجارية خلف الكواليس، أكّـد الدكتور “غازي حمد”، أن حركة حماس لطالما تعاملت بإيجابية ومسؤولية في مختلف جولات المفاوضات الرامية إلى التوصُّل لاتّفاق وقف إطلاق نار شامل.
وشدّد القيادي في حركة حماس وعضو فريق التفاوض، في تصريحٍ -نشره الموقع الرسمي لحركة حماس، اليوم الأحد- على أن “حماس كانت دومًا جدية ومهتمة بأن تصل إلى اتّفاق، والوسطاء يشهدون بذلك”.
وأوضح “حمد” أن المعركة السياسية في ميدان التفاوض لا تقل أهميّة ولا خطورة عن المعركة العسكرية على الأرض؛ بل إنها مليئة بالمخاطر ولا تحتمل الخطأ أَو الانحراف؛ لأَنَّ الاحتلال، كما أكّد، يسعى إلى فرض ما عجز عن تحقيقه بالدم والنار عبر طاولة المفاوضات.
مفاوضات على صفيح ملتهب:
ويرى “حمد” أن الاحتلال الإسرائيلي حاول في كُـلّ جولة أن يزرع ألغامًا سياسية ومصائد تفاوضية، تمكّنه من إدامة السيطرة والحصار، وإبقاء خيار العودة إلى الحرب مفتوحًا، مُشيرًا إلى أن الاحتلال كان يرفض إدراج أية صيغة في الاتّفاق تُلزِمُه بوقف دائم للعدوان، أَو تُغلِقُ الباب أمام عودة العمليات العسكرية.
وقال: “قاتلنا سياسيًّا، مرةً وثانيةً وثالثة؛ مِن أجلِ أن نضع سدًّا منيعًا أمام عودة الحرب مرة أُخرى”، لافتًا إلى أن كيان العدوّ سعى إلى فرض واقع جديد على القطاع عبر اتّفاق يمنحه حرية التحكم بالمساعدات، ويشرعن منطقة عازلة تمتد من 40 إلى 50 % من أراضي غزة، وهو ما وصفه بأنه “مستحيل القبول” من قبل المقاومة الفلسطينية.
وكشف عضو وفد حماس أن ملف المساعدات الإنسانية كان من “أبرز نقاط التوتر في المفاوضات”، حَيثُ أصرّ الاحتلال على فرض قيود مشدّدة على دخول المساعدات، بينما تمسّكت الحركة ببنود اتّفاق 19 يناير 2025م، التي تنص على “دخول المساعدات بكميات كافية، وتوزيعها عبر الأمم المتحدة، والهلال الأحمر الفلسطيني، والمؤسّسات التي كانت تعمل قبل 2 مارس”.
وَأَضَـافَ حمد، “كنا نريد أن يشعر شعبنا أن هذه المفاوضات تعكس طموحاته في الخروج من أتون الحرب والمعاناة، ولذلك خضنا المفاوضات بشراسة لا تقل عن القتال في الميدان”.
اتّفاق جيد.. أَو لا:
وفي لحظة مواجهة مع الضغوط الدولية وبعض الأصوات التي دعت حماس للواقعية والانحناء للعاصفة، عبّر “حمد” عن موقف واضح وحازم: “كنا أمام خيارين: إما أن نذهب إلى اتّفاق هزيل وسريع، أَو أن نصبر للوصول إلى اتّفاق جيد يضمن حقوق شعبنا”.
الاتّفاق الهزيل -بحسب حمد- كان يعني منح الاحتلال مفاتيح التحكم بالمساعدات، وفرض وقائع عسكرية وسياسية جديدة على الأرض، والانطلاق مجدّدًا إلى جولة جديدة من الحرب في أي وقت شاء العدو.
ورغم تعقيدات المشهد، أكّـد “حمد” أن حركة حماس، بالتعاون مع القوى الفلسطينية الأخرى “حقّقت اختراقات مهمة في عدد من القضايا الأَسَاسية، ونجحت في الوصول إلى صيغة وطنية موحدة تحفظ كرامة وصمود أبناء قطاع غزة، وتمثل انعكاسا حقيقيًّا لصبرهم وثباتهم”.
وتأتي هذه التصريحات لتكشف حجم المعركة التي تُدار على الطاولة، وسط الركام والدمار، وعلى وقع مجازر الإبادة والحصار والتجويع الممنهج.
وبينما تُصوَّبُ البنادقُ في الميدان، تدور معركة من نوع آخر خلف الكواليس، معركة صبرٍ وصمود وتثبيت للحقوق الوطنية، وهي معركة تؤكّـد حماس أنها تخوضها بنفس الروح التي تخوض بها الميدان، بثبات، ورفض للهزيمة، وإصرار على نيل الحقوق، لا على التنازل عنها.
وبين الواقعية المسمومة التي يُراد تسويقها على حساب الكرامة، وبين الاتّفاق المُشرّف الذي يحمل أمل غزة في الحياة، اختارت حماس الصمود، لتُبقي جذوة المقاومة مشتعلة على الميدان والطاولة معًا.