الخبر وما وراء الخبر

خبير لبناني يقدم قراءة للمشهد الإقليمي ومستجدات الأحداث في المنطقة

1

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

21 يوليو 2025مـ 26 محرم 1447هـ

في ظل التصعيد العسكري غير المسبوق الذي تشهده المنطقة، وما يرافقه من كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم جراء الحصار والتجويع الممنهج والاستهداف العشوائي للمدنيين في غزة.

تبرز تصريحات رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف التي أكدت أن ما يجري هو “أكبر إبادة جماعية في التاريخ الحديث”، مشددًا على أن كيان العدو الصهيوني يشن حربًا متكاملة في لحظة إقليمية بالغة الدقة تتداخل فيها ساحات المواجهة من غزة إلى جنوب لبنان مرورًا بالجنوب السوري، وسط حراك سياسي دولي تحكمه حسابات متغيرة ومشاريع صهيونية تُفرض بالقوة.

وعلى صعيد التحليل الاستراتيجي، قدم الخبير السياسي الدكتور وسيم بزي في حديثه لقناة المسيرة قراءة متعمقة تربط بين تصعيد كيان العدو الصهيوني في غزة والضغوط على الساحة اللبنانية عبر “ورقة باراك” التي يحملها المبعوث الأمريكي.

ويرى أن هذه الورقة تطرح اتفاقًا جديدًا يهدف إلى تجاوز اتفاق عام 2006 واستبداله بترتيبات أمنية وسياسية تمس جوهر قوة المقاومة في لبنان، مما يشكل استهدافًا مباشرًا للمقاومة وإفراغًا للساحة اللبنانية من عناصر القوة الحامية من تكرار السيناريو الغزاوي، مع تأكيده أن كيان العدو الصهيوني يتحرك بإرادة أمريكية واضحة تتعامل مع ملفات المنطقة من منظور المصالح الصهيونية الخالصة.

ويتجلى ذلك في مضمون الورقة التي تجاهلت الالتزامات السابقة وركزت على سحب سلاح المقاومة دون ضمانات لوقف الاعتداءات أو انسحاب قوات الاحتلال من الأراضي اللبنانية المحتلة.

تفجير النسيج الطائفي ورسم خرائط نفوذ جديدة:

على الصعيد السوري، يشير بزي إلى أن الأحداث في السويداء وريف القنيطرة تكشف تحولات خطيرة في مقاربة كيان العدو الصهيوني، حيث يُعمل على تفجير البنية الطائفية من الداخل وإحياء مشاريع تقسيمية مُموهة بشعارات حماية الأقليات، كما أن اللقاءات في باكو بين مسؤولين أمنيين صهاينة وعناصر تابعة للمدعو “الجولاني” في الجنوب السوري كشفت عن ضوء أخضر لتحريك بيادق الفوضى، وذلك لرسم خارطة أمنية جديدة تمتد من الجولان حتى التنف وقرب العاصمة دمشق ، وصولًا إلى مشارف الحدود العراقية، خدمةً لمشاريع الاحتلال الأمريكي الصهيوني للثروات وفرض الأمر الواقع.

مشروع هندسة المنطقة:

يخلص بزي إلى أن التحرك المتزامن في غزة ولبنان وسوريا يشكل جزءًا من مشروع شامل يقوده كيان العدو الصهيوني بدعم دولي وخليجي، يهدف إلى إعادة هندسة المنطقة ديموغرافيًا وسياسيًا وفق موازين قسرية جديدة وتقويض مفاهيم السيادة الوطنية، حيث يبرز الموقف اللبناني المقاوم المستند إلى تنسيق بين القوى الرسمية وحزب الله كصمام أمان، خاصة مع إصرار المقاومة على شروط واضحة لأي تسوية تتضمن وقف العدوان، انسحاب قوات الاحتلال، الإفراج عن الأسرى، وإطلاق إعادة الإعمار.

وحدة الموقف صمام الأمان:

في المحصلة، يؤكد بزي أن ما يُراد تمريره هو نسخة جديدة من “سايكس-بيكو” تُرسم بحبر الدم وتُدار بعقلية استعمارية تعامل شعوب المنطقة كقطع شطرنج، حيث تشكل وحدة الموقف في غزة، ووضوح الرؤية في لبنان، وصمود المحور اليمني المساند، وقوة النظام في طهران، صخرةً صماء أمام اكتمال هذا المشروع، فيما يُعد وعي الشعوب ووحدة قوى المقاومة والثبات السياسي والعسكري ركائز أساسية لمواجهة التحديات، فالمنطقة تعيش لحظة مفصلية يجعل انحياز واشنطن الكامل لكيان العدو الصهيوني وساطاتها ومبادراتها محل ريبة ورفض من قوى المقاومة التي ترى أن أي تسوية تُفرض تحت الضغط لن تُكتب لها الحياة، وأمام الأحداث المتسارعة تبقى وحدة محور المقاومة كفيلة بعرقلة هذا المشروع الإقليمي الشامل مهما تعقدت التحديات.