الخبر وما وراء الخبر

اليمن يفرض معادلة ردع أفشلت عملية الراية السوداء

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

10 يوليو 2025مـ 15 محرم 1447هـ

أكد أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور أحمد الشامي، أن العدوان الأخير الذي شنه كيان العدوّ الصهيوني على اليمن تحت عنوان “عملية الراية السوداء”، عرّى الفشل الاستخباراتي والعسكري لدى الاحتلال، وكشف عن تحول نوعي في الرد اليمني الذي أربك حسابات العدوّ وفرض قواعد اشتباك جديدة.

وفي حديثه لقناة “المسيرة”، أوضح الشامي أن هذا التحول يعكس نضجًا في التفكير العسكري للمقاومة اليمنية، التي باتت تقود معركة دعم استراتيجية للقضية الفلسطينية، وتفرض معادلاتها على الأرض والجو والبحر.

الأزمة الداخلية تعمّق مأزق الاحتلال

يرى الدكتور الشامي أن كيان العدوّ الصهيوني يعيش أزمة داخلية متفاقمة، تضعف قدرته على إدارة الصراع الخارجي؛ فالفشل العسكري لم يعد مجرد إخفاق ميداني، بل انعكاس لحالة من التخبط السياسي والتفكك المجتمعي، حيث تزايدت الانقسامات داخل الأجنحة الحاكمة، وأصبح نتنياهو يخوض معاركه داخلية وخارجية من أجل البقاء السياسي.

أوضح الشامي أن عملية “الراية السوداء” فشلت عسكريًّا واستخباراتيًّا أمام المفاجأة اليمنية في إسقاط الطائرات المغيرة دون أن تكمل مهامها، وتوجيه صواريخ باليستية نوعية إلى عمق الأراضي المحتلة خلال ساعات من العدوان، ما أكد أن اليمن لم يعد ساحة مستباحة بل قوة ردع فعّالة.

وأشار إلى أن كيان العدو بات يُدرك أنه يواجه طرفًا عربيًّا يتمتع بقدرة عالية على التخطيط، بعيدًا عن ردود الفعل الانفعالية التي اعتادها من أنظمة عربية أخرى.

نقطة تحول استراتيجية

اعتبر الشامي أن العمليات اليمنية الدقيقة، وخاصة استهداف مطار اللّد بصاروخ “ذي الفقار”، شكّلت رسالة حازمة بأن الرد اليمني ليس عشوائيًّا، بل مدروسًا من حيث التوقيت والأهداف؛ الأمر الذي أفقد العدو الصهيوني فعالية عدوانه وجعله يندفع إلى خطاب تهويلي بلا مضمون، كما يظهر في تصريحات مسؤوليه عن “قطع يد” من يهاجمهم.

كما لفت إلى أن طبيعة الرد اليمني الليلي أربكت منظومات الدفاع الجوية للاحتلال، وأظهرت أنه بات عاجزًا عن فرض ردع أو حتى منع الضربات.

تقاطع القوة الشعبية والوعي القيادي

نوّه الشامي إلى أن اليمن يمارس تكتيكًا عاليًّا يجمع بين الوعي الشعبي والقيادة السياسية الواعية، في ثلاثية تشكل “تكتيك الوعي” الذي يُدير الصراع بذكاء، ويحافظ على نفس شعبي مقاوم غير قابل للكسر، وهذا ما يميز الجبهة اليمنية عن باقي ساحات المواجهة التقليدية.

 

تناقضات إعلامية

أشار الدكتور الشامي إلى أن الصدمة كانت واضحة داخل مجتمع كيان العدو، حيث نقلت صحف عبرية مثل “يديعوت أحرونوت” عن مصادر عسكرية أن عملية “الراية السوداء” لم تحقق شيئًا ملموسًا، بل زادت من شعور الفشل، وخاصة بعد ضربتين صاروخيتين من اليمن تسببتا في تفعيل صافرات الإنذار في أكثر من 300 بلدة جنوب الأراضي المحتلة.

كما استعرض الشامي تناقضات الإعلام العبري، الذي بدأ يحذّر من تطور القدرات اليمنية طويلة الأمد، بما في ذلك التدريب على السيطرة على مبانٍ في الأراضي المحتلة، وظهور نماذج جديدة من تكتيكات المقاومة.

في ضوء هذه التحولات الجذرية في الأداء اليمني، وغياب فاعلية الردع لدى كيان العدوّ الصهيوني، يُطرح السؤال، هل بات اليمن لاعبًا إقليميًّا قادرًا على إعادة صياغة معادلات الصراع مع الاحتلال من موقع استراتيجي متقدم، وما مدى تأثير هذا الصعود على مجمل موازين القوى في المنطقة؟