الخبر وما وراء الخبر

غزة.. رغيف الخبز الملطخ بالدماء

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

12 يونيو 2025مـ 16 ذي الحجة 1446هـ

في قطاع غزة، حيث تحول الجوع إلى رفيق يومي، تتكشف مأساة إنسانية جديدة على مرأى ومسمع العالم. فبينما يتجمع آلاف الفلسطينيين اليائسين بحثاً عن لقمة عيش توزعها “مراكز المساعدات”، يتربص بهم قناصة الاحتلال الإسرائيلي، محولين عمليات توزيع الغذاء إلى فخاخ للموت.

خلال الفترة التي بدأ فيها توزيع المساعدات بهذه الآلية المشبوهة، شهدت غزة أرقاماً قياسية من الشهداء والمصابين في هذه المراكز، مما يعكس تصعيداً خطيراً في استهداف المدنيين الجائعين.

الأوضاع في غزة كارثية، حيثُ يسقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، شهادات الناجين تؤكد استخدام الاحتلال لأساليب متنوعة لاستهداف التجمعات.

الباحث صالح أبو عزة، يشير إلى أن عدد الضحايا في مراكز المساعدات يفوق قتلى الهجمات المباشرة، ويصف ذلك بأنه مشروع أمريكي إسرائيلي لإبادة الفلسطينيين تحت غطاء إنساني.

ويوضح أبو عزة أن أهداف هذا المشروع تشمل دفع الفلسطينيين للنزوح، وإذلالهم، وتحريضهم ضد المقاومة، وحصرهم في مناطق معينة لسهولة استهدافهم.

منذ أشهر، ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، بات الجوع مشهداً يومياً، يتوافد الآلاف من الجائعين إلى مراكز توزيع المساعدات، التي وُصفت بأنها “أمريكية إسرائيلية”، سعياً وراء أي فتات يسد رمقهم، لكن هذا السعي لم يعد مجرد بحث عن طعام، بل تحول إلى رحلة محفوفة بالموت، القناصة الإسرائيليون يتربصون بالمدنيين العزل، مستغلين لحظات الفوضى التي يتم إثارتها عند إلقاء المساعدات بين الجموع الغفيرة.

الوضع بلغ ذروته، حيث سجل قطاع غزة رقماً هو الأكبر منذ فتح هذه المراكز، بقرابة 60 شهيداً وأكثر من 360 مصاباً من منتظري المساعدات، قصص مؤلمة تتوالى، أب يبكي ولده الذي عاد جسداً مسجى، وطفل يرتجف وهو يودع أباه، جميعهم كانوا يبحثون عن لقمة تسد رمقهم.

الشهادات المروعة للمصابين والناجين، أو مرافقيهم، تؤكد أن الاحتلال يستخدم أساليب متنوعة في استهدافهم بمجرد تجمعهم في نقاط التوزيع المقررة سلفاً. أحدهم يروي: “الثامنة مساءً، وهذه المرة الأولى لنا لأننا ذهبنا بسبب الأوضاع السيئة… إطلاق نار من الدبابات، وقذائف صوتية وغير صوتية علينا بشكل مباشر. اليوم شهداء والوضع صعب جداً وخطير. والله يا رب يفرجها عليكم، الدبابة بتضرب علينا والرافعة بتضرب علينا، هذه مش مساعدات، هذا موت أحمر”.

الباحث والكاتب صالح أبو عزة أكّد أن عدد ضحايا مراكز المساعدات في غزة يتجاوز قتلى الهجمات الصهيونية المباشرة. وفي حديثه لقناة “المسيرة”، أشار أبو عزة إلى أن هذا جزء من “مشروع أمريكي إسرائيلي لإبادة الفلسطينيين تحت غطاء إنساني”.

أوضح أبو عزة أن هناك أهدافاً متعددة وراء هذه الطريقة في توزيع المساعدات، تتمثل في الدفع للهجرة والنزوح، حيثُ تركز المراكز بشكل أساسي في الجنوب، ما يدفع الفلسطينيين من الشمال إلى الجنوب، ويساعد على إخلاء شمال غزة، وكذا خلق الفوضى والتحريض، من خلال المساعدات المخصصة لا تمثل سوى حوالي 10% من احتياجات المتجمعين، ما يدفع الناس للقتال والتشاحن فيما بينهم للحصول على هذه الكمية الضئيلة، بهدف التحريش بين الفلسطينيين الجائعين وإذلالهم.

يهدف الاحتلال من خلال هذا الإذلال إلى اتهام المقاومة الفلسطينية بأن ما قامت به هو السبب في معاناة الشعب، ودفع الناس إلى التخلي عن دعمها، وحصر الشعب الفلسطيني، فقبل مارس، كانت المساعدات توزع عبر أكثر من 400 مركز تشرف عليها الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني، أما الآن فقد تم حصر الفلسطينيين جميعهم في خمسة مراكز فقط، ما يعني أن كلّ مركز يخدم أكثر من 600 ألف فلسطيني. هذا الحصر يسهل استهدافهم ويجعل من هذه الأماكن “مصائد اغتيال”.

ما يحدث في غزة ليس مجرد توزيع مساعدات، بل هو “لقمة مغموسة بالدم ومحفوفة بالموت”، ولم يعد هذا حدثاً عابراً، بل أصبح حدثاً يومياً اعتاد عليه العرب والمسلمون.

تنام غزة وتستيقظ على الجوع، وعلى مشاهد العنف المنظم الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، سواء بالقتل المباشر أو بتقديم “مساعدات ملطخة بالدماء”.

هذا الواقع يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لوقف هذه الجرائم الإنسانية المتواصلة وحماية المدنيين العزل في غزة.