استقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي.. أول تداعيات الانكشاف الفاضح لترامب
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
1 مايو 2025مـ – 3 ذي القعدوة 1446هـ
في لحظةٍ فارقةٍ من عمر المواجهة بين محور الجهاد والمقاومة والهيمنة الأمريكية، تحوّل اليمن من بلدٍ يُستهدف إلى قوةٍ تُحدث الصدمة والاضطراب في عمق النظام السياسي والعسكري للولايات المتحدة.
وفيما يتحول اليمن إلى مأزقٍ كبير للقيادة المركزية الأمريكية وللجيش الأمريكي عمومًا في عمق البحار الإقليمية، جاء اليوم كمأزقٍ متسلسل يضرب عمق السياسة الأمريكية ويبعثر أوراق البيت الأبيض وكأنه صاروخ باليستي أُطلق من المكان ذاته، لينشر الفوضى ويعمم الصخب.
لم تكن العميات البحرية اليمنية مجرد ردّ عسكري فحسب، بل صارت بداية لمأزقٍ أمريكي مركب، تتوالى تبعاته وتغوص إلى داخل غرف البيت الأبيض وتضرب قلب القيادة المركزية الأمريكية.
فضيحة أمنية بحجم هزيمة سياسية:
المشهد الأمريكي المرتبك يعكس حجم التحول الجيوسياسي الذي فرضه اليمن خلال الشهور الماضية، إذ لم يعد البحر الأحمر آمنًا للأساطيل الأمريكية، ولم تعد واشنطن قادرة على إدارة ملف “الأمن القومي” دون أن تحسب حسابًا للقرار اليمني المستقل.
الاستقالة المفاجئة –أو الإقالة المُقنعة– لمستشار الأمن القومي الأمريكي “مايك والتز” ونائبه “أليكس وونغ”، جاءت كأول تداعيات مباشرة للانكشاف الأمني الفاضح داخل إدارة ترامب الثانية.
فضيحة “مجموعة سيغنال” التي ناقشت العدوان على اليمن، وأدرج فيها “والتز” عن طريق الخطأ الصحفي “جيفري غولدبرغ”، شكّلت ضربة استخباراتية ناعمة فضحت هشاشة القرار الأمريكي وعدم انضباط أدواته.
وبينما حاولت واشنطن امتصاص تداعيات الفضيحة عبر الصمت الرسمي، كانت المعلومات تتسرب، وتؤكد تورّط كبار المسؤولين في مناقشات ضمّت توقيت الضربات وأسماء الأسلحة، فيما وصفه مسؤولون سابقون بأنه “تسريب كارثي لمعلومات فائقة السرية”.
ورغم دعم ترامب العلني لوالتز، إلا أن الضغوط الداخلية والتصعيد من جهات متطرفة مثل الناشطة “لورا لومر”، عجّلت بسقوط “والتز”، بعد سلسلةٍ من الإخفاقات والارتباك داخل مجلس الأمن القومي.
تلا ذلك حملة تطهير شملت أسماء بارزة، بدعوى “الولاء المشبوه”، أبرزهم نائب والتز “أليكس وونغ”، الذي تم استهدافه بخطابٍ عنصري بسبب أصوله الصينية.
البُعد اليمني في الأزمة الأمريكية:
ليس سرًا أن السبب المباشر لكل هذه التداعيات هو تصاعد قدرات اليمن الردعية، وإصراره على إغلاق البحر الأحمر في وجه السفن الداعمة للعدوان على غزة، فالعمليات اليمنية باتت تخلق مفاعيل استراتيجية تتجاوز التكتيك العسكري، وتصل إلى صلب القرار الأمريكي ومراكز نفوذه.
إدارة ترامب الثانية، رغم طابعها المتشدد، لم تتمكن من فرض الهيمنة البحرية، بل وقعت في فخ ردود الفعل المتسرعة والمكشوفة.
واليوم، ها هو اليمن يتحول من “الدولة الفاشلة” والتي أرادتها واشنطن أن تكون؛ إلى الرأس الموجع في جسد السياسة الأمريكية، ويثبت أن قرار الحرب أو السلم لم يعد أمريكيًا خالصًا.
ما تشهده واشنطن من تفكك داخلي وفوضى في مراكز القرار، ما هو إلا ارتداد مباشر لصمود اليمن وصواريخه ومواقفه الصلبة.
ومن سواحل الحديدة ورأس عيسى، إلى جبهات لبنان وغزة، ومن جبال صعدة وصنعاء، إلى أعماق البحر الأحمر وعمق الكيان الصهيوني المتهالك، تُكتب اليوم معادلة جديدة؛ تقول: “إذا صرخ اليمن، ارتجفت أمريكا”.