الخبر وما وراء الخبر

الشهيد “الصماد” والمحاربون القدامى. الحلقـــة الأولى.

30

بقلم / فاضل الشرقي.

يُعتبَرُ الرئيسُ الصمَّـاد من المحاربين القدامى في حركة أنصار الله، تعرفُه السهولُ ، والجبال ، والمرتفعات ، والشّعاب ، والوديان ، والتلال ، والهضاب ، والقفار في محافظة صعدة، ويعرفُه أهلُها كذلك بعلمه ، وأَخْــلَاقه ، وقيمه ومبادئه ، وثقافته ، ووعيه ، وصبره وجهاده ، وبجعبته وبندقيته أَيْـضاً.

في الحروب الست كان الرئيسُ الصمَّـادُ قائداً عسكرياً محنّكاً، وبطلاً مقداماً شجاعاً، يجيد كُـلّ فنون القتال المتيسرة آنذاك، وبدأ صيته ينتشر منذ الحرب الثانية وما بعدها وصولاً للحرب السادسة كقائد عسكري ميداني لا علاقة له بالسياسة وأهلها بحسب طبيعة وظروف المكان والزمان في حينه، يحبه الأفراد ويعشقه المقاتلون جميعاً لارتباطه الوثيق بهم، وعلاقته الوطيدة والمباشرة معهم، وقربه منهم في السلم والحرب، والغزوات والغارات والكمائن، والتصَـدّي للهجمات، ومواجهة الآليات والمدرعات، وجبهات الصعيد المختلفة تشهد له بذلك، وجبال فرد، ونقعة، ومطرة، وجبهة غواي، وغيرها تحتضنُ الكثير والكثير من الذكريات عن الرئيس الشهيد “أبو الفضل الصمَّـاد”.

تصعّد الرئيسُ الصمَّـادُ وارتقى بشكل متسارع في سُلَّــم الكَمَال الإيْمَـاني والقيادي والإداري من العمل العسكري إلى الإشراف الثقافي العام، إلى رئيس للمجلس السياسي لأنصار الله ومستشار لرئاسة الجمهورية، وصولاً إلى رئيس للبلاد كأعلى منصب سياسي في الجمهورية اليمنية، وصولاً إلى أعلى مرتبة وهي الشهادة في سبيل الله.

تواصلت بالرئيس الصمَّـاد وأنا في السجن عبر الهاتف السرّي عندما عرفت أنّه كُلّف من السيد مشرفاً ثقافيّاً عامّاً حسب الهيكل التنظيمي للمسيرة القُــرْآنية، وطلبت منه أن يزوِّدنا بملازم ومحاضرات السيد حسين بدر الدين الحوثي، وقد رحب بذلك وأبدى كامل استعداده إلاّ أنّ الطريقةَ لإدخالها إلى السجن كانت صعبةً جداً، وبعدَ خروجنا من السجن بفترة وجيزة طلبني السيدُ القائدُ حفظه الله وطلب مني وكلفني أن أعملَ نائباً للرئيس الصمَّـاد.. قلت له: هل الصمَّـاد من طلب ذلك؟ قال: لا. أنا عازم على هذا الشيء منذ وأنتم في السجن، وقال لي: اذهب إلى الصمَّـاد وأخبره أنك مرسل ومكلف مني فقد سبق وأطلعته على الموضوع قلت حسناً، وذهبتُ من فوري إلى الرئيس الصمَّـاد إلى منزله في بني معاذ، وكان لديهم ضيوفٌ كبار، مشايخ من سفيان في منزل الوالد الفاضل أحمد ناصر البعران، فطلب مني أن أبقى في منزله وأتناول طعام الغداء مع أصحابه ويستميحني العذر أنه سيذهب لتناول طعام الغداء مع الضيوف والبقاء إلى العصر، فقلت له لا مانع، وبعد العصر جاء وجلسنا سوياً إلى المغرب نرتب للعمل الثقافي، وللأمانة والحقيقة أنّ الرئيس الصمَّـاد كان الوحيد الذي كنت أشعر بفائدة عظيمة كلما جلست معه أو سمعته يتحدث، فقد كان على مستوى عالٍ من الوعي والثقافة بالشكل الذي يبهرك، بأسلوب جذاب ومؤثر جداً، تبهرك استدلالاته القُــرْآنية، وطرحُه المرتَّب والواقعي، وهكذا قال عنه كُـلُّ مَن عرفه، ففي إحْـدَى الليالي اصطحبتُ معي مجموعةً من السلفيين المتشددين- الذين جاؤوا زيارةً من محافظة أخرى- إلى منزله مساءً فأكرمهم، وضيّفهم، وذبح لهم، وأحسن استقبالَهم، وناقشوه بكُلِّ صراحة ووضوح وتشدد، وعندما غادروا صعدةَ وودّعتهم بعدها بيومين وسألتهم عن انطباعاتهم عن الزيارة لصعدة فقالوا لي: نحن منبهرون بالصمَّـاد!.

لقد كان رجلاً قُــرْآنياً، وطرحه عميقاً جداً، يمتلك قدراتٍ رهيبةً وبليغة ومؤثرة، وكان مجلسُه يكتظُّ بالزوار والوافدين من كُـلِّ المحافظات بشكل يومي، وكذلك الزوار الخاصّون من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية يستقبلهم ويجلس معهم في منزله بمحافظة صعدة؛ ولهذا إن الكثيرَ يعرفونه من قبل أن يُصبِحَ رئيساً، لقد كان حديثُه مع الجميع يُثلِجُ الصدور، ويضفي السكينة والطمأنينة على كُـلّ زوار محافظة صعدة بمختلف مستوياتهم، وكل من عرفه وجلس معه قبل الرئاسة وبعدها شهد له بذلك، وكانت له صولات وجولات في زيارة المديريات بمحافظة صعدة، وتنشيط وتحريك العمل الثقافي وَمَـدِّ جسور البناء والتواصل مع كُـلّ المحافظات…. البقية يتبع غدًا في الحلقة الثانية إن شاء الله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com