الخبر وما وراء الخبر

السعودية وقطر.. في مواجهة الروس صواريخهم وبوتينهم!26-10-2015

115

ذمار نيوز -مقالات

بقلم / عبدالباري عطوان

إنهار اجتماع فيينا الرباعي الذي ضم وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة وتركيا والمملكة السعودية، بينما نجحت الدبلوماسية الروسية في شق المعسكر العربي المعارض للرئيس الأسد، وتهميش الدور القطري في الملف السوري، كما أصرت موسكو على ضم كُلٍّ من إيران ومصر في بحث الأزمة السورية، فهل ستلجأ السعودية وقطر إلى الخيار العسكري من خلال تمدد “عاصفة الحزم” لسوريا؟

الثلاثي (الأميركي التركي السعودي) يريد أن يحقق النتيجة نفسها التي تم التوصل إليها في العراق وليبيا واليمن، أي تغيير “النظام السوري” سلماً أو حرباً، حرباً من خلال التدخل العسكري أو الاحتلال، وسلماً من خلال عملية سياسية تؤدي إلى قطع رأس السلطة، أو تنحيه، على غرار ما حدث في اليمن، ولكن النتائج في الحالات الثلاث جاءت كارثية بالنسبة إلى الشعوب، وعدم استقرار وارهاب بالنسبة إلى الجيران.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال كلمة السر الأهم عندما خرج بعد الاجتماع ليعلق “إن الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد”، بينما كان السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي أكثر دبلوماسية هذه المرة، عندما قال “اجتماع فيينا أكد على عدم وجود موقف مشترك بشأن مصير الأسد”.

قبل اجتماع فيينا بأيام جرى تسريب أنباء تفيد بوجود خطة تتضمن انطلاق مرحلة انتقالية في سورية لمدة ستة أشهر، يستمر خلالها الرئيس الأسد في السلطة شريطة وجود ضمانات برحيله في نهايتها، وأثارت زيارة الرئيس الأسد الخاطفة لموسكو ولقاؤه مع أركان القيادة الروسية تكهنات كثيرة حول وجود مصداقية لهذه الخطة، وذهب البعض، وفي أوساط المعارضة السورية خاصة، إلى القول إن الهدف من الزيارة هو إبلاغ الرئيس السوري بهذه الخطة، لكن ديمتري باسكوف المتحدث باسم الرئيس بوتين نفى أي علم للكرملين بهذه الخطة، وجاء تصريح لافروف بالتأكيد على أن الشعب السوري هو من يقرر مصير رئيسه، ليعمق من قبرها.

التطور الأهم في رأينا الذي برز رأسه بقوة في اجتماعات فيينا، هو نجاح القيادة الروسية في “شق” المعسكر العربي المعارض للرئيس الأسد الذي تبلور في بداية الأزمة، ويمكن رصد هذا التطور في ثلاث نقاط.

  • الأولى: إخراج الأردن من المعسكر السعودي التركي جزئياً أو كلياً، وانخراطه في المعسكر الروسي السوري الإيراني، بطريقة أو بأُخْــرَى، ويتضح ذلك من خلال توصل لافروف، وبعد اجتماع مع وزير الخارجية الاردني ناصر جودة، في فيينا إلى “اتفاق على تنسيق العمليات الجوية والعسكرية في سورية”، وهذا يعني تكوين غرفة عمليات مشتركة من ضباط وعسكريين من الجانبين كمقدمة للقضاء على “جيب” المعارضة السورية في درعا.
  • الثانية: إصرار لافروف على توسيع دائرة الدول المنخرطة في بحث الأزمة السورية، وضم كُلّ من إيران ومصر اليها، أي عدم تركها حكراً على الدول الأربع، الأمر الذي يعني “تعويمها” بطريقة أو بأُخْــرَى.
  • الثالثة: نجاح الدبلوماسية الروسية في تهميش الدور القطري في الملف السوري، ولو على صعيد الجهود السياسية على الاقل، ويتضح هذا من الغاء امير قطر، تميم بن حمد زيارة قال انه كان ينوي القيام بها إلى موسكو الأُسْبُـوْع الحالي، كلفتة احتجاجية.

وكان لافتاً أن القيادة الروسية لم تعلق مطلقاً على هذه المسألة، ومن المعروف أن قطر لعبت دوراً رئيساً منذ بداية الأزمة السورية، سياسياً وعسكرياً وإعلامياً.

ما يمكن استنتاجه من كُلّ ما تقدم أن روسيا متمسكة بالرئيس السوري، وأن دعوته إلى موسكو جاءت لتكريس هذا الموقف وتعزيزه، مما يسقط معظم الروايات التي قالت بعكس ذلك، وأثبتت انها مجرد تمنيات لا أكثر ولا أقل، حتى أن رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف كتب على صفحته على “الفيسبوك” قائلاً: “إن الأسد كان هادئاً ومتزناً كما كان عليه عندما قابله قبل خمس سنوات”.

السؤال المطروح الآن هو حول الخطوة التي يمكن أن يتخذها المعسكر السعودي بعد انهيار لقاء فيينا، وتمسك القيادة الروسية بالرئيس الأسد؟

للإجابة على هذا السؤال لا بد من التوقف عند تطورين مهمين يشيان بالكثير بالنسبة لما يكن اتخاذه من خطوات تصعيدية كرد على التدخل الروسي في سورية:

الأول: الزيارة التي يقوم بها حالياً إلى تركيا فريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان رئيس هيئة أركان الجيش السعودي للتحضير لدعم عسكري سعودي موسع “للمعارضة السورية المسلحة”، وكان الدكتور نواف عبيد المستشار في السفارة السعودية في واشنطن قد أكد على حسابه على “التويتر” أن صواريخ “تاو” المضادة للدروع التي في حوزة “المعارضة السورية”، جاءت من السعودية التي اشترت 13795 صاروخاً منها، من أميركا بقيمة 900 مليون دولار.

الثاني: تصريحات خالد العطية وزير الخارجية القطري لـ”سي أن أن” قبل بضعة أيام التي قال فيها إن بلاده ترحب بالموقف السعودي الذي عبر عنه السيد الجبير، ويهدد باللجوء إلى الخيار العسكري في سورية، وأضاف: “إن قطر لا تستبعد الخيار العسكري إذَا جاء لحماية الشعب السوري من “وحشية النظام” على حد تعبيره، وأضاف: “سنقول نعم لهذا الخيار بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى.. وهناك العديد من الطرق لدعم المعارضة”.

هل ستتمدد “عاصفة الحزم” في صيغتها الثانية إلى سورية؟

هذا الاحتمال، وبالنظر إلى التهديدات السعودية وارد، ولكن إذا تم تبني الخيار العسكري فإنه لن يكون ضد “النظام السوري” وحده، وإنما ضد روسيا وحلفائها، فإذا “عاصفة الحزم” الأولى تواجه صعوبات جمة في اليمن، فهل ستكون صيغتها الثانية أفضل حظاً في سورية، وفي مواجهة الروس وطيرانهم وصواريخهم وبوتينهم؟

الإجابة متروكة للأيام والشهور المقبلة.

* رأي اليوم.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com