السعودية ودول عربية تفاجئ أمريكا بتأييدها لخطاب نتنياهو
سكوت الأنظمة العربية على استمرار عربدة كيان الاحتلال الصهيوني في الأراضي المحتلة أمر متوقع لكن أن يصل الحال ببعض الأنظمة العربية إلى مواقف التأييد العلني لما يقوم به الكيان الصهيوني فهذا الذي لم يكن متوقعا حتى من الراعي الأول لهذا الكيان وهو الولايات المتحدة.
هذا ما كشفت عنه مصادر سياسيّة رفيعة في واشنطن والتي أبدت رضاها التّام من ردود الفعل في عددٍ من الدول العربيّة، التي وُصفت بالسُنيّة، من خطاب وزير الخارجيّة الأمريكيّ، جون كيري، الذي تضمنّ اعترافًا واضحًا وجليًا بكيان الاحتلال.
صحيفة (هآرتس) العبريّة ذكرت عبر مراسلها السياسي أنّ دولاً مثل مصر، الأردن والمملكة العربيّة السعوديّة أصدرت بيانات دعمٍ رسميّةٍ ومتحمسة جدًا بالمبادئ التي ساقها كيري في خطابه حول المفاوضات المستقبلية للتوصّل لما يسمى اتفاق سلامٍ بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأوضحت المصادر عينها أنّ وزارة الخارجيّة الأمريكيّة تنظر بعين الرضا إلى التأييد الذي حصلت عليه مبادئ الوزير كيري، من الدول العربيّة السُنيّة، وذلك على خلفية اعتراف الوزير بيهوديّة إسرائيل.
ووفقا لـ”رأي اليوم”، فقد ساقت المصادر الأمريكيّة قائلةً إنّ كيري أوضح في خطابه، وبشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل، أنّه يدعم إقامة دولتين، واحدة يهوديّة والأخرى عربيّة، مُشدّدًا على أنّه يجب الطموح إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الدوليّ، والذي يحمل الرقم 181، والقاضي بتقسيم البلاد إلى دولتين يهوديّة وعربيّة، التي تعترف الواحدة بالأخرى، وتمنحان حقوقًا متساويةٍ لمواطنيهما.
ولفتت المصادر الأمريكيّة إلى أنّ ردود الفعل العربيّة على الخطاب، لم تشمل تحفظًا من هذا المبدأ، أيْ حلّ الدولتين، الأمر الذي يعني، بحسب المصادر، أنّ الدول العربيّة عبّرت عن تأييدها غير المشروط بخطاب رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، والذي أعلن فيه عن تقبّل إسرائيل لحلّ الدولتين، في العام 2009، عندما تحدّث في جامعة بار-إيلان الإسرائيليّة، فيما سُميّ منذ ذلك الحين “خطاب بار-إيلان”.
ونقل المُراسل الإسرائيليّ باراك رافيد عن مسؤولين كبار في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، والذين شاركوا في صياغة خطاب كيري، يوم الأربعاء الماضي، نقل عنهم قولهم إنّ ردود الفعل في العالم العربيّ مُشجعة كثيرًا، تمامًا مثل ردود الفعل في دولٍ أوروبيّةٍ مثل ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبيّ أيضًا، بحسب تعبيرها. بالإضافة إلى ذلك، قالت المصادر إنّ دولاً عربيّةً أخرى أعلنت رسميًا وعلنيّةً عن تأييدها لما ورد في خطاب كيري، مثل قطر، البحرين والإمارات العربيّة المُتحدّة.
وكشفت المصادر الأمريكيّة نفسها في حديثها للصحيفة الإسرائيليّة، كشفت النقاب عن أنّه بعد مرور عدّة دقائق من انتهاء كيري من إلقاء خطابه، توالت المكلمات الهاتفيّة من وزراء خارجيّة أجانب، الذين عبّروا عن تأييدهم للخطاب. ولفتت المصادر إلى أنّ الوزير كيري فوجئ من ردّة الفعل في العالم العربيّ، مُوضحةً في الوقت عينه أنّ عددًا من وزراء الخارجيّة العرب اتصلوا هاتفيًا بوزير الخارجيّة الأمريكيّ، بُعيد الخطاب وقالوا له بالحرف الواحد إنّهم انتظروا هذا الخطاب عشرات السنين،، على حدّ تعبيرهم.
وشدّدّت المصادر الأمريكيّة الرفيعة في سياق حديثها للصحيفة العبريّة على أنّ الدول العربيّة التي أعربت عن تأييدها غير المشروط بما ورد في خطاب كيري، هي نفس الدول التي يقول رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، إنّه طرأ تحسّنا دراماتيكيًا في علاقاتها مع إسرائيل، وتساوق سياستها مع تل أبيب في العمل المُشترك من أجل وقف التمدد الإيرانيّ في منطقة الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أنّ المباحثات بين الدول السُنيّة وإسرائيل تجري بكثافةٍ ولكن بسريّةٍ كاملةٍ، مُضيفة أنّ نتنياهو يصبو إلى توقيع اتفاقيات سلام منفردة مع هذه الدول، دون الأخذ بعين الاعتبار الموقف الفلسطينيّ، كما صرحّ أكثر من مرّةٍ خلال العام المنصرم رئيس الوزراء الإسرائيليّ نفسه. ولكن بالمُقابل، قالت المصادر السياسيّة الرفيعة في واشنطن إنّ الوزير كيري توصّل إلى نتيجةٍ من خلال مباحثاته مع المسؤولين العرب مفادها أنّه لا توجد دولةً عربيّةً واحدةً على استعدادٍ لتليين موقفها من إسرائيل، طالما يتواصل الجمود السياسيّ مع الفلسطينيين، على حدّ تعبيرها.
هذا وقد عبّر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية في الرياض عن ترحيب السعودية بالمقترحات التي طرحها وزير الخارجية الأمريكيّ جون كيري حول الحلّ النهائي للنزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ. وأوضح المصدر أنّ المملكة ترى بأنّ المقترحات تتماشى مع غالبية قرارات الشرعية الدولية وعناصر مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية في 2002، وقمة مكة الإسلاميّة في 2005، وتُشكّل أرضيةً مناسبة لبلوغ الحل النهائي للنزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، على حدّ تعبيره.
من ناحيته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إنّه لمس في خطاب كيري اتجًاها صادقًا، وإنْ جاء متأخرًا، نحو تسوية النزاع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ بصورة عادلةٍ ودائمةٍ ونهائيةٍ ورؤية متوازنة إلى حدّ بعيد لمحددات الحلّ النهائيّ بصرف النظر عن الاتفاق أوْ الاختلاف مع بعض ما حملته هذه الرؤية من تفاصيل لا يُمكن حسمها إلّا من خلال العملية التفاوضيّة نفسها، كما أكّد أبو الغيط في بيانٍ رسميٍّ.
يأتي ذلك في الوقت الذي يهرول فيه ملوك وأمراء الخليج إلى الارتماء في الحضن الإسرائيلي بشكل غير مسبوق.