انفجار معركة معادات السامية في الغرب وتآكل الرواية الصهيوني
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
26 ديسمبر 2025مـ – 6 رجب 1447هـ
منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة، يخوض الكيان الصهيوني معركة موازية لا تقل شراسة عن عدوانه العسكري، على جبهة الرأي العام الغربي، في محاولة محمومة لاحتواء الانهيار المتسارع في صورته، واستعادة تعاطفٍ بُني لعقود على الأكاذيب والتضليل الإعلامي والدعم السياسي الغربي الأعمى. ومع اتساع رقعة الجرائم في غزة، بات هذا التعاطف يتآكل بوتيرة غير مسبوقة، كاشفًا زيف السردية الصهيونية التي طالما حظيت بالحماية.
وفي هذا السياق، كثّف العدو الإسرائيلي جهوده الدعائية تحت عناوين “مكافحة معاداة السامية” و”التصدي لخطاب الكراهية”، في محاولة لإعادة إنتاج نفسه كضحية، وتحوير بوصلة الغضب الشعبي بعيدًا عن جرائمه.
وآخر هذه المحاولات، دعوة وزير خارجية العدو، جدعون ساعر، يهود الدول الغربية إلى الهجرة نحو الكيان الغاصب، بذريعة تصاعد ما وصفه بـ”التهديدات المعادية للسامية”، مستغلًا حادثة إطلاق نار استهدفت احتفالًا يهوديًا في مدينة سيدني، والتي جرى توظيفها إعلاميًا للترويج لخطر عالمي مزعوم يهدد اليهود خارج فلسطين المحتلة.
وتتقاطع هذه الدعوات مع استراتيجية قديمة لجأ إليها العدو عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث استغل حالة عدم الاستقرار في أوروبا الشرقية لاستقطاب موجات هجرة يهودية، في وقت يواجه فيه مؤشرات مقلقة على الهجرة العكسية وتراجع الشعور بالأمن داخل الكيان نفسه.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة ديلي تليغراف البريطانية أن أكثر من 60% من اليهود في بريطانيا يفكرون في مغادرتها، وفق استطلاع أجرته جهة تُعرف بـ”جمعية مكافحة معاداة السامية”، فيما قال أكثر من نصف المشاركين إنهم لا يرون مستقبلًا طويل الأمد لهم في المملكة المتحدة.
وفي فرنسا، أقر ما يُسمى بالمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بأن 62% من جرائم الكراهية الدينية منذ عام 2023 طالت اليهود، بينما أظهرت دراسات رسمية في ألمانيا تنامي مشاعر العزلة والإقصاء لدى اليهود الألمان، في مؤشر لافت داخل واحدة من أكثر الدول الأوروبية دعمًا للكيان الصهيوني.
أما في الولايات المتحدة، فقد حذر الرئيس ترامب من تصاعد ما سماه “معاداة السامية” داخل الحياة السياسية، ولا سيما في الكونغرس، في تعبير واضح عن القلق الصهيوني من اهتزاز الحاضنة الأمريكية التقليدية.
ويرى مراقبون أن هذا الخطاب لم يعد يُستخدم لرصد حوادث فردية بقدر ما تحوّل إلى أداة سياسية لقمع التضامن مع فلسطين، وتجريم التظاهرات والأنشطة الطلابية المناهضة للاحتلال، بزعم أنها تغذي الكراهية ضد اليهود. وفي هذا الإطار، يدفع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وأوروبا باتجاه سنّ قوانين وإجراءات عقابية تُطوَّع لها المنظومات القانونية الغربية، في محاولة لاحتواء حالة الوعي المتنامية بعد أن باتت جرائم الإبادة في غزة تلاحق الصهاينة في عواصم العالم وجامعاته.
وكشفت حرب الإبادة على غزة، بما لا يدع مجالًا للشك، الوجه الحقيقي للصهيونية، سواء داخل الأراضي المحتلة أو في المجتمعات الغربية، حيث شكّل الحراك الشعبي والطلابي الواسع في الولايات المتحدة وأوروبا أحد أبرز عوامل فضح الإجرام والوحشية الصهيونية.
وفي مواجهة هذا التحرك الإنساني، صعّد مسؤولون صهاينة وأعضاء في الكونغرس الأمريكي من لهجتهم خلال زياراتهم إلى الأراضي المحتلة، معترفين بأن “المعركة لم تعد في فلسطين وحدها، بل في شوارع أمريكا وجامعاتها”.
هذا الاستنفار الصهيوني المتصاعد يعكس قلقًا حقيقيًا من انكشاف زيف الرواية الصهيونية، وسقوط الصورة التي عمل العدو على ترسيخها في الوعي الغربي لعقود.
ويؤكد مراقبون أن ما يجري يُعدّ إحدى نتائج وبركات “طوفان الأقصى”، الذي لم يفضح فقط جرائم العدو، بل عرّى أيضًا شعارات الحرية وحقوق الإنسان التي يرفعها الغرب، حين تُقمع الأصوات المتضامنة مع فلسطين، بينما يُغضّ الطرف عن أبشع الجرائم بحق شعب أعزل.
